ستحط الحرب رحالها يوما ً .. كيف ستكون سورية آنذاك؟
ستحط الحرب رحالها يوماً ... توقعات مختلفة ومختلطة لهذا المستقبل المجهول ، خاصة في ظل التطورات الكثيرة التي حملتها السنوات الخمس الماضية من عمر الأزمة " مطالب شرعية .. انتخابات رئاسية .. مجموعات مسلحة .. تنظيمات إرهابية.. دعم خارجي.. وقمم على جميع المستويات".. كل ذلك ولا يزال أفق الحل غير واضح بالعين المجردة، ما يدل -إن دل على شي- أن هذا الأفق لايزال بعيداً..
مجموعة من المحللين السياسين وذوي الخبرة اعطوا استشرافهم لما ستؤول إليه الأمور
وكان لكل منهم تصوره
د. مهدي دخل الله وزير اعلام سابق ومحلل سياسي
الحرب على سورية كأي حرب لا يمكن توقع نهايتها زمنياً لأن للحرب منطقها اللامنطقي إذ أنها تحمل تطورات غير خطية وغير متوقعة حيث لا يكون هناك رابط منطقي بين الأحداث ولا تؤدي المقدمات إلى نتائج منطقية .
لكن -دائما هناك لكن- على التحليل تتبع الخيوط المنطقية أي أخذ المقدمات والعوامل بعين الاعتبار واستخدامها كمعايير لتوقع خواتيم محددة للحرب :
المعيار الأول هو أن طرفي الحرب واضحان تماماً، الإرهاب وداعموه من جهة مقابل دولة لها شعب وجيش ومؤسات من جهة أخرى.
هذا المعيار يفرض إستحالة انتصار الإرهاب على شعب متمرس على المواجهة بطبيعته بغض النظر عن التفاصيل.
المعيار الثاني هو أن الحرب على سورية عالمية بامتياز ولابد في النهاية أن تصل إلى حل يشارك فيه العالم لكنه يبنى أصلاً على مقدرة الشعب السوري على الصمود.
المعيار الثالث أنه لابد في النهاية من حوار جدي بين السوريين كان الرئيس الأسد قد اقترح إطاره في 6-1-2013
ومن المفيد الإشارة إلى أن الطرح كان ديمقراطياً لأنه اقتصر على المنهج ولم يفرض أي مضمون للحوار .
ويبدو أنه على مشارف الحل منطقياً وليس زمنياً، فعلى مايبدو أنه سيكون مستنداً إلى حوار جدي في العاصمة بين كل من حمل السلاح ضد الإرهاب ولم يعتمد على الجيش العربي السوري وإنما دافع عن مناطقه في مواجهة الإرهاب، والطرف الثاني للحوار هو الدولة الشرعية السورية باعتبارها دولة مسؤولة عن جميع سكانها كما ورد في القرار الأممي 2254 .
طبعاً ربما أن الحديث هنا يذهب إلى ( قوات مجلس سورية الديمقراطية) التي واجهت الإرهاب ولم تصطدم مع الجيش الوطني، لكن أيضا هناك مجموعات حاربت الإرهاب وتقف مع الدولة في أماكن عديدة (نبل والزهراء ) على سبيل المثال لا الحصر، الطرف الثالث هو المعارضة الوطنية غير المسلحة .
من وجهة نظر العلوم السياسية فإن الحوار بين غير المتساويين ينبغي أن يخرج بنتائج تتناسب مع هذه البنية ، إذ لايجوز أن يكون رأي الدولة التي تمثل غالبية المواطنيين موازياً لرأي من يمثل الأقلية، إضافة إلى ذلك لايجوز أن يكون رأي الدولة التي حمت غالبية الجغرافية السورية وحررت أكبر المساحات التي سيطر عليها الإرهاب مساوياً لرأي من حرر أجزاء محدودة وحمى قسما أقل من المواطنيين .. هذا هو التفكير الديمقراطي.
في هذا الإطار لاشك في أن يتفق المحاورون في دمشق- وفي دمشق فقط- على تعديلات معينة للدستور والتي في غالبيتها ستكون تعديلات غير أساسية لكنها ضرورية، ثم بعد ذلك يمكن أن تقوم انتخابات برلمانية جديدة المهم اليوم هو الانتصار على الإرهاب قبل كل شيء.
أما البعد الدولي فلا شك في أن "التوازن الدولي الجديد" سوف يصل في النهاية إلى قناعة بضرورة إيقاف دعم الإرهاب من الخارج وخاصة أن تركيا تنزف هي الأخرى الآن نتيجة ماقدمت يداها ضد سورية.
وقد يصل العالم قريباً – روسيا وأمريكا بشكل خاص- إلى حل توافقي للقضية الفلسطينية" يسمونه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي"، وهو ما سيؤدي إلى تحالف علني بين الخليج وإسرائيل ماستعتبره الولايات المتحدة نصراً كبيرا في الشرق الأوسط يخفف من غلوائها في دعم الإرهاب.
د. منذر خدام أكاديمي سياسي .عضو في هيئة التنسيق الوطنية سابقاً
الواقع السوري اليوم في منتصف عام 2016 ، أي بعد نحو خمس سنوات ونيف من الصراع العنيف بين النظام ومعارضيه يختلف كثيراً عن عام 2011، وبالتالي لا يجوز سياسياً النظر إليه من منظار عام 2011 بل من منظار ما هو عليه اليوم. الواقع على الأرض اليوم يقول أن ما كان حراكا شعبيا في عام 2011 يرفع مطالب مشروعة تتعلق بتغيير النظام إلى نظام ديمقراطي حقيقي، يعلي من شأن الحرية والمسؤولية والقانون، اختفى اليوم في عام 2016، لتحل محله قوى متطرفة إرهابية تطرح مشروعاً سياسياً لا مصلحة للشعب السوري فيه، بل على الضد تماماً مما كان يطالب به السوريون في عام 2011. أما من جهة النظام فهو لم يتغير، كان منذ البداية حراكاً إرهابياً كما هو عليه اليوم، وفي ذلك مغالطة سياسية كبيرة دفعت سورية وشعبها بسببها ثمناً باهظاً.
إذاً المشهد اليوم يرسمه طرفان داخليان هما النظام من جهة وهو لا يزال يعاند التغيير، وقوى إرهابية متطرفة. هذان الطرفان الداخليان صارا من جراء التدخلات الدولية في الشأن السوري، وصراع المصالح على أرض سورية مجرد أدوات في هذا الصراع، فهما لا يستطيعان تقرير أي شيء يخص سورية. لقد غابت سورية(نظاما ومعارضة) عن كل القرارات الدولية التي صدرت بخصوص أزمتها، حتى فيما يخص وقف الأعمال العدائية فهي تتلقى الأوامر من الخارج. سورية اليوم بجملة واحدة بلد مدمر على كل الصعد، العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفاقدة لحرية إرادتها السياسية، ولذلك فإن إعادة بنائها لن يكون أبدا كما كانت، بل ينبغي أن تكون جديدة في كل شيء إذا أريد لها أن تستمر كسورية.
السيناريو الأكثر احتمالا من وجهة نظرنا للخروج من الأزمة يقوم على العناصر الآتية:
أ- استمرا القتال حتى القضاء نهائياً على القوى الإرهابية المتطرفة بدعم روسي وغطاء سياسي أمريكي وهذا سوف يأخذ سنوات أخرى.
ب- سوف تظل المعارضة السياسية مختلفة فيما بينها، رغم ما يجري الحديث عنه مؤخرا من العمل على توحيدها، فهي تبحث للأسف عن الموقع وليس عن الدور، إضافة إلا أن أغلبها ليس حر الإرادة، تتنازعها الأجندات الخارجية.
ت-تراجع النفوذ التركي والسعودي في الداخل السوري، من جهة بسبب الضغط الروسي الأمريكي، ومن جهة ثانية بسبب تفجر الأزمات الداخلية في البلدين.
ث-التفاهمات الروسية الأمريكية حول توزيع مناطق النفوذ، وحول الأدوار المستقبلية في المنطقة، خصوصا بعد نقل ثقل الاهتمام الأمريكي الاستراتيجي إلى الشرق الأقصى.
في داخل هذا الإطار لا أرى للأسف حلا سورياً قريباً، وإن فرص فرض حل من الخارج تكبر باستمرار. لكن مهما كان الحل فلن تعود سورية كما كانت، لقد انتهى عهد الحزب الواحد إلى غير رجعة. أغلب الظن سوف تكون سورية في المستقبل ديمقراطية لا مركزية إدارية.
نبيل صالح (عضو مجلس شعب)
مازال السؤال مبكراً ، فقد قطعنا الشوط الأول من الحرب والشوط الثاني قد بدأ بعد هاذي (بالألف) الهدنة المترنحة.. فقد تأقلمنا مع طبيعة حياة الحروب وقد نستمر لعامين آخرين طالما لم تتعب يد السعودية ولم تنضب خزائنها بعد، وطالما المعارضة مازالت في حالة الإنكار.. غير أن النصر سيكون من نصيب الجيش العربي السوري لأنه على حق أولاً ولأن الدول الحليفة له جادة في حربها أكثر من أمريكا وحلفائها على المقلب الآخر .. وكما تنمو الغابات بأفضل مما كانت عليه قبل احتراقها فإن جذور الدولة السورية مازالت خضراء في نفوس الجمهوريين من السوريين، ولأن الدم واعظ فإن الأمم تتغير بعد الحروب. ستكون هناك سورية جديدة بعقد جديد وبحماية الجيش والقوى العقلانية التي ستستسلم له بعدما تتخلص من حالة الإنكار، أما مجموعات السلفية فسوف يباد أغلبها ويتقوقع الباقون على أنفسهم بانتظار فرصة جديدة.. لن تكون سورية عراقاً أو لبناناً أو صومالاً آخر، ولكنها بالتأكيد لن تكون هي ذاتها التي كانت في القرن الماضي..نحتاج إلى ماتبقى من قوتنا وصبرنا لكي نتجاوز هاذي (بالألف) الحرب التي أعادت تشكيل التحالفات الدولية وصياغة المجتمع السوري من جديد..
محمد سعيد حمادة (كاتب صحفي)
لم أحِدْ يومًا عن الاعتقاد أن سوريا الجديدة قادمة لا محالة. وهذا الاعتقاد ليس رغبة أو حلمًا لا أساس له، بل هو نتيجة معرفتي بواقع سوريا وبنية الدولة السورية ومتانة مؤسّساتها، وعلى رأسها المؤسسة الوطنية الجامعة، مؤسسة الجيش السوري.
قد يقول قائل إن مؤسسات الدولة مهترئة، أو أن الفساد ينخرها، والردّ بسيط، وهو أن منطق التاريخ يقول إن كلّ البلاد التي تعرّضت لحروب، يقوم جيشها الوطنيّ بتنظيف نفسه أوّلاً ومن ثم نفض الدولة كلّها وتنظيفها، وإن لم يفعل فقد أودى بالبلاد إلى الهلاك. وبعد أكثر من خمس سنين على الحرب العدوانية على بلدنا، تبيّن لكلّ ذي بصر وبصيرة أن جيش سوريا العظيم قادر على أن يفعل المعجزات
. فمن حارب أكثر من مائة دولة وضعت خيرة خبرائها واستراتيجييها في خدمة شذّاذ آفاق من جميع أصقاع الكون ومجموعات متناسلة من العملاء المحليين وانتصر عليها جميعًا وأفشل مخطّطاتها، فهو قادر على النهوض ببلاده وتعويض أبناء شعبه عمّا عانوه ومكافأتهم على صمودهم ودعمهم اللامحدود له.
من هنا يتولّد الاعتقاد أن سوريا حديثة قادمة بعزم جديد وشكل جديد. وها هي الشركات الكبرى في العالم تتنافس من أجل العقود والاستثمارات، وها هي الدول الكبرى تحاول جاهدة في أن يكون لها حصّة في إعادة الإعمار.
أمّا متى سيكون ذلك؟ فإن ما نراه اليوم من انتصارات مذهلة لجيش سوريا العظيم، ومن إدارة حكيمة صابرة من قيادته للحرب عمومًا، يؤكّد أن موعد الخلاص قريب قريب. ذلك أن مرحلة الطمأنينة والسلام والبداية بالإعمار الجديد تعقب الانتصار الساحق على الأرض
لودي علي
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد