عصام زهر الدين: خذوني إلى أي جبهة... إلّا الدير!
يجلس العميد عصام زهر الدين في الطابق العلوي من مقرّه موزّعاً إلى جانبه أجهزة اتصالات مختلفة. أمامه شاشة التلفاز يُقلّب بين المحطات بحثاً عن برنامج «يستحق المشاهدة». سؤال قصير عن دير الزور كافٍ ليُحضر خريطة جوية ضخمة للمدينة وريفها القريب. بقلم رصاص ينقل الخطوط على الورقة شارحاً الوضعية الميدانية منذ مجيئه منذ أكثر من 3 سنوات.
«المنطقة كلها لو بدها تسقط كان سقطت زمان... جيش الفتح أقوى من داعش. داعش بعبع، بالتكبير احتلوا نصف المنطقة» يقول القائد في «الحرس الجمهوري».
هذا الاصرار على القدرة على الصمود لا ينسحب على رأيه في كيفية التعاطي مع المدينة والحصار: «دير الزور والمنطقة الشرقية هي الأهم... سلة نفطية وغذائية ومنطقة استراتيجية... بالحد الأدنى يجب أن تكون بأولوية حلب».
ورغم الحيوية التي يبديها في تعاطيه مع مسؤولياته اليومية، خفّت حماسة «العميد» للبقاء في «الدير». لا يرى أفقاً واسعاً في هذه المرحلة. «الشباب وحوش وصامدين... بس متل ما هو الوضع بفضّل روح على أي جبهة تانية... كلّو إلّا الدير» يقول.
صاحب الـ54 عاماً المتنقّل بين جبهات عديدة أهمها ريف دمشق وحمص في أوائل الحرب، يذكر الاتصال من «القيادة» في الخامس من تموز 2012: «تعال فوراً إلى دمشق (العميد) مناف طلاس انشقّ». رئيس الأركان اللواء 104 في «الحرس» وصل إلى العاصمة وقال «مناف مش مؤثّر... ورح تشوفو إنو في ضباط ما شايفين وجّو». تسلّم زهر الدين قيادة «اللواء» حينها، وهو يستذكر ضاحكاً التاريخ يوم ساهم الضابط مصطفى طلاس (والد مناف، وقبل أن يصبح أخيراً برتبة عماد) في الانقلاب على جدّه اللواء عبد الكريم زهر الدين، رئيس هيئة أركان الجيش السوري خلال عهد الانفصال بين مصر وسوريا (1961 ــ 1963).
لا يفوت زهر الدين تفصيلا صغيرا حوله. يذكر بالدقائق والساعات حدثا معيّنا. يستذكر معارك الحسكة في آب الماضي بين الجيش و«الوحدات» الكردية عندما آزر ومجموعات من «الحرس» رفاقهم. «الساعة 9 ونص كنّا بالنشوة (حي في الحسكة) وكان كلو تمام... ما لحقنا نرجع كان الاكراد فاتو ببلاش أخدو الحيّ وغيرو كمان». السبب برأيه هو الاهمال من مسؤولين ساهموا في التراخي في الحسكة، وفي ما يُشبه وضع الدير اليوم.
في جولة على نقاط «الحرس الجمهوري» يتنقّل بنا عبر المحاور حيث تشكّل منطقة الجفرة المحاذية للمطار العسكري ولحويجة صقر الواقعة تحت سيطرة «داعش» إحدى أخطر الجبهات. بين الخنادق والأنفاق يتحرّك برشاشه الحربي، دالّاً باصبعه على دبابة معطوبة للتنظيم وشظايا عربات مفخخة حول السواتر. «الجميع هنا لم يأخذوا إجازة منذ أكثر من سنة» يروي. يعود سريعاً لارتباطه بموعد لا يأمل منه شيئاً: «الدير متروكة».
إيلي حنا
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد