صفقات بمليارات الدولارات لرجال أعمال لبنانيين في سوريا!
مخطئ مَن يعتقد أن التنسيق اللبناني السوري مؤجل حتى إشعار آخر، أو إلى حين توافُق جميع القوى اللبنانية على طريقة التعاطي مع دمشق، أو أن العلاقات قائمة بين أطراف رسمية معيّنة، وفقاً لملفات محددة، تحت الطاولة.
كما أنّ القيّمين على هذا التواصل لا يحتاجون إلى حجج واهية كملف عودة النازحين، على سبيل المثال لا الحصر لتبرير ما يقومون به، بحكم العلاقات الدبلوماسية الرسمية على مستوى السفارات، وبدل أن تُضعف الحرب هذه العلاقة، في ظل الانقسام اللبناني بين مؤيد ومعارض للنظام السوري، تزداد نسبة التنسيق على أعلى مستويات، اقتصادية أكثر منها سياسية، وأمنية، في الوقت الحالي.
مصادر اقتصادية معنيّة بالأمر تؤكد فتح قنوات التواصل مع أطراف سورية لعقد صفقات تجارية، مشيرة إلى أنه ليس مبكراً الحديث عن الأمر، بل العكس، فهو الوقت المناسب للتفاوض مع معنيين في البلد المدمّر، لأن قطاف الموسم قبل أوانه اقتصادياً يقوي الصفقة لا يضعفها إلى حين موعد إعادة الإعمار. وتلمح إلى دخول سياسيين على خط الصفقات، باعتبار أنهم رجال أعمال ويملكون شركات خاصة.
عين لبنان عموماً والاقتصاديون خصوصاً على إعادة إعمار سوريا التي لا تزال تعيش حرباً دموية، لكن لا شيء يمنع البلد الجار من دخول السباق مبكراً طالما أن الدول الكبرى تتقاسم جغرافية سوريا عسكرياً بهدف اقتصادي بحت.
الشركات اللبنانية الخاصة على موعد مع مليارات الدولارات قد تصل إلى عتبة 20 مليار دولار، تدخل ضريبتها إلى خزينة الدولة.وفي هذه الحالة يغيب الحياد أو ما يُعرف بسياسة النأي بالنفس، باعتبار أن فصل السياسة عن الاقتصاد ضروري ولا مفرّ منه، ولا يجب تضييع “فرصة العمر”، كما يصفها الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، باعتبار أن البلد يحتاج إلى عملية الإنقاذ هذه، في ظلّ حالة الغرق التي يعيشها.
الرجل الاقتصادي المؤيد للنأي بالنفس سياسياً، يوضح أن أكبر خطيئة تكمن في ربط الشق السياسي بالاقتصادي في ظل الانقسام حول الملف السوري، والجريمة الكبرى تسييس الاقتصاد.وملف الإعمار هو ملعب الاقتصاديين لا السياسيين، حتى ولو كان السياسي يملك شركة خاصة يجب أن يُبرم العقود كصاحب شركة لا كسياسي، على حد تعبيره.
ويرى أن لبنان ضحى عبر استقبال أعداد هائلة من النازحين، وحقه الطبيعي في تناول قطعة من الغاتو، لافتاً إلى أن هناك قراراً دولياً في تحويل لبنان إلى منصة لوجستية لإعادة إعمار سوريا، ولبنان يطمع بأكثر من ذلك، من خلال إبرام عقود للشركات اللبنانية، خصوصاً أن القطاع الخاص جاهز لتحقيق هذه الغاية. لكنه يتأسف لعدم جهوزية الدولة على صعيد البنى التحتية، والتسهيلات الإدارية للعمل هناك.
الشركات الخاصة بكل مجالاتها يمكنها الاستفادة من الإعمار، تبدأ بالاتصالات والطرقات، والمصارف، والبناء، ولا تنتهي بالسياحة، وفقاً للخبير ذاته، الذي يرى أن هناك أولويات في هذا الشأن، إذ من غير المسموح بناء مجمّع سياحي في الوقت الذي لا تزال فيه الطرقات والمنازل مدمرة. تكمن الأولية في إعادة تنظيم مدني، وعملية المسح تقدمت في المدن السورية الكبيرة، وستكون شرارة إعادة الإعمار. وعليه، تنطلق مرحلة إبرام العقود.
الأرقام المتوقعة لإعادة إعمار سوريا تفوق 250 مليار دولار، وللبنان حصّة فيها عبر دخول الشركات اللبنانية من خلال قطاعاتها القوية؛ العقارية، والخدمات، والسياحة، والمصرفية. يشدد عجاقة على وجوب استغلال هذه الفرصة، معتبراً أن لبنان أمام ثلاثة خيارات؛ إما المتفرّج (صفر نتيجة)، أو مشترك جزئي، أو لاعب أساسي، لكن الاحتمال الأكبر توجُّه البلد نحو نسبة جزئية.
يؤكد الخبير أن عدداً كبيراً من الشركات الأجنبية بدأت مفاوضات جدية لإبرام عقود في الداخل السوري، لذلك يدعو الاقتصاديين اللبنانيين للتفتيش عن عقود، مشيراً إلى أنه قد تكون هذه الاتصالات جارية بين الطرفين اللبناني والسوري، وهي خطوات إيجابية.
وعن “الغلّة”، يختصر بعض الطرق التي ستدخل الأرباح إلى خزينة الدولة عبر الشركات الخاصة التي ستستورد مواداً تمرّ عبر المرفأ، فضلاً عن الشركات الأجنبية التي ستعمل في سوريا وهي حتماً سيعيش موظفوها في لبنان، ما ينعش الاقتصاد المحلي. لبنان سيكون مخزناً لبضائع ستتقاضى الدولة عليها ضرائب مرتفعة.
وهنا يتطرق إلى دور الدولة ما إذا كان بإمكانها تسهيل عملية التفاوض بين الشركات اللبنانية الخاصة والجانب السوري، عدا عن ذلك لا مهام لها، ويتوجب عليها عدم المخاطرة بالعلاقة الاقتصادية.
فيفيان الخولي -- ليبانون ديبايت
إضافة تعليق جديد