سعاد جروس : صلاة النوم الكبرى
الجمل ـ سعاد جروس : أما وقد انتهت أيام الصوم الخمسيني بعيد الفصح والاحتفال بقيامة السيد المسيح بعد أسبوع من استذكار الآلام على طريق الجلجلة, وبالتالي انتهت أيام تلاوة صلاة النوم الكبرى المعروفة بصلاة «يا رب القوات» والتي تقام في الكنائس خلال فترة الصوم مساء أيام الاثنين والثلاثاء, والأربعاء, والخميس. وبما ان هذه الصلاة تعتبر طويلة على غير الرهبان بحسب كتاب الصلوات الكنسية, فإن كثيراً من الكنائس الرعوية ترتأي إجراء بعض الاختصارات فيها. ونحن بدورنا سنحاول إجراء اختصارات من دون تغيير أو تحوير لتتناسب مع الأسبوع الأخير الباقي لحملات الدعاية الانتخابية التي ستتوقف غير مأسوف عليها يوم الجمعة في 20 نيسان /ابريل الحالي طبقاً لتعميم وزارة الداخلية, لتبدأ عملية الاقتراع في 22 من الشهر ذاته في احتفال شعبي مهيب بعرس الديمقراطية بنسختها السورية المعدلة جينياَ, المنظفة والملمعة فتوشوبياً بأحدث برامج عرفتها المايكروسوفت, بدليل وجوه مرشحينا التي لم يأت عليها حب الشباب أو الكبار, ولا النمش أو الزيوان, وخالية من تجاعيد الزمان والهوان. فاستحقوا عن سابق إصرار وتصميم وصف عرسان وعرائس من فئتي الملائكة والحور العين, ولأجلهم نضطر لتجاوز الأعراف الكنسية ونرفع صلاة النوم الكبرى خارج أيام الصوم, لتعم بركتها نوابنا القادمين, على أمل أن تكون نومتهم النيابية أربع سنوات هانئة ولقمتهم مريئة وكبيرة. ولنتضرع بقلب واحد:
«يا رب, أرأف بي واستمع لصلاتي. إلى متى يا رب تستمر في نسياني؟ حتى متى تحول وجهك عني»؟
فيا رب القوات, ارحمنا ليس لنا في الأحزان معين سواك: المرشحون لم يتركوا لنا جداراً ولا شجرة ولا عمود كهرباء ولا حتى حبل غسيل إلا ونشروا عليه صورهم الملونة؛ وجوه مستبشرة وابتسامات مشرقة ووعود فاقعة لا حقيقة فيها سوى أكوام الليرات المهرهرة من أطراف جيوبهم الممتلئة على حياة عين الشعب المقهور المدحور.
«يا بني البشر حتى متى تثقل قلوبكم؟ لماذا تحبون الباطل وتبتغون الكذب؟ ما تقولونه في قلبوكم اندموا عليه في مضاجعكم... يا رب القوات ارحمنا».
أنا العبد لله السوري المكابد العنيد المهدود ظهره بالبطالة وارتفاع الأسعار والفواتير والضرائب, هزمني الفساد حتى صارت عظامي مكاحل, فيما المرشحون يشترون الأصوات بالبقرات السمان, يوزعونها في طرطوس وتروى أحاديثها في أرجاء البلاد... لله وحده اتضرع:
«ذبلت من الغم عيني, فهرمت بين جميع أعدائي. يارب ارحم... يا رب ارحم».
لا سبيل للخلاص إلا أنت يا رب, هؤلاء يحسبونها بالقرش, حتى دعايتهم الانتخابية لم تخل من إعلاناتهم التجارية, ـ للعلم فحسب: إعلانين في بوستر واحد ـ!! من الحلويات الشرقية إلى المنظفات المنزلية, فإذا لم يربحوا كرسي النيابة, لن يخسروا أموال الإعلانات على الرغم من انف مؤسسة الإعلان ـ ولمن لا يعرف, الإعلان مدسوس في كل سطر وحرف ـ!! فيا رب القوات, كن معنا ولا تتركنا نهباً لعقلية التجار الحربوقة, اللاعبة والمتلاعبة بالبيضة والحجر والكرسي. ليس لدينا ما لديهم من ذكاء ودهاء ورياء, وليس لدينا ما لديهم من قدرة على انتهاك القوانين والأنظمة, طالما أعراف الديمقراطية الوليدة تخولهم استباحة الشوارع والمرافق العامة بفوضى صورهم ولافتاتهم, فلم يوفروا جسور مشاة ولا رخام أنفاق جديدة «خلنج» طلَّعت أرواحنا قبل أن نكحل عيوننا بمرآها.
«ارحمني يارب, فإني سقيم, ونفسي قد اضطربت جداً, فارحمني بعظيم رحمتك, خلصني لأجل رحمتك».
لمن أشكو همي إلا لك يارحيم: السادة المرشحون أعموا بصرنا وبصيرتنا بملصقات طرشت خبط عشواء, فالمنافسة بأعرافهم الانتخابية تقضي بأن يشرشح المرشحون صور بعضهم بعضاً... وهات ياشرشحة, ثم بعد الشخبطة والشحبطة والتمزيق والتلزيق, يغدون جميعهم كقطط التكية, من ليس ذيله محروق, أذنه مقشوطة أو مقطوشة... يا رب ارحم يا رب أرحم.
«أيها الشعب السالك في الظلمة, أبصر نوراً عظيماً».
«يا جميع أجواق الأنبياء والشهداء, بما أن لكم الحياة الخالدة, تشفعوا فينا كلنا بلا انقطاع, لأننا جميعنا في الشدائد... يا رب استمع صلاتي, وليبلغ إليك صراخي, لا تصرف وجهك عني, أمل إذنك إلي في يوم ضيقي. أسرع إلى إجابتي أرجوك, فقد تلاشت أيامي كالدخان, واضطرمت عظامي كالوقود, أصيب قلبي ويبس كالعشب, وشابهت بجع البرية وصرت مثل بوم الأخربة. أعدائي عيروني النهار كله, لأنك بعد أن رفعتني طرحتني, فمالت أيامي كالظل. اللهم بادر إلى إغاثتي, يا رب أسرع إلى معونتي, وليقل في كل حين محبو خلاصك: تعظم نفسي الرب. أما أنا فبائس ومسكين, اللهم أعنِي».
بهذه المناسبة الجليلة, أسألك اللهم, أعن شعبك لغاية 22 من هذا الشهر وهي مدة صلاحية اصدق شعار انتخابي اجترحه مرشح حمصي يقول: كلنا يداً بيد لغاية 22 نيسان /ابريل, لأنه بعدها ابن امرأة لن يعرف ابن امرأة.
بالاتفاق مع الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد