صناعة الخبز والأمن القومي
للوهلة الأولى يبدو أنه قطاع اقتصادي تنطبق عليه كل مقومات الإنتاج ذي الصبغة الربحية.. ولكن سرعان ما تتلاشى الفكرة بمجرد التعرف عن قرب لتفاصيل وآليات العمل، وبالتالي خصوصيته. فالأمر هنا مختلف إذ انه ليس اقتصادياً بحتاً ولا خدمياً بحتاً.. بل يبدأ خدمياً لينتهي اقتصادياً...؟!
نقصد هنا بما سبق «صناعة الخبز» الذي لم يعد مجرد تنوراً أو بيت نار على الطريقة الكلاسيكية التي باتت الآن نوعاً من الترف المنمق..؟! بل نحن أمام قطاع انتاجي ضخم يرتبط بالقوت اليومي للمواطن كحاجة لابديل عنها للتواصل المعيشي..؟!
ولكن السؤال المطروح كيف، لقطاع أن يكون اقتصادياً في مراحله الأخيرة إذا كان في كل مقوماته مدعوماً خاصة إذا عرفنا أن صناعة الخبز تقوم على ثلاثة بنود:
الأول الطحين كمادة أولية وهي مسعرة من قبل الدولة، والمازوت ثانياً والرواتب والأجور ثالثاً، وهما مسعرتان ومحددتان من قبل الدولة..
عند المهندس عثمان حامد مدير الشركaة العامة للمخابز الخبر اليقين لأحوال الخبز والطحين وغيرهما..؟؟ الذي لم يخف حذره من إثارة الكثير من النقاط والعذر على حد تعبيره هو حساسية الطرح بالأخص عندما اقتربنا بالحديث عن الجهات الأخرى غير شركة المخابز الآلية العاملة في هذا القطاع.. إذ ثمة قواسم مشتركة تجمع الكل في خانة واحدة وتحصرهم في اتجاه واحد وهي المنافسة...؟!
مسؤوليتنا -والكلام لمدير المخابز -تأمين رغيف جيد بسعر مناسب للمستهلك وهذا الشق الخدمي أما الاقتصادي فنحن نبيع رغيف الخبز بالتكلفة المدعومة من قبل الدولة، وفي هذا الشأن ليس للإدارة أي رأي في تكلفة الخبز بل هناك قيادة سياسية تقرر وتحدد ذلك.
ضمن هذا الواقع نحاول تحقيق أقل قدر ممكن من الخسائر بزيادة الإنتاج بالحد الأقصى من الطاقة لتخفيف تكلفة التصنيع ومع أن الرواتب والأجور حصلت عليها زيادات إلا أن سعر الخبز بقي ثابتاً لذا نتلافى هذه الزيادات بزيادة الإنتاج حتى وصلنا إلى 123٪ نسبة التنفيذ في القطر.
بالانتقال إلى الشق التنافسي في عمل المخابز فإن ما هو في ساحة العمل الآن ثلاثة منتجين -الشركة العامة للمخابز الآلية بمخابزها المنتشرة في القطر ولجنة المخابز الاحتياطية ومؤخراً دخول الشركات الخاصة المنتجة لكافة أنواع الخبز ومشتقاته.
وإذا كان مدير الشركة يرى في دخولها عاملاً مساعداً في السوق فإنه يعتبر نوعية انتاجها موجهة لشريحة محددة في السوق وهؤلاء أميل من الخبز العادي إلى الكيك أي «السياحي الترفيهي».
ومع ذلك فإن شركة المخابز تغطي 60٪ من استهلاك المواطنين في القطر علماً أن مخصصات الشركة من الطحين 45٪ ومن وراء ذلك انتجت الشركة العام الماضي680 ألف طن خبز، ومخبز واحد كالشاغور مثلاً ينتج 50 طناً يومياً فكيف ستكون المنافسة مع الخاص عدا أن سعر كيلو الخبز في كوات الشركة 9 ليرات ولدى القطاع الخاص 25 ليرة سورية.
وبالمقارنة مع الخبز الأبيض يقول حامد: بانه من المعروف أن الرغيف الأسمر صحياً أفضل والخبز الصحي «راسو بعبو» رغم أن شكله ليس مثل الأبيض، أما بالنسبة لخبز الدولة فلا توجد إضافات عليه بل هو عبارة عن طحين وماء وملح -وهذا يفرض تعاملاً مع السواد الأعظم من الناس، وإذا كانت المخابز الآلية متهمة بأن نسبة ليست بالقليلة من الخبز المنتج يكون تالفاً ولايؤكل وبالتالي مصيره علف. يرد مدير الشركة أن النسبة المسموحة من الخبز التالف 5 بالألف وكانت قبل عام 2000 مرتفعة، ولكن منذ ذلك العام وحتى الآن لم يتجاوز التالف من الخبز 3 بالألف وهي موثقة بدراسة الخطة الإنتاجية للأعوام السابقة..
السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. هل ثمة مشكلة ما أو ثغرة انتاجية في آلية صناعة الخبز..؟! الجواب عند المدير بالنفي إذ لايوجد مشكلة خبز ولابنوعيته في ظل تواجد كافة الأنواع مع منافسة مطروحة، والدليل على تحسن نوعية الخبز المنافسة ونسبة التنفيذ 123٪ والإقبال على شباك المخابز رغم وجود تفاوت في النوعية حسب الفرع وهي مرحلية وآنية مع الاعتراف بوجود اشكاليات تعالج.. لأن هناك 10 آلاف عامل في الشركة نحاول بالتدريب والتأهيل صقل الخبرات.
وبصراحة لا يوجد شركة في المحافظات إلا وفيها خبز لايؤكل، لكن يوجد أسس معيارية ومستودعات تحكم عمل الشركة وتؤدي لنتائج جيدة، والعبء يقع على عاتق العامل من جهة ونوعية الطحين من جهة أخرى وبالمطلق لايوجد سوية واحدة من العاملين والطحين.
حين التطرق إلى لجنة المخابز الاحتياطية التي تشكل وحدات محدودة لقطاع انتاجي موجود في البلد بنظام معين ويؤدي دوره بالمنافسة مع الخاص والمخابز الآلية.. استعجل المهندس حامد بالرد أنه لاتسألني كيف يديرون مخابزهم أو عن موضوع دمج الجهتين في شركة واحدة فأنا الآن مدير المخابز الآلية ربما أكلف غداً بإدارة المخابز الاحتياطية.
ولكن لو كنت في الاحتياطية لسعيت وراء قوننة العمل وتنظيمه ضمن أسس تابعة لجهة ونظام مالي.
أما في مخابز الشركة الآلية فكامل خطوط الإنتاج أصبحت محدثة مع استمرار عملية التأهيل والتدريب ولايوجد مشكلة إلا بتحديد تكلفة انتاج طن الخبز الذي لايعني زيادة في سعر الخبز.
وهذا الأمر يدرس الآن في وزارة الاقتصاد، حيث شكلت لجان لتحديد تكلفة انتاج الطن والذي من خلاله يتم مناقشة الخطط ومراقبة عمل المخابز الآلية والاحتياطية والخاصة.
علي بلال قاسم
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد