سورية ستينية تبيع اليانصيب تحت بيوت أخوتها
«أنصار» سورية المولد والأصل والجنسية، مغتربة سابقة في ألمانيا، كانت تعمل مدرسة كمبيوتر طوال سنوات اغترابها، بلغت الستين من عمرها هذا العام، تبيع هذه الأيام ورق اليانصيب في شوارع دمشق.
يبدو الحديث عن أنصار مستغرباً كما هو الحال على الأرض فعلاً، إذ كيف يحدث بأن سيدة بهذا العمر وبهذه الخبرات والمقدرات تعمل بائعة يانصيب؟ ولماذا؟ فكيف لو علم المرء أنها افترشت الأرض وتلحفت السماء لأيام طويلة عقب عودتها إلى سورية؟ يبدو المشهد أكثر دهشة وغرابة!.
حقيقة القصة أن الرواس تعرضت لعملية غريبة الملامح وبعيدة عن أخلاقيات المجتمع السورية، فقد باع إخوتها بيتها في منطقة «المزة-فيلات شرقية» وهي في حياتها اليوم تدفع ثمن المقولة الشهيرة «القانون لا يحمي المغفلين».
وتروي الرواس حكايتها بصبر ودون دموع: وقعت ضحية ثقتي بأهلي وعلى يد محام يدعي أنه «حاج» وملتزم، فسقطت -حسب روايتها- في حبائل احتيال كبير مدروس بعدما وقعت لهم على ورقة لبيع عقارها بعد يوم واحد فقط من تثبيته بالطابو في السجل العقاري. اليوم تتنقل هذه السيدة التي وثقت بأهلها وإخوتها، من بيت قريب إلى آخر، ومن شارع إلى شارع، هناك تنام، وهنا تبيع ورق اليانصيب وتحاول، بل تجاهد، أمام القضاء الذي اعترف بحقها لإعادة ما سلب منها بأسرع وقت وقبل فوات الأوان.
وبرأي الرواس فإن «المضحك المبكي» هو أنه رغم قناعة حماة القانون بصدقها وبخطورة الاحتيال الذي وقعت به، إلا أنهم مضطرون أن يصبروا على استعمال الطرف الآخر لكل وسائل التسويف في الخصومة وإطالة أمدها، والمؤلم حسب حديث الرواس أن «إخوتها» اعترفوا بثقة وبفخر وبصوت عال جداً في المحكمة أنهم سيماطلون في القضاء عشرين سنة حتى «أموت ولن أصل لحقي»، والكلام للرواس.
ما تبقى لها من أقارب يعترفون بحقها، ولكن ما باليد حيلة فالخصوم إخوتها، والمارة في الشارع ممن يشترون منها ورق اليانصيب يسمعون حكايتها ويلقي كل واحد بدلو نصحه كأن تعود إلى ألمانيا «وشو بدك بوجع القلب»، بينما الثاني فيكتفي بالأسف، ليقر الثالث بأن إخوتها «بلا نخوة».. ولكل يوم في حياتها حكاية جديدة.
شهور مرت والمحاكم تؤجل قضية الرواس وفقاً للقانون، ولا جديد يلوح في الأفق وهنا تسأل الرواس: لماذا لا يعاد النظر بطريقة التوكيل أصلاً وعمل كاتب بالعدل؟ ولماذا لا تقر المحاكم بشأن هذه القضايا العاجلة فوراً؟
ويجدر ذكره أن السيدة أنصار تقوم بهذا العمل على مفترق الطرق المؤدية إلى بيوت أخوتها كنوع من إثارة الاهتمام والتأثير من المجتمع عليهم.
جابر بكر
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد