سيناريوهات الأحداث السورية القادمة
الجمل: تشير المعطيات الجارية إلى حدوث المزيد من التعقيدات في بيئة الحدث السوري الخارجية، وبفعل عامل التأثير المتبادل بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية، فقد أصبح الحدث السوري مرشحاً باتجاه تزايد الاحتقانات الخارجية، فما طبيعة العوامل الخارجية، وما هي مصداقية تأثيرها على سيناريوهات الأحداث السورية القادمة؟
* بيئة الحدث السوري الخارجية: ماذا تقول المعلومات؟
بدأ الأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم وشارف على دخول أسبوعه الثاني، وخلال هذه الأيام تزايدت فعاليات صدام القاطرة السورية، وما كان لافتاً للنظر هذه المرة تمثل في الآتي:
• السياق الجغرافي: انحصرت فعاليات الصدام في منطقة حماه وحمص، إضافة إلى دير الزور، وبقيت المناطق الأخرى ضمن النطاق المحدود المنخفض الشدة.
• المبادرة والسيطرة: سعت المعارضة السورية إلى تكثيف عمليات التعبئة الفاعلة في منطقة حماه ـ حمص ـ دير الزور ـ إضافة إلى بعض المناطق من ريف دمشق، واستطاعت السلطات السورية أن تقوم بعمليات استباقية أتاحت لها احتواء هذه الفعاليات إضافة إلى احتجازها ضمن مناطقها الأمر الذي أدى إلى منع انتقال عدوى هذه الفعاليات.
على خلفية انتقال زمام المبادرة من يد المعارضة في مناطق حمص ـ حماه ـ دير الزور ـ إضافة إلى ريف دمشق، فقد بدا واضحاً أن الجهد الرئيسي للصدام قد انتقل إلى بيئة الحدث السورية الخارجية، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات الآتية:
• صدور بيان رئيس مجلس الأمن الدولي، الذي ندد بظاهرة العنف السياسي السوري.
• تصريحات أمين عام الأمم المتحدة العام بان كي مون التي سعى من خلالها إلى استهداف دمشق.
• تصريحات الرئيس الروسي ديميتري ميدفيدف التي أدلى بها خلال لقاء صحفي وتحدث فيها مهدداً دمشق إذا لم تقم بإنجاز الإصلاحات المطلوبة، إضافة إلى القيام بإجراء مصالحة مع المعارضة.
• تصريحات وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، التي سعى من خلالها إلى توجيه الانتقادات والتلميح بالمزيد من الوعيد والتهديدات ضد دمشق.
• تصريحات وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه التي وصف فيها الإصلاحات المعلنة بأنها تشكل استفزازاً.
• تصريحات المندوب الروسي في رئاسة حلف الناتو التي اتهم من خلالها الحلف بأنه يخطط لعملية عسكرية محتملة ضد سوريا.
• تزايد تواتر العقوبات الجديدة التي استهدفت بعض رموز دمشق.
• تزايد تواتر التصريحات الرسمية الأمريكية التي تلمح لاحتمالات وشيكة بأن تقدم واشنطن باتخاذ موقف سلبي ازاء شرعية دمشق.
جاءت هذه الوقائع والتطورات الخارجية خلال فترة الثلاثة أيام الماضية، الأمر الذي نظر إليه معظم المحللين والمراقبين باعتباره ينطوي على المزيد من معطيات نظرية المؤامرة المصنوعة، خاصة أن هذه التطورات والوقائع تشكل سلسلة واحدة متشاكلة الحلقات.
* خارطة طريق المعارضة السورية: إشكالية المفاضلة بين "الجهد الداخلي" و"الجهد الخارجي".
تحليل الأداء السلوكي السياسي الخاص بفعاليات المعارضة السياسية السورية، يقودنا مباشرة إلى الحقائق الآتية:
• الأداء الداخلي: تسيطر عليه بشكل كامل عناصر جماعة الإخوان المسلمين السورية، الأمر الذي جعل من المعارضين العلمانيين مضطربين لجهة الالتزام بفعاليات المعارضة الأخوانية، والتي أصبحت حصراً تنطلق من الجوامع والمساجد، عقب صلاة الجمعة و عقب صلاة التراويح. وفي هذا الخصوص لاحظ الناس العديد من الشخصيات العلمانية المعارضة، وهي تبدو أكثر اهتماماً بأداء صلاة الجمعة وصلاة التراويح.
• الأداء الخارجي: ويتميز بالإنقسام بين ثلاث مجموعات، الأولى هي جماعة الإخوان المسلمين، وتحديداً بواسطة عناصرها المتمركزة في تركيا ـ الأردن ـ دول الخليج. والثانية هي مجموعة لندن والتي ترتبط بالمجموعات الصغيرة الموزعة بين العواصم الأوروبية، وهي خليط ديني ـ علماني ـ إثني. أما الثالثة فهي مجموعة واشنطن، وتتميز بالحضور النافذ للعناصر العلمانية وعلى وجه الخصوص المرتبطة بجماعات اللوبي الإسرائيلي، ورموز اليهود الأمريكيين وبالذات المرتبطين بدوائر اتخاذ القرار الأمريكي، إضافة إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووكالة الأمن القومي الأمريكي.
بالرغم من المظهر التكاملي التعاوني المعلن بين أطراف ورموز المعارضة السورية فقد بدا واضحاً على الجانب غير المعلن، وجود سباق تنافسي كبير بين جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على الفعاليات الداخلية والجماعات الأخرى التي تسيطر على الفعاليات الخارجية، وعلى وجه الخصوص المتعلقة بالتمويل والتحركات والاتصالات وبناء شبكات العلاقات العامة.
سعت خلال الأسبوع المنصرم، وتحديداً الثلاثة أيام الماضية، المعارضة الخارجية الموجودة في واشنطن لجهة القيام بمحاولة معادلة وموازنة كفة فعاليات معارضة الإخوان المسلمين الداخلية. وفي هذا الخصوص بدأ رموز المعارضة الخارجية المرتبطين بواشنطن وجماعات اللوبي الإسرائيلي وهم أكثر ظهوراً ضمن فعاليات بث قناة الحرة الأمريكية المباشر، وهم يطالبون الإدارة الأمريكية بفرض المزيد من العقوبات ضد دمشق.
توزع الأدوار بهذه الطريقة بين أطراف المعارضة السورية، يشير إلى وجود خارطة طريق خاصة بكل طرف، بحيث تسعى من جهة معارضة الإخوان المسلمين إلى تضخيم حضورها الداخلي باعتباره الرهان الأكثر مصداقية لجهة القضاء على خصمها المتمثل في خطر المعارضة العلمانية. وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى تسعى المعارضة العلمانية الخارجية من أجل تضخيم تحالفاتها القوية مع واشنطن عن طريق تفاهمات ما وراء الكواليس مع رموز جماعات اللوبي الإسرائيلي والجماعات اليهودية الأمريكية. بما يتيح لهذه المعارضة ضمان استخدام قوة واشنطن لاحقاً من أجل استهداف معارضة الإخوان المسلمين. ومنعها من الحصول على أي مزايا أو منافع سياسية.
من المتوقع أن تستمر فعاليات صدام القاطرة السورية، ولكن في نفس المناطق المحددة، والمتمثلة في: حمص ـ حماه ـ دير الزور ـ بعض مناطق ريف دمشق. وعلى الأغلب أن تستمر عملية احتجاز ضغوط هذه الفعاليات الصدامية. إضافة إلى احتمالات تحولها من صدامات مرتفعة الشدة إلى صدامات منخفضة الشدة، وبرغم ذلك فما هو مهم سوف يتمثل على الأغلب في الآتي:
• ارتباك خارطة طريق المعارضة على المستوى الداخلي. وبالتالي فإن البديل الجديد سوف يتمثل في رفع وتائر اعتمادها على البديل الخارجي.
• تزايد نفوذ العامل الخارجي سوف يكون على حساب استقلالية نفوذ العامل الداخلي.
تشير معطيات الأداء السلوكي للمعارضة الداخلية إلى أن فعاليات المعارضة الداخلية الحالية سوف لن تتمكن خلال الثلاثة أسابيع المتبقية من شهر رمضان الحالي من إحراز النتائج التي تنسجم مع طموحات جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي سوف تبرز خلال فترة ما بعد عيد الأضحى عملية صعود وتائر الفعاليات الخارجية، والتي سوف تلعب المعارضة الخارجية فيها دوراً ثانوياً لأن الدور الرئيسي فيها سيكون حصراً لواشنطن، والتي سوف تسعى لجهة إنفاذ خارطة طريق خبراء اللوبي الإسرائيلي، وهو أمر بدأت معالمه الأولى تتضح من الآتي:
• قبل بضعة أسابيع تحدث اليهودي الأميركي روبرت ساتلوف الذي يتولى منصب مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة للكونغرس الأمريكي، مطالبة بضرورة دعم المعارضة السورية، وفرض المزيد من العقوبات الإضافية على دمشق، بما يشمل فرض العقوبات على قطاع النفط السوري.
• بالأمس سعت رموز المعارضة الخارجية وتحديداً الموجودة في أمريكا، وعلى لسان الدكتور رضوان زيادة إلى مطالبة الحكومة الأمريكية بدعم المعارضة السورية وفرض المزيد من العقوبات الجديدة ضد دمشق بما يشمل العقوبات ضد قطاع النفط السوري.
وبالنتيجة، فإن التماثل بين ما ذهب إليه اليهودي الأمريكي روبرت ساتلوف في إفاداته، وما طالب به المعارض السوري رضوان زيادة، هو تماثل يؤكد وبوضوح مباشر أن خارطة طريق المعارضة الخارجية سوف تكون بمثابة الإسقاط المباشر لخارطة طريق خبراء اللوبي الإسرائيلي والتي عبر عنها روبرت ساتلوف وأندرو تابلر خبير الشؤون السورية بمعهد واشنطن.
هذا، وبالنسبة لبقية المواقف الخارجية، فمن الممكن الإشارة إلى الآتي:
• احتمالات قيام حلف الناتو بعمل عسكري ضد سوريا، يمكن القول بأنه أمر وارد ولكن من الناحية النظرية، طالما أنه من الناحية العملية يحتاج إلى قدر كبير من الترتيبات الإجرائية. بما في ذلك قيام مجلس حلف الناتو بإصدار موافقته الإجماعية.
• احتمالات قيام روسيا بالموافقة على قيام مجلس الأمن الدولي باتخاذ المزيد من الإجراءات التي تستهدف دمشق، يمكن القول بأنه وارد من الناحية النظرية ولكن من الناحية العملية، فهو يحتاج إلى قدر كبير من قيام واشنطن بتقديم التنازلات إلى موسكو وبالذات في ملف جورجيا ـ ملف البحر الأسود ـ ملف أوكرانيا ـ ملف بولندا ـ ملف الدرع الصاروخي ـ إضافة إلى ملف منظمة التجارة العالمية وملف اتفاقيات خفض الأسلحة الاستراتيجية وهلم جراً..
تحدث الرئيس الروسي ميدفيديف أول أمس في جورجيا، وتلقفت تصريحاته أجهزة الإعلام العالمية والدولية، وقبله تحدث رئيس الوزراء الروسي بوتين في فرنسا، وتلقفت تصريحاته نفس هذه الأجهزة، وبرغم ذلك يبقى الأمر الحاكم: إذا أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بإدانة دمشق، وإذا سعى هذا المجلس لتحويل ملف العنف السياسي إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإذا فرضت واشنطن ولندن وباريس المزيد من العقوبات، فإن مصير الملف السوري سوف يكون رهيناً بالإرادة السورية الداخلية، وإضافة لذلك، حتى إذا جاءت أنقرا ونفذت مغامرتها في منطقة شمال سوريا، فإن المتضرر الأول سوف يكون أنقرا نفسها، طالما أن تورط أنقرا في مستنقع النزاع سوف يفتح على جيشها نيران داخلية، بما سوف يجعل جنرالات المؤسسة العسكرية التركية أكثر اهتماماً باستهداف حكومة حزب العدالة والتنمية، وتقول المفارقة بأن هذا الاستهداف هو حلم محور واشنطن ـ تل أبيب الذي طالما انتظره طويلاً.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
الارادة السورية
كل ما قراءته قد يكون تحليلا
إيران
خليهم يحرقوها لنحرقها.
العين با لعين والسن با لسن
فشة خلق
سوريا أكبر من هيك
بلادي!!
لا أميركا ولا إيران سوريا وبس
إضافة تعليق جديد