عرس جماعي في نبّل تحت القصف والحصار
فيما كانت قناة «الجزيرة» تروّج خبر سيطرة «جبهة النصرة» على نصف بلدتي نبل والزهراء، كان الأهالي يحتفلون في جامع الحجة في نبّل بتزويج ثمانية وعشرين من شبانهم وشاباتهم. العرس الجماعي اختلط بأفراح الأهالي باغتنام عدد من الدبابات التي استخدمتها الجماعات التكفيرية في مهاجمة البلدتين.
وتحت ضغط الحصار وتراجع القدرات المالية وظروف الحرب، لجأ المجتمع الأهلي في البلدتين إلى تنظيم أعراس جماعية لتشجيع الشبان والشابات على الزواج وتكوين الأسر، فالنزف الذي تتعرض له البلدتان كبير. عدد الشهداء وصل إلى حد ستمائة شهيد، وهو رقم كبير جداً قياساً بعدد السكان المحاصرين (نحو ثلاثين ألفاً)، والحصار والقصف اليومي جعلا الموارد الزراعية شحيحة، فضلاً عن توقف الأعمال التجارية مع المحيط الذي استولت الجماعات التكفيرية عليه.
العرس أصبح عرسين، وفق تعبير مصطفى كوسا، وهو ناشط في تنسيق هذه المناسبات، ورأى أن «الشهداء الاثني عشر الذين ارتقوا في معارك التصدي للإرهابيين هم نبراس لأرباب العائلات الجديدة لحمل السلاح والدفاع عن الأرض والعرض بمواجهة إرهابيي الإبادة الجماعية».
الأعراس الجماعية التي يشرف على تنظيمها رجل الدين محمد جزة لم تتوقف منذ اشتداد الهجمات على البلدتين المحاصرتين منذ أكثر من سنة ونصف سنة. ونظراً إلى الأعداد الكبيرة، أصبح لكل من الزهراء ونبل عرسها الجماعي الخاص، وكانت المناسبات الدينية كالمولد النبوي وليلة النصف من شعبان وغيرهما، تشهد تزويج العشرات، وفي إحداها بلغ عدد المتزوجين مئة وستة وثلاثين شابة وشاباً. ويحصل العروسان على هدايا مالية أو عينية، لكن يلاحظ أنها في تضاؤل مستمر، فمن مبلغ مئة ألف ليرة سورية في بداية تنظيمها، إلى مبلغ أربعين ألفاً فقط كما في العرس الجماعي الأخير.
نذير جعفر، وهو أحد أبناء نبل، قال: هذه الأعراس شكل من أشكال التحدي والإصرار على الحياة، تحدي الموت والإرهاب الظلامي، ورسالة جوهرها الإيمان بتراب سورية ووحدة شعبها، وأبنائه المصرين على الفرح». وأضاف: «المواجهة لن تتوقف مع قتلة الحياة حتى عودة الحياة الطبيعية إلى ريف حلب المنسجم بنسيجه الوطني».
مصطفى علي، وهو أحد العرسان، قال إنّ «الأعراس الجماعية شكل للتضامن الأهلي بمواجهة ما تتعرض له البلدتان، بغض النظر عن الفائدة المادية. هو شكل جماعي للفرح يتكامل مع هبات الأهالي للدفاع عن البيوت كلما شنّ الإرهابيون هجوماً علينا».
تجاوز عدد الزيجات التي جرت في البلدتين أربعمئة، وبعض المتزوجين رزقوا طفلاً، أو بانتظار ولادة الطفل الأول. وشعار الأهالي أنه مقابل كل شهيد بمواجهة الإرهاب والقصف العشوائي سيكون هنالك عائلة جديدة، وفق تعبير حسين الذي يتطلع إلى الزواج في الأشهر المقبلة.
من جهته، رأى فارس الرحل، أنّ العرس الجماعي الذي جرى تزامناً مع الهجوم الإرهابي والتصدي له يعكس المعنويات العالية وإرادة الصمود لإعادة الوطن كما كان واحة للأمان.
باسل ديوب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد