عن تسوية أميركية ـ روسية ممكنة في جنيف
في يوم الاجتماع التحضيري لمؤتمر «مجموعة العمل» حول سوريا في جنيف، تعددت السيناريوهات الاستباقية لما سيخرج به المجتمع الدولي اليوم من حلول، أقرب إلى التسويات. وعلى الرغم مما تسرّب، أمس، عن فشل في التوصل إلى حلّ، كان سيناريو الاتفاق الأميركي ـ الروسي حاضراً بقوة في التحليل الغربي، مدعوماً بما قد يحصّله الطرفان من مصالح جراء ترتيب محتمل كهذا.
بداية، كان للمبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان، وصاحب الدعوة للاجتماع، رؤيته الخاصة التي عبّر عنها في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، حيث اعتبر أن المجتمع الدولي لطالما وافق على ضرورة أن يقود السوريون أي انتقال للسلطة، مضيفاً أنه «علينا أن نجتمع لمساعدة الشعب السوري وتبني هذا المستقبل وتحقيقه من خلال الوسائل السلمية».
وأكد أنان أنه في حال اتفاق جميع المشاركين في الاجتماع على التصور المطروح فسيكون بالإمكان تحويل دفة العنف، محذراً من أنه «إذا لم يحدث ذلك فإن المنحنى التنازلي سيتواصل وربما يصبح غير قابل للرجوع فيه قريبا».
وأشار المبعوث الأممي إلى أن المشاركين في هذه المجموعة يشملون من لديه نفوذ على الحكومة السورية ومعارضتها وأنه يتعين على الأعضاء الالتزام بالتحرك في انسجام لإنهاء إراقة الدماء وتنفيذ خطة النقاط الست وتجنب المزيد من عسكرة النزاع. وقال إن «توقعه الأكثر أهمية هو أن يوافق الجميع على ضرورة أن تتماشى عملية انتقال السلطة مع مبادئ وإرشادات واضحة»، مؤكداً أن ذلك يشمل «حكومة وحدة وطنية تمارس السلطات التنفيذية الكاملة... وربما يضم أعضاء من الحكومة والمعارضة والمجموعات الأخرى الحالية، مع استبعاد من ستقوض مشاركتهم من مصداقية عملية الانتقال».
وأضاف «تتضمن العملية أيضاً حوارا وطنيا ذات معنى ومراجعة دستورية تخضع للموافقة الشعبية، يليها انتخابات حرة ونزيهة تشارك بها أحزاب متعددة».
السيناريو «الأكثر ترجيحاً» خرج به الكاتب البريطاني روبرت فيسك في صحيفة «الاندبندنت». في تقدير فيسك، سيبقى الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لفترة أطول بكثير مما يعتقد خصومه، وسيكون ذلك بموافقة ضمنية من القادة الغربيين الحريصين على تأمين طرق جديدة للنفط إلى أوروبا عبر سوريا قبل سقوط النظام.
برأي الكاتب البريطاني السكوت الغربي لن يكون هباء، بقاء الأسد لعامين في السلطة سيكون بموجب اتفاق أميركي ـ أوروبي ـ روسي مقابل تنازلات سياسية لإيران والمملكة العربية السعودية في كل من لبنان والعراق، وذلك حسب مصدر من «حزب البعث»، مرشح للمشاركة في عملية انتقال السلطة. وقد أوضح المصدر طبيعة «التنازلات» قائلاً إن «القوى العظمى ستعترف بالنفوذ الإيراني في العراق وعلاقتها مع حليفها حزب الله في لبنان، في حين أن السعودية وقطر سوف تسعيان لضمان حقوق المسلمين السنّة في لبنان وفي العراق».
بدوره أوضح فيسك، أما على الجانب الروسي ستضمن موسكو بقاء قاعدتها العسكرية في طرطوس، كما ستطمئن إلى بقاء العلاقة مع أي حكومة تأتي في دمشق بدعم من إيران والمملكة العربية السعودية، لافتاً إلى أن هناك تقارير غير مؤكدة أن كل أسبوع يتلقى ما يصل إلى ألف مقاتل سوري التدريب من قبل مرتزقة في الأردن داخل قاعدة تستخدمها السلطات الغربية للعاملين في التدريبات الأمنية لـ«مكافحة الإرهاب».
وأردف شارحاً أن «الهدف الحقيقي من المحادثات بين القوى العالمية تدور حول عزم الغرب تأمين النفط والغاز خاصة من دول الخليج، من دون الاعتماد على الإمدادات من موسكو».
أحد كبار مسؤولي ملف «الشرق الأوسط» في «الغارديان» البريطانية سيمون تيسدال، كان له رأي مؤيد لسيناريو التسوية الأميركية ـ الروسية، معتبراً أن «ما يجمع الطرفان قاسم مشترك: ضجر عميق من المعارضة السورية ذات الوزن السياسي غير الواضح، وعدم اكتراث براغماتي بتطلعات الشعب السوري».
وتحت عنوان «من الضروري لأوباما وبوتين أن يتوصلا إلى صفقة بشأن سوريا»، يرى تيسدال أن الأزمة السورية باتت تخلّ بالنظام العالمي، ما يجعل التسوية ضرورة حاسمة. على الجانب الأميركي، والكلام لتيسدال، يمكن أن يستفيد أوباما من انتصار دولي كبير، إذ يواجه معركة صعبة لإعادة انتخابه هذا الخريف، وسيخفف حلّ الأزمة من الانتقاد الموجه ضدّه من قبل دعاة التدخل الأميركي. وأهم من ذلك كلّه، فإن بات النظام في سوريا أقل تحالفاً مع إيران، يمكن حينها أن يأمل أوباما في تخفيف الضغط من إسرائيل.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد