ساعة أحمد لم تنفجر في الصفّ... بل على مواقع التواصل

18-09-2015

ساعة أحمد لم تنفجر في الصفّ... بل على مواقع التواصل

منذ أحداث 11 أيلول، وعلى وقع موجات التضليل الإعلامي والسياسي، يعيش الكثير من الأميركيين حالة حادّة من رهاب الإسلام والمسلمين. حالةٌ تغذّيها وسائل الإعلام باستمرار، ما يشكّل أرضاً خصبة لخطاب عنصري، وكاره للعرب والمسلمين، تحت شعار «محاربة الإرهاب». تغلغلت «الإسلاموفوبيا» في المجتمع الأميركي المتعدد العروق والديانات وحتى الجنسيات، فخلقت داخل كل مواطن أميركي مخبراً، أو ضابط أمن جاهزا دائما لاتهام أيّ كان بالإرهاب... وذلك ما وقع فيه الفتى ذو الأصول السودانية أحمد محمد (14 عاماً)، عندما ابتكر ساعة رقميّة، وأخذها معه إلى مدرستهالطالب الأميركي أحمد محمد محاطاً بعائلته، خلال حديثه لوسائل الإعلام الأميركيّة في تكساس أمس الأوّل (أ ف ب) مدرسة ماك آرثر الثانوية ببلدة أرفنغ القريبة من دالاس بولاية تكساس الأميركية، لتقديمها لمعلّمته في صفّ الهندسة. ولاحقاً، خلال حصّة اللغة الانكليزيّة، أصدرت الساعة صوت تنبيه، لتفاجئه المدرّسة بالقول إنه يحمل قنبلة. وما كان من الإدارة إلا أن اتصلت بالشرطة فألقي القبض عليه، واقتاده خمسة ضباط شرطة للتحقيق معه في مركز للأحداث، بعد تفتيش أغراضه.
مع شيوع الخبر، تحوّل أحمد محمد إلى نجم في الإعلام الأميركي وعلى مواقع التواصل. صحيفة «دالاس مورنينغ نيوز» المحلية في ولاية تكساس، كانت أوّل من نشر حكاية الفتى الذي ظنت الشرطة انه إرهابي لمجرد اختراعه ساعة. خبر الصحيفة انتشر على نطاق واسع في الداخل الأميركي يوم الأربعاء الماضي، وسط تركيز على أن «أحمد مسلم، اخترع ساعة ولم يخترع قنبلة». وسأل كثيرون لو كان محمد أبيض ومن ديانة أخرى، فهل كان ليتمّ التعاطي معه بالطريقة ذاتها؟ نسي الجميع اختراع أحمد، وتحوّلت قضيّته إلى وسم عبر مواقع التواصل IStandWithAhmed (أنا أقف مع أحمد)، تمّ التغريد عبره أكثر من مليون مرّة خلال اليومين الماضيين. وتداول المغرّدون صورةً لأحمد وهو مكبّل اليدين، ويرتدي قميصاً كتب عليه شعار وكالة الفضاء الأميركيّة «ناسا».
شارك في التغريد عبر الوسم شخصيات فنيّة وسياسيّة في الولايات المتحدة، بينها مؤسس ومالك «فايسبوك» مارك زوكربرغ الذي كتب عبر صفحته الرسميّة على الموقع، إنّ محمد مرحّب به في مقرّ الشركة. كذلك انضمّت المرشحة لرئاسة الجمهوريّة الأميركية هيلاري كلينتون إلى المدافعين عن أحمد، وكتبت عبر حسابها على «تويتر»: «الظنون والمخاوف لا تبقينا آمنين، بل تحدّ من تقدّمنا. أحمد ابقَ فضولياً، واستمرّ بالبناء». كما غرّد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي توجّه لـ «الإرهابي الصغير» بالقول: «ساعة «كول» يا أحمد، هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض؟ يجب أن نعطي الأطفال الإلهام ليحبّوا العلوم، هذا ما يجعل أميركا عظيمةً».
كذلك غرّدت «ناسا» عبر حسابها على «تويتر» صورةً تظهر طلّاباً من أعراق وديانات مختلفة، مع تعليق: «نحن ندعم تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، وندعم الأطفال مثل أحمد لاستكمال طموحاتهم».
تركيز الصحف الأميركية على ديانة محمد ساهم في تأجيج القضية، إذ ظهر والده في لقاءات مع عدة وسائل إعلامية أميركية مندّداً بـ «الخوف من الإسلام»، فيما أكدت صحيفة «واشنطن بوست» أن اعتقال الطالب جاء بالدرجة الأولى لكون اسمه أحمد. كما تداول مستخدمون على «تويتر» صوراً للأب يقدّم البيتزا للصحافيين المرابطين أمام منزله.
بعد تدخّل شخصيات عامّة في قضية الطالب، تحول اهتمام وسائل الإعلام الأميركية إلى «صدى الحادثة»، فنشرت شبكة «ايه بي سي» الأميركية تقريراً خاصاً حول دعوة الرئيس الأميركي محمد لزيارة البيت الأبيض، وهو النهج ذاته الذي سارت عليه معظم وسائل الإعلام في ما بعد، وبينها شبكة «سي بي أس»، وغيرها.
الإعلام العربي بدوره التقط الحادثة، ولكن من وجهة نظر أخرى، إذ زخرت المواقع والصحف وحتى الشاشات العربيّة بالتقارير التي تتحدّث عن «الفتى المسلم مخترع الساعة». لتغدو الساعة البسيطة «إنجازاً إسلامياً» أثار أميركا بأسرها.
رغم مأساويّة الصورة، يبقى الفائز الوحيد في هذه، القضية السياسة ذاتها. إذ إنّ قصّة أحمد ستطوى بعد أيّام، بعدما استغلّت لتسجيل النقاط السياسيّة، وسيبقى طلاب المدارس في الولايات المتحدة يتعرّضون للتمييز على أساس عرقي وديني. لكنّ أحمد حقّق إنجازاً إعلاميّاً مهمّاً، فبجانب شهرته السريعة، بادر موقع «تويتر» إلى توثيق حسابه بإشارة زرقاء، وبلغ عدد متابعيه خلال اليومين الماضيين 78.9 ألف متابع.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...