دمشق عصية.. وزهران علوش يتابع «مغامراته»! و«الجبهة الجنوبية» بعد «الموك».. هل تقع بيد الإسلاميين؟

17-09-2015

دمشق عصية.. وزهران علوش يتابع «مغامراته»! و«الجبهة الجنوبية» بعد «الموك».. هل تقع بيد الإسلاميين؟

لا طريق إلى العاصمة دمشق إلا انطلاقاً من الجبهة الجنوبية في درعا والقنيطرة، أو من الغوطة الشرقية.
وقد أقرّت «الجبهة الجنوبية» بفشل «عاصفة الجنوب» مقرّرةً وقفها، الأمر الذي أثار موجة عارمة من الغضب قد تؤدي، في ما تؤدي إليه، إلى نزوح المسلحين باتجاه الفصائل الأكثر تشدداً، مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» و «أحرار الشام»، لا سيما في ظل معلومات حول سعي هذه الفصائل إلى استثمار حالة الغضب لإقناع المسلحين بمبايعتها.
أما الغوطة الشرقية، فبالرغم من العملية العسكرية التي دخلت أسبوعها الثاني بقيادة «جيش الإسلام»، إلا أن جميع المؤشرات تدل على أن هذه العملية ليس لها أي أفق استراتيجي، وأهدافها الحقيقية أكثر تواضعاً مما يجري تداوله في بعض وسائل الإعلام التي ذهب بعضها إلى حد القول بأنها بمثابة الرد على «التدخل» الروسي.
وتثور العديد من الشكوك حول حقيقة ما يجري في درعا، والسبب وراء صدور إعلان رسمي أقرّ صراحة بفشل «عاصفة الجنوب» ووقف العمل بها، ومن ثم تسريب معلومات حول غضب «غرفة عمليات ألموك» على الفصائل المشاركة في العملية، ومعاقبتها بقطع السلاح والرواتب عن قادتها وعناصرها، الأمر الذي أثار موجة عارمة من اليأس والإحباط في صفوف هؤلاء. وبحسب ناشطين محليين من درعا، كان لهذا الأمر تأثير مباشر على بعض مسلحي «الجبهة الجنوبية» الذين فضّلوا ترك أسلحتهم والعودة إلى حياتهم المدنية، بعد أن شعروا أن الطريق العسكري وصل إلى حائط مسدود، بينما اتخذ بعض قادة الفصائل قراراً نهائياً بالابتعاد والهجرة. وفي هذا السياق يؤكد أحد الناشطين أن قائد فصيل مسلح، لم يذكر اسمه، وصل إلى ألمانيا ضمن اللاجئين الهاربين.
ولا تقتصر التداعيات على حالات رمي السلاح أو تفضيل اللجوء، فالجبهة بكاملها يمكن أن تنهار، بعد أن فقدت الرئة التي كانت تتنفس من خلالها، وهي «غرفة ألموك» التي كانت تمدها بالمال والسلاح والخطط الجاهزة. ويعتبر البعض أن مسارعة السعودية، عبر أجهزة استخباراتها، إلى استدعاء قادة «الجبهة الجنوبية» للاجتماع بهم تحت ذريعة أداء مناسك الحج، يأتي في سياق محاولة منع انهيار الجبهة وإعادة هيكلتها من جديد بما يخدم أهداف المرحلة المقبلة.
إلا أن ذلك لا يلغي وجود مخاوف حقيقية لدى بعض قادة الفصائل من أن يؤدي هذا التلاعب بـ «الجبهة الجنوبية»، وتشويه سمعتها وتهديد وجودها إلى نتائج لا تحمد عقباها. وفي هذا السياق قال مصدر في «الجيش الأول»،  إن وقف «عاصفة الجنوب» وقطع إمدادات «ألموك» قد يدفع العديد من القادة والعناصر إلى البحث عن رزقهم في أماكن أخرى، مشيراً الى أن هذه الأماكن تتلخص حالياً في «داعش» و «النصرة» و «الأحرار»، لأنها الوحيدة القادرة على احتواء هذا العدد من المسلحين العاطلين عن العمل. ما يعني في النهاية أن من قرر إنهاء «عاصفة الجنوب» أراد بشكل أو بآخر القضاء على «الاعتدال» في درعا وإحلال التشدد مكانه، مبدياً تخوفه من أن يكون ذلك تمهيداً لمخطط تسعى من خلاله بعض الجهات الإقليمية إلى إيجاد ذرائع للتدخل مباشرة في المحافظة.
وبغض النظر عن وجود مثل هذا المخطط أم لا، فإن الوقائع على الأرض تؤكد أن الفصائل التكفيرية، مثل «داعش» و «النصرة» و «أحرار الشام»، تسابق الوقت من أجل محاولة استقطاب أكبر عدد ممكن من مسلحي «الجبهة الجنوبية» وغيرها من الفصائل التابعة إلى «الجيش الحر»، سعياً إلى فرض هيمنتها على المحافظة الوحيدة التي لا يزال «الجيش الحر» يحظى فيها بتواجد قوي نوعاً ما.
وكان أبو تحرير الأردني، القيادي في «جبهة ثوار سوريا في درعا»، أعلن انضمامه إلى «لواء شهداء اليرموك» المتّهم بمبايعته لتنظيم «داعش». كما استطاع الأخير استقطاب أبو ياسر الكناكري وهو «أمير شرعي» في «جبهة النصرة في الجنوب»، بينما تؤكد معلومات حصلنا عليها أن بعض الفصائل الصغيرة بايعت «أحرار الشام» سراً، وسوف تعلن عن ذلك في الوقت المناسب.
في المقابل، اتخذت «ألوية العمري» إجراءات صارمة لمنع المدنيين والعسكريين من عبور منطقة اللجاة، بسبب الخشية من أن يكون السبب هو الذهاب لمبايعة «داعش». وهو ما يؤكد أن «الجبهة الجنوبية» تقف بالفعل أمام مفترق خطير، وقد تجد نفسها أمام مصير مماثل لمصير مدينة إدلب التي سيطرت عليها الفصائل الإسلامية المتشددة، ومنعت «حكومة الائتلاف السوري المعارض» من دخولها. وهذا يعني أن جبهة درعا لا تشكل في هذه المرحلة أي خطر على العاصمة دمشق، لأن ترتيب الأمور فيها وإعادة هيكلة الفصائل، وظهور آثار الحج السعودي عليها، يحتاج إلى وقت طويل نسبياً.
وتحييد خطر «الجبهة الجنوبية»، يجعل أي حديث عن تغيير موازين القوى في دمشق انطلاقاً من الغوطة الشرقية من قبيل «البروباغندا» الإعلامية، لأن الهجوم على دمشق لن تكون له أي فاعلية ما لم يتم عبر محورين أو أكثر. وبناء عليه فإن العملية العسكرية التي يقودها زعيم «جيش الإسلام» زهران علوش ليس لها أي أفق استراتيجي في قلب معادلات العاصمة، بغض النظر عن بعض النتائج التكتيكية التي يمكن أن تترتب عليها. وهو ما يستدعي التساؤل عن سبب هذه العملية وغايات علوش الحقيقية من ورائها.
في البداية، تنبغي الإشارة إلى أن معركة «الله الغالب» ليست أول معركة يقوم بها علوش في محيط دمشق، فقد سبق له اقتحام مدينة عدرا العمالية أواخر العام 2013، وبعدها اقتحام الدخانية أواخر العام 2014، بينما اختار في هذه المعركة أن يتجه نحو ضاحية الأسد. وهي جميعاً من المناطق الموالية للنظام في سوريا.
هذا التسلسل يدل على أن إطلاق المعارك لا يرتبط بأي تطور استراتيجي تشهده الساحة السورية، بل يأتي في سياق واحد هو محاولة علوش كسر الحصار الذي يفرضه الجيش السوري على معاقله في الغوطة الشرقية منذ حوالي سنتين. وبأضعف الأحوال في حال فشله في كسر الحصار، يحاول الوصول إلى بعض البلدات المأهولة أو المستودعات للحصول على إمدادات تعينه على تحمل تبعات الحصار مؤقتاً، أو اختطاف عدد من الأهالي لاستخدامهم في الضغط على الجيش السوري. وتشير بعض المعلومات أن «جيش الإسلام» تمكن بالفعل من اقتحام مستودعات «الأشغال» وإفراغها من محتوياتها التي تتكون في معظمها من مواد بناء وبعض خزانات الوقود، كما تمكن من اغتنام بعض الآليات.
وهناك هدف آخر قد يكون وراء إطلاق معركة «الله الغالب» هي محاولة الوصول إلى التلال المحيطة بحرستا وضاحية الأسد من أجل استخدامها في قصف العاصمة، حيث يكون القصف في هذه الحالة أكثر فاعلية، وكذلك من أجل التأثير على خط المواصلات البديل الذي يربط بين حمص ودمشق والذي يمر بمحاذاة مدينة التل بعيداً عن حرستا.
وتجري الاشتباكات حالياً على مسافة تقدر بحوالي ثلاثة كيلومترات، تمتد بين محطة الأمان وبين معرض بيجو للسيارات على الاتستراد الدولي دمشق ـ حمص الذي يمر في مدينة حرستا، حيث تنتشر بعض المقالع والكسارات على التلال المحاذية. وبالرغم من أهمية هذا الاتستراد، إلا أن وجود خط بديل عنه يمر عبر مدينة التل يخفف من تبعات إغلاقه جراء الاشتباكات الدائرة.
وحسب مصدر ميداني، سعى زهران علوش إلى إحراز نصر سريع، عبر تركيز الهجوم على بعض النقاط غير العسكرية وغير المحصنة، مثل المقالع والكسارات و «كازية رحمة»، لذلك عندما اقترب من الأهداف المهمة اصطدم بمقاومة قوية وعجز عن تحقيق أي تقدم، كعجزه عن اقتحام ضاحية الأسد أو السيطرة على جبل أبو زيد المطل على حرستا.
ومع دخولها أسبوعها الثاني، وصلت معركة «الله الغالب» إلى طريق مسدود يشبه ما وصلت إليه من قبل كل من معركتي عدرا العمالية والدخانية، وأصبح زهران علوش أمام خيار صعب، إما الاستمرار في حرب استنزاف لا أمل له بتحقيق أي تقدم فيها، خاصة بعد وصول التعزيزات إلى الجيش السوري، وإما الانسحاب مستفيداً من الطريق الذي لا يزال مفتوحاً أمامه باتجاه دوما قبل أن يغلق الجيش السوري الدائرة عليه بالكامل.
ولا يمكن استبعاد أن تكون الظروف التي مرت بها الغوطة الشرقية في الآونة الأخيرة، وشهدت خروج تظاهرات شعبية مطالبة بإسقاط زهران علوش، واندلاع خلافات بين «جيش الإسلام» وفصائل أخرى على إدارة الأنفاق، من الأسباب التي اضطرت علوش إلى إطلاق معركته الجديدة، مستهدفاً تلميع صورته وإعادة تقديم «جيشه» كقوة مشغولة بمواجهة النظام وليس فقط بسلب المواد الغذائية وتعذيب المعتقلين. وهنا يعبر بعض النشطاء عن خشيتهم أن تكون حملة علوش ضد النظام في ضاحية الأسد مجرد تمهيد لتنفيذ المخطط الحقيقي له، وهو الاتكاء على هذه الحملة وبعض النتائج التي حققتها من أجل استخدامها في استكمال تصفية خصومه داخل الغوطة بعد ذلك.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...