سلب بالتراضي
600 مليار دولار حجم تجارة البضائع المقلّدة في العالم..!!
الرقم مثير للدهشة بضخامته، لكن ربما المدهش أكثر، هو نمو هكذا تجارة إلى حوالى 300 ضعف في عقدين ونصف من الزمن..؟!
الآن دعونا نسأل - ولعل هذا أكثر ما يهمنا في الموضوع - كم هي حصتنا نحن من هكذا تجارة وبضائع؟ وما الذي تحمله لنا الآن رياح التجارة العالمية، وتقاليد الأسواق المفتوحة؟
لا نعتقد أن ثمة إحصاءات دقيقة لدينا في هذا الاتجاه، لأن المسألة أعقد من أن يتم حصر وقائعها وأرقامها بدقة.
فأسواقنا تتغذى بالسلع عبر قنوات نظامية وأخرى غير نظامية "التهريب" وهذه الأخيرة طالما كانت مزدهرة ومنتعشة لها "أبطالها" وأفرزت أغنياءها، باختصار هي منظومة متكاملة لكنها في الظل.
حتى القنوات الرسمية- وهنا بيت القصيد - غمرتنا بتدفقات سلعية من كل حدب وصوب، والعنوان هو تجارة " الستوك" التي بدت رابحة في حسابات "التجار الجدد" لدينا، وقد وجدت لها رواجاً لانخفاض أسعارها هنا حيث سقطت مقولة " لست غنياً لأشتري رخيصاً".
مشكلتنا كبيرة، فأن نتحول إلى مقصد لبضائع الإنتاج التجريبي لدى من أراد التجريب، هذا يعني أننا نحوّل جزءاً كبيراً من مدخرات المستهلك، وموجودات البلد بالقطع الأجنبي نحولها مباشرة إلى حاويات القمامة!!
لا نريد أن تكون الحصة الأكبر من الـ 600 مليار دولار، من نصيبنا في حسابات النسبة والتناسب، لأن البضائع المقلّدة بالتأكيد زبائنها ليسوا في دول السوق الأوروبية ولا في أمريكا، بل في دول العوالم الأخرى ونحن منها بالطبع.
ثقافة " الستوك " تسيطر هذه الأيام على ذهنيات ثلّة كبيرة من تجارنا، وإن سيطرت على ذهنية المستهلك فهذا يعني أن التخريب وصل مواصيل عميقة أي المسألة تتعدى مجرد حفنة دولارات ليس إلّا.
لنعترف إذاً أن ثمة مشكلة كبيرة هنا وتكبر مع مرور الوقت.
فأن تغزونا السلع المغشوشة، هذا يعني "نهباً وسلباً" بالرضا وليس بالإكراه، لذا فلنبحث بجدية هذه المرة عن وسيلة تضمن الوقاية من ذلك الخطر القادم من أسواق " حلو ورخيص"!! ونؤكد على كلمة وقاية لأن المنعكسات تتعدى أحياناً البعد الاقتصادي، إلى مضمار الصحة العامة وهذا خط أحمر.
قلنا مراراً إن ثمة شركات مراقبة عالمية، هي من يتولى معايرة صفقات البضائع والسلع ، وبالتالي توريدها على مسؤوليتها.
ونحن لم نتعامل بتاتاً مع هكذا شركات، مع أنها شريك في العمل التجاري لدى معظم الدول، حتى معظم الدول العربية..؟!!
ماذا ننتظر..؟ هل ننتظر المواصفة القياسية المحلية.؟ وماذا إذا كان معظم السلع الداخلة إلى أسواقنا، غير واردة حتى الآن في جداول المواصفات المعتمدة محلياً؟
هل نعوّل على حرص المصدرين فيما وراء البحار، على سلامة سوقنا واقتصادنا ومستهلكنا؟ أم ننتظر أن يكتفي تجارنا ويقلعون عن "ابتزاز" أسواقهم..؟ دون أن نعرف إلى أين سيصل حد الكفاية لدى هؤلاء ؟
ناظم عيد
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد