عادل محمود :فجأة وكأن ونوس قد نبش من قبره وكتبه قد أحرقت
«المعركة» حول سعد الله ونوس الكاتب, ود. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتّاب في سوريا تتلخص بثلاث جمل: «الناقد» او ا ذا شئتم «الاستاذ الجامعي» حسين جمعة حاضر في طلابه عن المسرح وقال اشياء €لا اعرف بالضبط كل ما قاله€ عن التناص والاستنساخ والاستفادة والسرقة من التراث. وان سعد الله ونوس فعل ذلك في مسرحه €المرجع المقترح كتاب لعلي عقلة عرسان€.
ورئيس اتحاد الكتّاب « قال €على ذمة المتهمين€: هاتوا لي عشر كتّاب يعترفون بسعد الله كاتباً وسوف أفعل, وأعترف به €ينكر ذلك!€.
ومحامي اتحاد الكتّاب قال حيثية قانونية: ان سعد الله ليس كاتباً. ويقولون «انه يقصد ليس عضواً في اتحاد الكتّاب ليتلقى راتباً تقاعدياً».
فجأة ينفجر الموقف وكأن سعد الله ونوس قد نبش من قبره, وكتبه قد أحرقت, وتاريخه قد رمي في النسيان والنكران!!
وفجأة ينفجر الهجاء لحسين جمعة النكرة المجهول الأمي... بمعنى غير الكاتب سوى أطروحته الجامعية عن حيوانات صحراء الجزيرة العربية الجاهلية!
وفي مثل هذه المعارك تتطاير الحقائق والدعاية, ويختلط تاريخ المؤسسة بسيرة الاشخاص, والادب بقلة الادب. والتحرش الثقافي بالسياج السياسي. وخيارات الكتّاب باختيارات السلطة. ولا ينجلي الغبار إلا ورئيس المنظمة €صحفيين, كتّاب, محامين, اطباء... الخ€ اكثر رسوخاً ومجاكرةً. فيما يذهب المتضررون والممتعضون الى مرحلة اخرى من الصمت والسكوت عن الحق والحقيقة... ومعظم هؤلاء اعضاء ثابتون في هذه المنظمات لا يتركونها احتجاجاً كما فعل سعد الله ونوس على طرد ادونيس من الاتحاد, وكما فعل حنا مينه وعبد الرحمن منيف في حينها.
في مثل هذه المعارك يتجند الرأي العام €إن كان هناك في سوريا ثمة رأي عام!€ للتضامن والشجب, ولمسح الغبار عن جسد ذاكرة الايقونات الثقافية, وازدراء السلطة الممثلة برئيس اتحاد او مدير منشأة ثقافية, او بيروقراطي مزمن!
يحدث ذلك بصورة شبه موسمية. وهو يعكس, لا شك, التململ والضجر والاستياء من تمجيد الهامش واستبعاد الاصل. ويعبّر عن استغراب مزمن من سياسة وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب... ولكن ذلك كله يقاد من قبل مجموعة, تطلع فجأة من قلب الصمت, وتطالب الآخرين بصرخة, حتى اصبح السوريون محترفي بيانات, وجمع تواقيع وصرخات صحفية.
من انت حتى تناقش؟ من انت حتى تتهم؟ من انت حتى تقول رأياً في الكبار؟ ألا تعرف مع من€ وعمن تتكلم؟
بصراحة, بصرف النظر عن اخطاء او خطايا علي عقلة عرسان وحسين جمعة, هذه هي لغتهم نفسها كمؤسسة... وهي لغة معدية €تصيب بالعدوى€ الناس المعقمين افتراضاً. وهي بالأساس لغة مخابرات واستعلاء ذوي النفوذ في الشارع والمقهى والمؤسسة, واهل ضواحي السلطة.
لماذا لا تكون هنالك سجالات ثقافية بدلاً من تعليقات على هامش الحياة الثقافية؟ لماذا لا ينعقد غبار المعارك على قضايا وفيها ومن خلالها يرش طه حسين الزيت على احمد حسن الزيات, والعقاد يغلي في قدوره, في ما يغلي, عبد القادر المازني وتوفيق الحكيم؟
لقد أفقرتنا, جميعاً تقريباً, السقوف المنخفضة وانحناءات العيش الضيق!!
عادل محمود
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد