دمشق تعود مسرحاً للتصوير.. وتسهيلات بالجملة
لم تعرف الدراما السورية خلال السنوات الماضية موقعاً للتصوير خارج البلاد، إلا في حالات نادرة. لكنّ الأزمة فرضت واقعاً جديداً، مع تنفيذ أعمال عدة في خارج البلاد، في وقت كانت الإمكانيات الرسمية موضوعة تحت تصرف المخرجين الذين يصوّرون في الداخل.
في السابق، كان المخرجون السوريون يكتفون بالتصوير داخل مساحات الأراضي السورية، مستفيدين من مواقع طبيعية متنوعة، وتسهيلات ضخمة للتنفيذ. وقلما غادرت الكاميرات السورية إلى الخارج باستثناء أعمال اقتضت طبيعتها أن تنفذ في أماكن أخرى كالمغرب («صقر قريش»، «ربيع قرطبة»، «ملوك الطوائف» لحاتم علي). بينما نفذ المخرج التونسي شوقي الماجري أحد أضخم أعماله «هدوء نسبي» العام 2009، في سوريا، وصوّر مشاهده بين حماه وتدمر ودير الزور ليعطي صورة أقرب لمدينة بغداد وباقي المناطق العراقية. لكنّ واقع الحرب السوريّة فرض حتى على مخرجي البلاد، أن يولوا عدساتهم شطر مناطق أخرى، فاتّجه بعضهم إلى لبنان كما في «قلم حمرة» و«منبر الموتى»، أو الجزائر كما في «مرايا»، في حين أصرّ جزء آخر على البحث عن مناطق آمنة للتصوير في الداخل السوري.
المفارقة أنَّ هذا الواقع قد يتغيّر في المستقبل القريب، إذ تؤكد المعلومات أن المنتجة اللبنانية رولا تلج صاحبة شركة «مون اند ستارز» قد طرقت باب «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» بهدف الشراكة على عملَين هما: «حرائر» للكاتبة عنود خالد، والثاني عن رواية «نازك هانم» للينا هويان حسن. شراكة تؤكّد المديرة العامة للمؤسسة ديانا جبور أنَّ الهدف منها ليس البحث عن تسهيلات للتصوير، «بل لأنَّ العمل السوري من الطبيعي أن يصوَّر في سوريا، ليؤمّن فرص عمل بالإضافة للدعم المعنوي من فعل العمل والحياة»، بحسب قولها.
بدوره، يقول مدير الإنتاج أشرف غيبور إنّ التصوير في سوريا ورغم كل ما جرى، ما زال أقلّ كلفة من باقي البلاد العربية. ويضيف في اتصال مع «السفير»: «تشمل التكاليف أجور المواقع والفنيين وصولاً إلى المسائل اللوجستية كالطعام، والإقامة، وأجور الممثلين التي تبقى ثابتة بالرغم من اختلاف مواقع التصوير». ويرى غيبور أنّ التسهيلات التي قدّمتها الدولة السوريّة شكّلت عاملاً أساسياً في تشجيع شركات الإنتاج على التصوير في سوريا. ويقول مراقبون لكواليس الصناعة الدراميّة، إنّ الدولة ما زالت تمنح كل التسهيلات للتصوير، إذا ما كانت الرقابة موافقة على النصّ. فمسلسل مثل «باب الحارة» استغرق وقتاً طويلاً لتتم إجازته، لكنّ الشركة المنتجة كانت مرنة مع التعديلات المطلوبة رقابياً، لأنّه كان من مصلحتها التصوير داخل سوريا.
الحديث عن مسألة التسهيلات بذاته، يبدو مثيراً للاهتمام، إذ سبق أن أعطت السلطات السوريّة الإذن باستخدام العتاد الحربي لتصوير معارك ضخمة وأجواء المواجهــات في عشرات الأعــمال الدرامية، وصولاً إلى التصوير في مناطق ســاخـنة كما فعل المخرج نجدت أنزور حين نفذ مشاهد من مسلسله «تحت سماء الوطن» في بلدة داريا التي ما زالت تشهد عمليّات عسكريّة.
يشير المخرج عقبة الناعم إلى الاستعانة بمؤسسات وزارة الدفاع في مشاهد المعارك الحربيّة. ويقول : «استعنا بأسلحة وذخائر ومتفجرات وفنيين في التفجير في مواقع تشبه مواقع القتال، وفي مرات أخرى اضطررنا للتصوير في مكتب وزير الصناعة الذي فتح مقار الوزارة يوم الجمعة، ومكتبه الشخصي، لإضفاء طابع الواقعية على المشهد». وتلك حالة تتكرر خلال التصوير في الجامعة والمستشفى الجامعي كما يؤكّد الناعم، بأجور رمزية، ومجاناً أحياناً. ويرى المخرج أن السبب وراء التوجه خارج سوريا، يكمن في صعوبة تجميع عدد كبير من النجوم داخل دمشق، ناهيك عن وجود ممثلين عرب لن يحضروا إلى بلاد فيها حرب. ويعقّب قائلاً: «كان باستطاعة المخرج أن يجد خيارات عدة لكلّ شخصيّة، ولكن هذا لم يعد متوفراً الآن، فهناك المجاميع والكومبارس وأماكن التصوير. كل مكان في سوريا كان مرشّحاً ليكون موقع تصوير مسلسل ما، من فيلا فخمة إلى بيوت متواضعة في منطقة عشوائيّة. وهذا أيضاً لم يعد متاحاً فمدينة مثل دمشق لم تعد مفرودة أمام الكاميرات».
طارق العبد
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد