ذكرى «إعلان حقوق الإنسان»..والعالم أقلّ إنسانية!
بعد غد الأربعاء، يحتفل العالم بالذكرى الستين لتاريخ إقرار »الإعلان العالمي لحقوق الإنسان« من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في باريس، في العاشر من كانون الأول .١٩٤٨ وسيُنظَّم لهذه المناسبة حفل رسمي في فرنسا، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية ومنظمات غير حكومية في قصر شايوه حيث وُضع الإعلان وأُعلن.
فضلاً عن الحفل الباريسي الرسمي، من المنتظر أن تشهد دول العالم تظاهرات واسعة في هذا اليوم، احتجاجاً على التدهور الذي بلغته أوضاع حقوق الإنسان في أرجاء الأرض. فـ»الإعلان« الذي ألهم القانون الدولي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومهّد لمجموعة شرعات دولية لاحقة (مثل حقوق الطفل والمرأة والسجين)، لم يحقق غايته وظلّ مثار جدل يطفو إلى الواجهة عند كل تقرير يصدر عن مجموعة أو منظمة حقوقية، حول انتهاكات في بلد ما.
وعلى أهميته، لم يتمكن هذا الإعلان من منع وقوع إبادة جديدة في رواندا في العام ،١٩٩٤ وما يزال عاجزاّ أمام درء أبسط الانتهاكات اليومية في العالم، من أكثر الدول فقراً إلى أغناها. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى عدم تمتع الإعلان بأي طابع إلزامي. وهو ما سمح لدول الاتحاد السوفياتي آنذاك والسعودية وجنوب أفريقيا بالامتناع عن التصويت له، فيما أقرّته جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
رغم ذلك، فأهمية الإعلان الرئيسية تكمن في أنه كان الملهم الرئيسي للقوانين المحلية والدولية الملزمة، في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في ما يتعلق بالحقوق الإنسانية العامة والخاصة. وأهمها »المعاهدة الدولية ضد التمييز بحق النساء« التي أبرمت في العام ،١٩٧٩ و»المعاهدة الدولية ضد التعذيب« (١٩٨٤)، و»المعاهدة الدولية لحقوق الطفل« (١٩٩٠). كما كان الملهم لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في العام ،١٩٩٨ ولنظرية »حق التدخل« لتقديم المساعدة الإنسانية، الذي نظّر له خاصة وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير.
ويرى البعض، مثل وزير العدل الفرنسي السابق روبير بادينتر، أن »حقوق الإنسان« تبقى بمثابة »إيديولوجيا« لا يمكن لها أن تحسم اليقين، ومن هنا تشكيك بعض المفكرين والدول في »عالميتها«، واعتبارها مجرد »أفكار« تعكس رؤية محض غربية. وقد أوضح بادينتر خلال محاضرة ألقاها مؤخراً في باريس أن »هناك تيارا سياديا يقول إن كل واحد سيّد في بلاده، وتمثله بالمقام الأول الصين وفنزويلا وكوبا وبورما، وتيار إسلامي يعتبر أن حقوق الإنسان هي نتاج فكر ديني مُنزل«.
ويرى هذا الناشط المدافع بشدة عن الطابع العالمي لحقوق الإنسان ان العالم دخل مرحلة »تراجع« على هذا الصعيد، مع اعتداءات »١١ أيلول« وما تلاها من سياسات »كارثية« اعتمدتها الولايات المتحدة ثم الديموقراطيات الأوروبية، تحت شعار »مكافحة الإرهاب«، قائلاً »لقد أنكرنا ما ندعي الدفاع عنه وسنتحمل العواقب لفترة طويلة«.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد