فشل الخطة B وبناء ذرائع جديدة لاستهداف سوريا وإيران
الجمل: تزايدت حالة الانكشاف التي تتعرض لها مجموعة مكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، حيث ظلت على مدى الخمسة أعوام الماضية تحكم قبضتها على عملية صنع واتخاذ القرار في البيت الأبيض الأمريكي، ويشير الخبراء والمحللون بأن وجود هذه الـ"مجموعة" التي يتزعمها تشيني، يشكل ظاهرة جديرة بالاهتمام، وذلك بسبب خصوصية المذهبية السياسية التي كانت تستخدمها في توجيه دفة قرارات الإدارة الأمريكية.
* ديك تشيني وآليات السيطرة على القرار:
الأسلوب الذي طبقه ديك تشيني في السيطرة على قرارات البيت الأبيض، كان يتضمن المزج بين عدة وسائل، وكان حجر الزاوية في صنع القرار يعتمد على اليهود الأمريكيين، من عناصر جماعة المحافظين الجدد الذين استطاعوا سابقاً التغلغل في صفوف الحزب الجمهوري الأمريكي، والذي استخدموه ليلعب دور "المصعد" الكهربائي الذي رفعهم إلى مرافق الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض.
استطاع ديك تشيني بناء شبكة من هذه العناصر، وركز على زرعهم في المرافق الآتية:
• البيت الأبيض الأمريكي.
• وزارة الدفاع الأمريكية.
• وزارة الخارجية الأمريكية.
• وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
• وزارة الخزانة الأمريكية.
• وكالة المعونة الأمريكية.
أي باختصار كل الدولة الأمريكية ومؤسساتها ومرافقها الهامة.
وقد بلغت هذه الشبكة أوج قوتها وفعاليتها خلال الأعوام 2002 و2003 و2004م، ولكنها بعد ذلك بدأت تنهار بفعل الفضائح وضربات الإعلام والرأي العام الأمريكي..
كذلك، فقد كانت هذه الشبكة تتقاطع مع شبكات الموساد الإسرائيلي وشبكات اللوبي الإسرائيلي المنتشرة في سائر المرافق الأمريكية.
* شبكة ديك تشيني والانتقال من الخطة (A) إلى الخطة (B):
سقوط الجمهوريين في انتخابات الكونغرس وسيطرة الديمقراطيين عليه، وتصاعد تداعيات فضيحة التجسس الإسرائيلي في أمريكا، والتي ترتب عليها إدانة القضاء الأمريكي لـ"سكوتر ليبي" المسؤول البارز في البيت الأبيض والتي ما زالت تداعياتها القضائية المؤجلة مستمرة ومتجددة، كل ذلك أدى إلى إضعاف قدرات شبكة ديك تشيني في العمل والمضي قدماً من أجل إنجاز بقية أهداف خطة ما بعد غزو واحتلال العراق، وهي أهداف من بينها استهداف سوريا وإيران..
تقول المعلومات بأن الخطة (B) كانت تستمد طاقتها وحيويتها من هجمات الحادي عشر من أيلول 2001م، ولكن وبسبب التداعيات السلبية الكثيرة التي حدثت، فقد أصبحت واقعة الحادي عشر من أيلول فاقدة للحيوية والجاذبية أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي، وبالذات في الاعتبارات المتعلقة باستخدامها وتوظيفها كنقطة انطلاق لبناء الذرائع الجديدة ضد سوريا وإيران وغيرهما من البلدان التي ظلت جماعة المحافظين الجدد تستهدفها نيابة عن إسرائيل.
فكرة الانتقال إلى الخطة (B) ركزت على ضرورة تخطيط وتنفيذ عملية استخبارية سرية تكون تأثيراتها على الرأي العام الأمريكي والغربي بنفس قوة تأثيرات هجمات الحادي عشر من أيلول، على النحو الذي يتيح لديك تشيني وعناصر شبكته حرية الحركة من أجل تنفيذ بقية المهام. ومن أبرز الخيارات التي تم التطرق لها في تنفيذ العملية:
• تفجير بعض الطائرات في منتصف المحيط الأطلسي خلال رحلاتها بين بريطانيا وأمريكا، ولكن هذا المخطط لم ينجح، بسبب اكتشاف المخابرات البريطانية للمخطط قبل تنفيذه.
• استهداف إحدى حاملات الطائرات الأمريكية الموجودة في منطقة الخليج مثل الحاملة إيزنهاور التي تقل عدداً كبيراً من الأمريكيين.
• القيام بعملية تفجير داخل إحدى المدن الأمريكية المكتظة، على النحو الذي يؤدي إلى إيقاع عدد كبير من الضحايا.
ولكن وبسبب عدم ضمان فعالية تنفيذ المخطط، إضافة إلى التسريبات الصحفية والإعلامية التي أشارت إلى أن ديك تشيني وعناصر مجموعته يخططون لـ"حادي عشر من أيلول" ثانية من أجل استخدامها كذريعة جديدة لاستهداف الدول الأخرى، قد أدى ذلك إلى صرف النظر عن المخطط.
وبرغم ذلك، استمر ديك تشيني ومجموعته في تنفيذ بعض مسارات الخطة (B) وقد تضمنت القيام بعمليات سرّية ضد سوريا في لبنان، وضد إيران بالانطلاق من العراق، وبرغم الإمكانيات الكبيرة التي تم رصدها، بإشراف تشيني نفسه، فإن هذه العمليات لم تحقق النجاح المطلوب:
• لم تنجح عملية إشعال حرب سنيّة – شيعيّة في لبنان.
• لم تنجح العمليات السرية ضد إيران في تجميع المعلومات الاستخبارية الكافية لسد فجوة المعلومات الاستخبارية التي تعاني منها أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بالنسبة لإيران.
تقول المعلومات أيضاً بأن نطاق الخطة (B) كان يضم كل من تركيا وباكستان، ولكن التطورات الأخيرة التي دفعت بحزب العدالة والتنمية إلى الرئاسة التركية قد ألحقت ضرراً كبيراً في المخططات المتعلقة بمنطقة آسيا الوسطى، وشمال إيران، ومنطقة القفقاس. أما بالنسبة لباكستان فإن أزمة نظام الرئيس برويز مشرف، وعدم قدرة الجيش الباكستاني في السيطرة على منطقة القبائل، قد أربكت مسار تنفيذ الخطة في منطقة الجزء الشمالي من شبه القارة الهندية الذي يضم باكستان وأفغانستان..
* ديك تشيني وآخر المحاولات:
تقول المعلومات التي أوردها موقع هوفينغتون الإلكتروني الأمريكي، وموقع غلوبال ريسيرتش الكندي، بأن ديك تشيني أصبح يركز جهوده حالياً على النجاح في "فبركة" التحليلات الاستخبارية، التي تم تفصيلها وإعدادها بواسطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة الأمن القومي الأمريكي، بما يتيح له تحقيق المزيد من التقدم في بناء الذرائع ضد سوريا وإيران وكوريا الشمالية..
تقول المعلومات بأن ديك تشيني يحاول هذه الأيام إقناع المحللين المختصين والمعنيين بالأمر في وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالات الأمن القومي، من أجل أن يقوموا بإعداد التقارير وتقديرات الموقف والتخمينات الاستخبارية التي تتماشى مع توجهاته، وتعزيز قدرته في عملية صنع واتخاذ القرار الرئاسي الأمريكي وتوجيهه بما يترتب عليه تنفيذ بقية أجندة مخطط جماعة المحافظين الجدد المتعلق بالشرق الأوسط الجديد، وهو المخطط الذي بدأت العديد من مراكز الدراسات الإستراتيجية تتعرض له بالنقد باعتباره يمثل حجر الزاوية المسؤول عن تدهور أداء السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وحالياً هناك إعلان لمعهد شؤون عبر الأطلنطي عن مؤتمر يتم عقده يوم 4 كانون الأول القادم، سوف يشارك فيه بعض خبراء النظام الدولي، تحت عنوان: "هل حقاً يوجد شرق أوسط جديد!!".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد