ذاكرةٌ جليديّة

18-07-2016

ذاكرةٌ جليديّة

قد تبدو فكرة تخزين عيِّنات من الجليد سخيفة، لكن ذلك لن يثني فريقًا من العلماء عن الذهاب في آب المقبل الى قمة جبل «مون بلان» في فرنسا لأخذ عيِّنات جليدية وحفظها في القطب الجنوبي للذكرى، اذ يبدو أن حياة الجليد على هذا الجبل مهدّدة بفعل الاحتباس الحراري.
يقول مدير مختبر علوم الجليد والجيوفيزياء في غرونوبل جنوب شرق فرنسا جيروم شابلاز: «لا نفعل ذلك بهدف التسلية» بل للاحتفاظ بأثر شاهد طبيعة جبل مون بلان الذي يرجح ان يذوب عنه الجليد في المستقبل.
سيتوجه نحو 12 عالم جليد من فرنسا وإيطاليا وروسيا الى قمم الجبل على ارتفاع 4300 متر، في مرتفعات «الألب» الفرنسية ـ الإيطالية، ليمضوا بضعة أيام في استخراج العيِّنات الجليدية. وستوضع هذه العينات التي تزن بضعة أطنان، في صناديق عازلة للحرارة، لتحلّل واحدة منها في مختبر غرونوبل لاستخراج نتائج علمية تكون متاحة لكل الباحثين في هذا المجال. أما العينتان الباقيتان، فستنقلان الى قاعدة كونكورديا الفرنسية الإيطالية في القطب الجنوبي، في العام 2019 أو 2020.
كذلك ستجري عملية مماثلة في ربيع العام 2017 في جبل «ايليماني» في بوليفيا، على ارتفاع 6300 متر، في ظروف أصعب بكثير. والهدف من هذه العمليات هو الاحتفاظ للاجيال المقبلة بذكرى تشهد على ان هذه المرتفعات كانت مغطاة بالجليد قبل ان يودي بها ارتفاع الحرارة، وان تكون هذه الكميات مادة للباحثين.
ومن جليد جبل «مون بلان»، يمكن للباحثين ان يدرسوا آثار التلوث والنشاط الصناعي في أوروبا على مدى قرن. ويقول شابلاز: «لدينا مثلا عينة من مادة السيزيوم 137 تعود الى العام 1986» حين وقعت كارثة تشرنوبيل النووية. ويضيف: «نظرًا الى التطور التقني السريع، لا يمكننا توقع ما ستكون عليه المقدّرات العلمية بعد خمسين سنة أو مئة، أو ما اذا سنكون قادرين على درسه أو فهمه من معلومات تتعلق بالبيئة والمناخ وعلوم الاحياء». ويتوقع الباحث ان تتركز دراسات كثيرة حول تطور الفيروسات والبكتيريات التي تكون عالقة في الجليد.
وفي ظل التغيّر المناخي، يتوقع العلماء أن يذوب الجليد الذي يغطي جبال «الألب» عند مستوى 3500 متر وما دون في آخر القرن الحالي، مثلما ذاب الجليد عن مرتفعات «شاكالتايا» على ارتفاع 5300 متر، في بوليفيا العام 2009.
ويضيف شابلاز: «بعد خمسين سنة، سيكون لدى البشر إمكانات علمية أكبر، ولكن قد لا يبقى لديهم جليد محفوظ منذ عقود أو قرون في مواقع كثيرة من العالم، ولهذه الغاية اطلق هذا المشروع». وستوضع العينات الجليدية في «ثلاجة طبيعية» هي القطب الجنوبي، حيث تتدنى الحرارة الى خمسين درجة تحت الصفر من دون الحاجة الى ثلاجات وتيار كهربائي.

(أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...