عصا المايسترو
استثارني وحرض خيالي ما كتبه الصديق الاستاذ نبيل صالح منذ ايام على موقعه المعروف( الجمل بما حمل) كل ما اثار تعليقات شتى في حينه قدمت انطباعات وآراء عليه، وربما ان ماكتب قد استثار كثيرين مثلي، سواء من قدموا انطباعاتهم وتعليقاتهم عليه، ام من اكتفى بالقراءة، وفكر مليا في المضمون.ويبدو ان استثارتي جاءت بشكل مختلف نوعا ما، فاللقطة الذكية للاستاذ نبيل، والتي جاءت على شكل محاكاة مجازية بين ما صارت اليه حاضنتنا وملاذنا الوحيد (سوريا) وبين برج (بيزا) المائل في ايطاليا، وأن الميلان ماديا وشكليا هنا يحاكي تجاوزاً حالة الميلان الكياني والمعنوي، والاجتماعي في سوريا، والتشابه المجازي في الحالتين انتج تباينا في الآراء والمواقف حول اسلوب التصرف، فهل نهدم البرج، ونعيد بناءه، او هل نسعى لاصلاح هذا الميلان بشكل ما؟ او نتركه على حالته كأمر واقع، للأقدار التي قد تلعب به فيتهاوى من تلقاء نفسه، مع ما يستتبعه من نتائج، وقد استقر الرأي بالنسبة للبرج على ابقائه على ما هو عليه،
وتدعيمه ؛ عبر تطبيق قوى شد معاكسة للميلان تحفظه كمعلم استثماري سياحي فيه بعض الاثارة البصرية لمخالفته القواعد الهندسية المعروفة .
واذا كان خيال الآستاذ نبيل قد حلق بعيدا، فوصل حتى ايطاليا وبرجها المائل، واستثار خيالنا هكذا، فاني قد لا أقوى على التحليق بعيداً، وخاصة إذا كان علي أن أحط في إحدى هذه الدول الاستعمارية البغيضة، التي اهتمت هكذا ببرج جامد أصم لاحياة فيه، بينما تداعت واجتمعت وتكاتفت في سعي حثيث ومفضوح الغايات لاسقاط البرج السوري، بتطبيق قوى ضغط وشد هائلة عليه بغية اسقاطه وتدمير كل مكوناته الجغرافية والاقتصادية والانسانية.
وليسمح لي الأخ نبيل ان اعارضه على طريقة الشعر، وليس بمعنى الإختلاف، فأرى في سورية بلدي هذه: صبية فتية ندية بهية طموحة عصية، منتصبة وليست مائلة.
هي قبلة الأنظار. مطلوبة، مرغوبة، محسودة، مبغوضة، مشتهاة، مبتغاة،و لكنها ممانعة، متحدية، شريفة، نبيلة، مضحية، مؤمنة،عصية على الأخذ عنوة،وهي تختارالا تسلم قيادها إلا لذي شرف،وعزة،وكرامة، وشهامة، وشجاعة، واستقامة ،وكبرياء، وسمو.
ولكن، ولكن، ولكن!ثلاث مرات. مشكلة هذه الجميلة، والغالية على القلوب، انها ولسنوات بالغت كثيرا في التعامل مع اللبان (العلكة) وبعض اضراسها بالغ ايضا في العلك والتعليك،الى ان تسرب التسوس الى بعض جنباتها وزواياها،ما تسبب لها بآلام ممضة، فبدأت تبحث عن وسيلة تخلصها من هذه الآلام: اذ ن هي تتألم ...اذن هي ضعيفة، وهنا تنادى (الغيورون) و(المحبون) و(الناصحون)، ثم جاء الحاقدون والجاحدون والطامعون والفاشلون والشامتون والمرتبطون والمنافقون والمتآمرون والمسعورون،وكل من يمت الى هذه الأفعال الخمسة وأشباهها بصلة ،ثم جيء بالأفعال الناقصة، وبالأحرف المشبهة بالفعل، وحتى بالأحرف الزائدة التي لامحل لها، واختلط الحابل بالنابل، كل يريد ان يكون له حصة في هذه الجريحة التي ارادوها ذبيحة، فارتفعت الأصوات، وضجت الساحات، وعقدت المؤتمرات، واحتشدت التناقضات في الصالات، وبكل من هب ودب او مشى وخب، هنا وفي اربع جنبات الأرض، وجندت الأقلام، وحركت الأزلام، وامتلأت الشاشات بالمرتزقة، وبالأفلام المفبركة، والساحات بقارعي الطبول،وقاطعي الأعناق والأرزاق ،ودفع الى الساح اناس لايفقهون في الأسنان وطب الأسنان ،ولم يتعاملوا في حياتهم الا مع الأسنان التي تنهش اللحم ،وتقطع الرؤوس وتحطم العظام ... كل هذا كرمى لهذه الصبية الجميلة الفتية البهية الطموحة العصية،ولغاية منحها (الحرية )في ان تأكل كما يشاؤون،وتلبس كما يشاؤون، وتتكلم كما يشاؤون، وتنام متى يشاؤون، وتموت متى يشاؤون، ولكن ..... لفتاة القبيلة الجميلة أنصار ومحبون، فهتفت أصوات ،وارتفعت هامات ونهضت قامات، وامتد حولها سياج شائك يدمي الأيدي الممتدة بالشر،.... وهنا قرقع السلاح،من خلف الآطلسي ومن امامه ..... هي الفرصة السانحة،والمبتغاة لاغتصاب هذه المتمردة التي امتنعت عليهم لسنين طويلة ،.. وبحجة اضراسها وتخليصها من آلامها، وإراحة جيرانها؛ استمرت الآراء والأهواء تتلاقح وتتناطح اكثر مما لبرج بيزا المائل : هل تكون البداية بقلع الأضراس المسوسة فقط؟ او بإصلاحها؟ او باستبدالها ولكن كيف؟؟
والمايسترو الكبير يصرخ من وراء البحاروهو يلوح بعصاه للعازفين الصغار الذين طاشت بين ايديهم الأقواس؛أن هيا : آن وقت الإغتصاب.
ومع العازفين الصغار يحلم باقتلاع اسنانها وأضراسها جميعا ووضع(بدلة اسنان )صناعية بديلة ؛ يمكن اقتلاعها كلما دعت الضرورة ...
وهكذا يكون الخلاص من الألم والإزعاج، حاضرا ومستقبلا ،.. ولزمن طويل .... فهل تخضع؟
هل تركع؟ هل يتم الأغتصاب؟ تاريخها يقول : لا لن ثركع، ولن تخضع، وستظل منتصبة بسمو ...قبلة الأنظار ..مطلوبة، مرغوبة، محسودة، مبغوضة، مشتهاة، مبتغاة، ولكنها ممانعة، متحدية، شريفة، نبيلة، مضحية، مؤمنة، عصية على الأخذ عنوة. وهي تختار ألا تسلم قيادها إلا لذي شرف، وعزة، وكرامة، وشهامة، وشجاعة، واستقامة، وكبرياء، وسمو. وختاماً نقول : أيها السوريون المضللون، والحاقدون، والمخدوعون، حافظوا على وطنكم، وعلى رؤوسكم ،وعلى مستقبلكم، فعصا المايستروإن وصلت لاسمح الله؛ فسوف تصل الى رؤوسكم ايضا.وقد قيل مما قيل : من باع نفسه لأمريكا فقد باع نفسه للشيطان.
الياس ابراهيم
التعليقات
يسلم قلمك
قلمك رائع وثمين
قلمك رائع وثمين
إضافة تعليق جديد