دول الاتحاد الأوروبي والقبعة الأمريكية
الجمل: بعد انتهاء الحرب الباردة الذي أعقب تفكك الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، برزت الكثير من الفرص في منطقة الشرق الأوسط امام بلدان أوروبا الغربية (الاتحاد الأوروبي حالياً)، والتي كانت آنذاك الأكثر تأهيلاً لاستغلال وتوظيف هذه الفرص بما يعظم المنافع الأوروبية اقتصادياً وسياسياً.
• الإرث الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط:
كانت فرنسا تسيطر على شرق المتوسط ما عدا فلسطين والأردن، وأيضاً على المغرب العربي باستثناء ليبيا، أما بريطانيا فكانت تسيطر على كل المنطقة المتبقية من خارطة العالم العربي إضافة إلى إيران وباكستان والهند.. وبعد تراجع النفوذ البريطاني تقدم الأمريكيون واستطاعوا ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب البريطاني من الخليج العربي، وباكستان، واستطاعوا تمديد نفوذهم على إيران خلال فترة حكم الشاه، وأيضاً على تركيا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
• الموقف الأوروبي ومعضلة الـ(تجاذبات):
يرتبط الأوروبيون مع أمريكا وفقاً لملف (علاقات عبر الأطلنطي) ومع منطقة الشرق الأوسط وفقاً لملف (علاقات عبر المتوسط).
بعد انتهاء الحرب الباردة، أصبحت منطقة الشرق الأوسط مكشوفة تماماً أمام عودة النفوذ الاوروبي الغربي، وكانت بلدان هذه المنطقة أكثر استعداداً للتعامل مع القوى الأوروبية الغربية.
ولكن على ما يبدو، فقد فضل الأوروبيون التنسيق مع الولايات المتحدة، وذلك لأنها عوّدتهم على عدم التحرك باستقلالية خالج حظيرة (علاقات عبر الأطلنطي).. وهنا بدأت الأخطاء الأوروبية الغربية الفادحة تتكرر، ويبدو ذلك واضحاً في الأداء السلوكي الأوروبي إزاء: ملف حرب أفغانستان، ملف احتلال العراق، الأزمة اللبنانية، وملف أزمات الصراع العربي الإسرائيلي.
• الاتحاد الأوروبي والركوب في قاطرة التبعية الأمريكية:
بدأت أمريكا تنفيذ مخطط احتواء النزعة الاستقلالية الأوروبية عبر خطوات متدرجة، بدأت بـ(الشراكة مع أمريكا) وانتهت بالانزلاق نحو (التبعية لأمريكا).. وكانت البداية في الشراكة العسكرية بين أمريكا وأوروبا في حرب الخليج الأولى، ثم في حرب يوغسلافيا، وعملية توسيع الناتو.. وفي الوقت الذي كانت أمريكا تتعامل مع الأوروبيين على أساس الشراكة، فقد كانت من الناحية الأخرى تتقدم بانفراد في ملء الفراغات الاستراتيجية الموجودة في الشرق الأوسط، فقامت بنشر قواعدها العسكرية في الخليج، ووطدت وجود أساطيلها في المحيط الهندي، وبحر العرب، ومياه الخليج العربي.. دون أن تدعو الأوروبيين لإقامة القواعد المشتركة، كذلك ربطت معظم دول المنطقة باتفاقيات شراكة أمنية- عسكرية- سياسية- اقتصادية، دون أن تدعو أي طرف أوروبي للدخول في هذه الشراكة.
وبعد أن أكملت أمريكا سلسلة تحالفاتها الثنائية، ووضعت يدها على منابع النفط الشرق أوسطي في الخليج العربي وأذربيجان وآسيا الوسطى، أصبحت لا تلتزم بالحوار والتفاهم مع الأوروبيين، بل تقوم باتخاذ القرارات المصيرية بشكل منفرد، بحيث يتوجب على الأوروبيين فقط القبول والتأييد وتقديم الدعم للتوجهات الأمريكية.
• دول الاتحاد الأوروبي.. والـ(طاقية) الأمريكية:
بعد أن أكملت أمريكا غزو واحتلال افغانستان، وبدأت قواتها تواجه خطر المقاومة المسلحة، عمدت إلى الخروج غير المعلن من افغانستان، وتحميل المسؤولية المالية والعسكرية لحلف الناتو.. أي لدول الاتحاد الأوروبي.
وحالياً بعد أن سيطرت أمريكا على نفط العراق والخليج العربي.. فإنها تعمل على دفع الأوروبيين لفرض المقاطعة، وبكلمات أخرى، أن يقطع الاوروبيون روابطهم مع إيران، بحيث تحرم الدول الأوروبية نفسها من النفط والغاز الإيراني، وتحرم بنوكها أيضاً من الودائع المالية الإيرانية، وتحرم الشركات الأوروبية من بيع منتجاتها للأسواق الإيرانية.
وهكذا أمر التبعية، أن يعمل الأوروبيون ضد مصالحهم ومن أجل خدمة المصالح الأمريكية وذلك على غرار فحوى ومضمون نظرية علم آليات السيطرة والتبعية في النظام الدولي الجديد.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد