قبول إقليمي للهدنة ودمشق مستعدة لدرس اقتراح الإبراهيمي والمعارضة منقسمة
استأثر اقتراح المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي تطبيق هدنة في عيد الأضحى بعد عشرة ايام، على الرغم من ضراوة المعارك حول مدينة معرة النعمان في محافظة ادلب، باهتمام إقليمي واضح. وفيما سارعت دمشق إلى إعلان استعدادها للبحث في وقف إطلاق النار، معتبرة أن أي مبادرة «تتطلب تجاوب الطرفين»، صدرت مواقف متضاربة من المعارضة الخارجية ومسلحي «الجيش الحر»، من الاقتراح.
وفيما قد يشكل دفعاً لفكرة وقف إطلاق النار، أعلن رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان أنه اتفق والرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد على إصدار نداء مشترك تركي ـ إيراني دعماً لمطلب الإبراهيمي تنفيذ هدنة خلال عيد الأضحى الذي يحلّ في 26 تشرين الاول الحالي، وحث الدول المعنية بالأزمة السورية على القيام بالأمر ذاته، في حين أكدت الجامعة العربية، بعد اجتماع للإبراهيمي مع وزير الخارجية المصري محمد عمرو في القاهرة، ترحيبها بتطبيق هدنة في عيد الأضحى. وألمح أردوغان إلى إمكانية خروج السعودية من اللجنة «الرباعية»، مقترحاً تشكيل مجموعة ثلاثية. وسيزور الإبراهيمي بيروت اليوم حيث يلتقي الرؤساء الثلاثة.
وقرر البابا بنديكتوس السادس عشر «إرسال وفد إلى دمشق في الأيام المقبلة للتعبير عن تضامنه الأخوي مع كل الشعب السوري، كما أعلن المسؤول الثاني في الكرسي الرسولي الكاردينال تارتشيتسيو بيرتوني. وأضاف بيرتوني «لا يمكننا أن نكون مجرد متفرجين على المأساة الدائرة في سوريا»، مؤكداً أن مبادرة البابا يدعمها بقوة الأساقفة. واضاف بيرتوني، خلال سينودوس التبشير الجديد في الفاتيكان، إن «بعضاً منا، المقتنعين بأن حل الازمة لا يمكن الا ان يكون سياسياً، والذين يفكرون بالآلام الكبيرة للشعب، وفي مصير الأشخاص اللاجئين، وفي مستقبل هذا البلد، قد اقترحوا أن يعبر السينودس عن تضامنه». وسيحمل الوفد رسالة من آباء السينودوس والكرسي الرسولي للتعبير أيضاً عن «قربهم الروحي مع جميع الاخوة والاخوات المسيحيين»، في سوريا وتقديم «تشجيعهم للذين يبحثون عن اتفاق يحترم حقوق الجميع وواجباتهم مع إيلاء اهتمام خاص لما ينصّ عليه القانون الإنساني».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، رداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» حول دعوة الإبراهيمي لهدنة، إن «نجاح أي مبادرة يتطلب تجاوب الطرفين. الجانب السوري مستعدّ للبحث في هذا الطرح ونتطلع إلى لقاء السيد الإبراهيمي لنرى ما هو موقف الدول النافذة الأخرى التي أجرى محادثات فيها خلال جولته». وأضاف هل ستمارس هذه الدول «الضغط على المجموعات المسلحة التي تستضيفها وتموّلها وتسلحها كي تلتزم بوقف إطلاق النار هذا؟».
وقال اردوغان، في مطار أنقرة بعد عودته من العاصمة الأذربيجانية باكو حيث التقى نجاد، إنه «من المفيد أن تعبر دول المنطقة بشكل جماعي عن دعمها لدعوة الإبراهيمي لوقف إطلاق النار في عيد الأضحى».
وأشار إلى أن نجاد ابلغه أن «إيران ستصدر تصريحاً بهذا الفحوى، وبدورنا يمكن أن نقوم بتصريح مماثل في الوقت ذاته، وهذا أمر سيكون أفضل»، موضحاً انه يمكن لمصر وروسيا والسعودية أن تشارك في هذا الأمر من دون تقديم إيضاحات حوله. وتابع «قلنا إن في مثل هذا النداء من جانب الدول المعنية مباشرة بالموضوع (السوري) فائدة كبيرة». وتابع «اتفقنا (طهران وأنقرة) على إصدار بيان دعم مشترك بيننا لهذا الموضوع».
وأعلن اردوغان أنه قدم لنجاد اقتراحاً حول تشكيل ثلاثيات لحل الأزمة السورية. وقال «اقترحنا على الجانب الإيراني تشكيل آلية ثلاثية، تركية ـ إيرانية ـ مصرية، لتوحيد الجهود لحل الأزمة السورية»، وذلك بسبب أن السعودية لا تريد إيران في المفاوضات، مضيفاً أنه «قد تتشكل من إيران وروسيا وتركيا، أو تركيا ومصر والسعودية».
وأكد نجاد، خلال لقائه اردوغان، أن «لا سبيل سوى التفاهم الوطني وإجراء الانتخابات الحرة لتسوية المشاكل في سوريا». وقال «علي الجميع التزام واحترام حقوق الشعب السوري ومساعدته في الحصول علي حقوقه كافة». وشدّد على أن «لا جدوى من الحرب والصراع في سوريا، ولن يعود ذلك بالنفع على أي من الطرفين».
وأعلن أن «السبيل الوحيد لحل القضايا في سوريا هو أن تصر الدول ذات التأثير علي الصعيد الإقليمي، ومنها إيران وتركيا، علي إجراء انتخابات حرة في هذا البلد»، موضحاً أنه «في حال عدم تحقيق التفاهم في سوريا، فستستمر النزاعات الطائفية فيها مدة طويلة». وتابع «ينبغي بطبيعة الحال العمل لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في سوريا قبل تحقيق التفاهم وإجراء انتخابات حرة فيها»، موضحاً أن «علي الجميع أن يحترم جميع حقوق الشعب السوري، وبالطبع قد يكون هذا الطريق شاقاً، ولكن لا آلية سوى ذلك».
وشدد وزيرا الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي ونظيره التركي احمد داود اوغلو، خلال الاجتماع بينهما، على «ضرورة إيجاد حل للازمة السورية عبر الطرق السلمية».
وعقد الإبراهيمي اجتماعاً لمدة ساعة ونصف الساعة مع وزير الخارجية المصري محمد عمرو. ولم يدل الإبراهيمي بتصريحات عقب المباحثات، حيث غادر من الباب الخلفي للوزارة.
وأعلن نائب الأمـين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي أن الإبراهيمي سيبحث مع الأمين العام للجامعة الـعربية نبـيل العربي، «مجموعة من الاقتراحات والخطوات التي يمكن القيام بها لحلّ الأزمة السورية».
وحول موضوع الهدنة الذي اقترحه الإبراهيمي، قال بن حلي إن «أي كسر لدائرة العنف في سوريا سيخلق من دون شك مناخاً جديداً»، معرباً عن «الأمل في أن تكون هناك استجابة لوقف العنف من النظام السوري حتى ولو لفترة معينة، فأي جهد يُبذل لوقف هذه الدماء الزكية في سوريا نحن معها، والمهم هو كسر دائرة العنف بهدنة أو بشكل نهائي». وأضاف إن «الجامعة العربية مع أي جهد لوقف العنف، كما أنها تدعم جهود الإبراهيمي وتقدرها»، واصفاً مهمة الإبراهيمي بأنها «صعبة وتتطلب المزيد من الدعم لتحقيق المأمول منها».
ورحّب رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا بدعوة الإبراهيمي إلى هدنة. واعتبر أن «الجيش الحر يقوم بعمل دفاعي، وحين تتوقف آلة حرب النظام فمن الطبيعي أن يتوقف ردّ الجيش الحر».
وكان «قائد الجيش الحر العقيد» أحمد حجازي أعلن، لوكالة «الأناضول»، رفضه الهدنة. وانتقد «مسعى الإبراهيمي لإيجاد حل وسط للأزمة يقضي بالتوافق بين المعارضة والحكومة خلال مرحلة انتقالية». وقال «لن نقبل إلا بإزاحة نظام بشار بأكمله».
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية، إن «الإبراهيمي سياسي وديبلوماسي ومفاوض مخضرم. وتقدّر موسكو عالياً عزمه على تسريع البحث عن طرق للحل السياسي للأزمة السورية». وأضاف «كما نفهم، لا توجد لدى الإبراهيمي بعد خطة شاملة لحل الأزمة السورية. لكن لديه أفكار عامة لكيفية تحقيق الحل، وينوي المبعوث الدولي استخدام بنود خطة سلفه كوفي انان والبيان الختامي لمؤتمر مجموعة العمل حول سوريا الذي عقد في جنيف».
وأعلن أن وزير الخارجية سيرغي لافروف سيلتقي مع الرئيس المصري محمد مرسي والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي والإبراهيمي في القاهرة مطلع تشرين الثاني المقبل لبحث ملف الأزمة السورية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد