سوزان نجم الدين تقدم حلولاً لأزمة الدراما السورية
وقد بدأت نجم الدين الحديث عن ما اسمته «الوجع الأكبر» والمتمثل في غياب سياسة انتاجية واضحة فبغياب الاشراف على آلية الانتاج الدرامي غاب برأيها التنسيق بين شركات الانتاج وضاع القرار التلفزيوني وأخذ التناقض فيما بينها يأخذ اشكالات غير بناءة فتشابهت الموضوعات المطروحة، وتزاحم الشركات على تسويق أعمالها بطريقة تكسير الأسعار مما جعل السوق الدرامي السوري مكشوفاً وأوضحت نجم الدين بأن السوق الدرامية السورية بدلاً من ان تشكل بما يعرف في الاقتصاد بـ «سوق البائع» أي ان البائع هو الذي يتحكم بالاسعار نراها تفقد هذه الميزة وبسبب غياب السياسة الانتاجية المشتركة بين المنتجين تحول سوقنا الدرامي: الى «سوق المشترين» بفضل العارضين المنفردين وهذا برأيها يجعلنا تحت رحمة القنوات الفضائية الشارية في الوقت الذي بإمكاننا فيه ان نكون أصحاب القرار في ذلك وهذا يساعد على دعم صناعة الدراما السورية ليس كقطاع اقتصادي يدر دخلاً بالقطع الأجنبي، وانما كانتاج ثقافي يحمل رسالة تدعم توجهاتنا الثقافية والسياسية مشيرة الى الدور الذي تقوم به هوليوود في تمجيد القوة العسكرية الامريكية في العالم رغم كل الهزائم في فييتنام والصومال وافغانستان والعراق الى جانب دورها في تصدير القيم الامريكية الى مختلف اصقاع العالم في حين أننا لم ندرك فيه الدور الذي يمكن ان تقوم به الدراما السورية على الصعيد السياسي حيث أكدت نجم الدين أننا لم نحاول ان نستفيد منها لخدمة مواقفنا السياسية رغم ان هناك شعوباً عربية وأجنبية بدأت تتعرف على سورية وشعبها من خلال الدراما.
وترى نجم الدين ان الأمر مؤسف ان ينبه الاخرون لعنصر القوة في الدراما السورية قبل ان ننتبه نحن وهذا تجلى في البداية بدخول رأس المال العربي الى السوق الدرامية السورية الذي حول البعض الى منتجين منفذين وفرض عليهم أجندات سياسية لا تمت لمواقفنا بصلة فخرجت علينا أعمال سورية بالاسم حيث انها لا تعبر عن وجهة النظر أو المواقف السورية.
أما المشكلة الأكبر التي تراها نجم الدين انما تكمن في حالة الحصار التي تعيشها الدراما السورية حيث أصبح واضحاً ان هناك مؤامرة عليها لدورها في تعزيز الموقف السياسي السوري وقد تجلى هذا الحصار برأيها في سياق سلسلة من المحاولات لحصار سورية اقتصادياً وسياسياً وتحجيم حضورها الثقافي كما تجلى هذا الحصار في صعوبة توزيع وتصدير الاعمال السورية الى الخارج ومحاولة خنق المنتج السوري والدراما السورية من خلال عملية كسر الأسعاروتخفيضها الى حدود غير معقولة، من هنا تعتقد نجم الدين ان الوقت قد حان لاتخاذ خطوات عملية لإنقاذ الصناعة الثقافية من خلال تدخل الدولة لحماية هذا المنجز الثقافي والاستفادة منه وتوظيفه لتعزيز الحضور الثقافي والموقف السياسي السوري.
وتؤكد نجم الدين ان الحل الوحيد المجدي انما يكمن في ضرورة انشاء قطاع اقتصادي يرفع من سوية الانتاج ويساهم في عملية التوزيع لضمان الاستمرار لدرامانا وتأسف الى ان هذا المطلب الذي طرح منذ سنوات طويلة تحول لحلم لدى الفنانين وبالمقابل ذكرت انه عندما عانت الدراما المصرية في فترة من الفترات من تشتت قرار الانتاج وتفاوت جودة الأعمال التلفزيونية وانخفاض أجور الفنانين انشأ القائمون عليها قطاعاً اقتصادياً وربطوا قرار الانتاج بإدارة واحدة وهذا الإجراء برأي نجم الدين أعطى زخماً كبيراً للدراما المصرية لذلك رأت ان علينا ان نحذو حذوهم في هذا المجال لأن انشاء قطاع اقتصادي سيكفل سياسة انتاجية موحدة مما يمنع المنافسة المضرة بين الشركات المختلفة واستقلال القرار الانتاجي للتلفزيون السوري مما يحصن الفنان والمنتج السوري من الانجراف وراء مقولات الغير.
إذاً أحد الحلول التي تراها نجم الدين تكمن في انشاء قطاع اقتصادي ولكن هذا الحل برأيها لن يكون مثالياً ما لم يواكبه انشاء قنوات تلفزيونية سورية تختص بعرض أعمال الدراما السورية، وهذا يقع على عاتق الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون لكي تطلق قنواتها التلفزيونية والخطوة الأولى ان نبدأ بقناة واحدة، فاذا قيض لهذه القناة ان تنطلق فإنها كما تقول نجم الدين ستستقطب قسطاً وافراً من سوق الإعلان الذي يمكن ان يوفر لأعمال الدراما قيمة مادية أعلى وبهذا نخلق نوعاً من الاكتفاء الذاتي.
وترى نجم الدين في محاضرتها ان الاسهام الاخر في الحفاظ على مكانة الدراما السورية وتطويرها يقع على كاهل الإعلام وفي ان يقدم العون لصناعها ولفنانيها بحيث يروج لهم من خلال الحديث عن أعمالهم وهنا تطلب دوراً أكبر من الإعلام مما تفرده الصحف اليومية برأيها من مساحات للفن وللفنانين السوريين أقل من الطموح بكثير ولا يواكب حضور الدراما التلفزيونية الحقيقي في حين تؤكد نجم الدين ان بعض الصحف العربية تفرد صفحات للفن السوري لذلك دعت الى تعزيز العلاقة الايجابية بين الفن والصحافة المحلية لتمد له جسوراً للانتشار العربي.
وتعترف نجم الدين بأنها قد تكون مغامرة عندما أسست شركة «سنا» للانتاج الفني في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها صناعة الدراما السوريةلكنها مع هذا تؤكد تفاؤلها مراهنة في ذلك على الصبر والاصرار لتحقيق مزيد من النجاح والتطور لدرامانا المتألقة.
وفي نهاية المحاضرة التي قدمتها نجم الدين سألها الحضور مجموعة كبيرة من الاسئلة وقد ردت عليها بصراحة فعلى صعيد الهجوم الذي يتعرض له الفنان السوري من قبل بعض الفنانين المصريين أكدت انها كفنانة تعرضت كغيرها من الفنانين السوريين لهجوم ولترحاب موضحة ان الهجوم غالباً ما يكون من قبل فنانين درجة ثانية ومن قبل الصحافة الصفراء في الوقت الذي رحب بالفنان السوري من قبل النجوم الكبار الذين يحترمون أنفسهم، وعن سبب قبولها للعمل في مصر بينت نجم الدين انها ومنذ زمن تعرض عليها أعمال مصرية للمشاركة فيها ورأت انه في الفترة الأخيرة أحبت ان تخرج خارج سورية فما المانع من التجربة والاستفادة من تجارب الآخرين.
وأكدت نجم الدين في ردها على الأسئلة ان الدراما السورية لم تحقق النجاح نتيجة الفراغ الدرامي الذي كان موجوداً كما يعتقد بعضهم بل لأنها قدمت اعمالاً جيدة ومتميزة على صعيد الشكل والمضمون ولم تخف تفاؤلها بالكتاب والمخرجين الجدد الجيدين في الوقت الذي لا تنكر فيه تكرار بعض الموضوعات المتناولة في درامانا، مشيرةً كذلك الى ان الدراما السورية عالجت قضايا هامة.
يذكر ان الفنانة نجم الدين أطلقت باكورة انتاجها من خلال المسلسل الاجتماعي البوليسي الضخم «الهاربة» تأليف محمود الجعفوري واخراج زهير قنوع وبطولة نخبة كبيرة من فنانينا.. وكل ما نتمناه النجاح لهذه الفنانة في مشاريعها الفنية والتي تؤكد من خلالها على انها فنانة حقيقية بأعمالها وأحلامها.
أمينة عباس
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد