قطع الماء والكهرباء عن مدينة الحسكة
تكرَّرت أزمة انقطاع المياه عن نحو مليون شخص في مدينة الحسكة وأريافها، نتيجةَ الخلافات بين «قوات سوريا الديموقرطية»، «قسد»، والفصائل المسلّحة المدعومة من تركيا، وهو ما أدّى إلى الخروج التدريجي لمحطّة «علوك» عن الخدمة، قبل توقّفها عن العمل بشكل كامل. ويأتي تجدّد الأزمة نفسها، التي تضاعف من معاناة أهالي المدينة حالياً في ظلّ تجاوز درجات الحرارة الـ45 درجة مئوية، بعد توصُّل الجانبَين المتصارعَيْن، برعاية الجانب الروسي، إلى اتفاق في نهاية نيسان الماضي، قضى بتزويد مدينتَي رأس العين وتل أبيض المحتلّتَيْن بالكهرباء من محطّة «مبروكة»، في مقابل تزويد الحسكة وأريافها الغربية بالمياه من محطّة «علوك».
وأدّى انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات إلى توقُّف محطة «مبروكة» عن العمل، ما نتج عنه تالياً انقطاع شبه تامّ للكهرباء عن رأس العين وأريافها، دفَع الفصائل المسلّحة إلى التعدّي على خطّ الكهرباء الواصل إلى محطّة «علوك».
تعدّيات تسبّبت، بدورها، في انخفاض الوارد المائي من «علوك» من 80 ألف متر مكعّب يومياً، إلى أقلّ من 10 آلاف، وتالياً في انقطاع المياه عن غالبية أحياء الحسكة، منذ نحو شهر. ودفعت التعدّيات المتكرّرة من جانب الفصائل المسلّحة، «الإدارة الذاتية» الكردية إلى اتخاذ خطوةٍ مضادّة بقطع الكهرباء كليّاً عن محطة «علوك»، ما أدّى إلى توقّفها عن العمل وانقطاع الكهرباء عن كامل مدينة رأس العين وأريافها.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطّلعة، أن «الإدارة الذاتية الكردية قامت بقطع الكهرباء عن محطّة علوك، ردّاً على مخالفة الفصائل بنود الاتفاق، واستجابةً للنصائح الأميركية». وأوضحت المصادر أن «اشنطن تريد الضغط على الجانب التركي من خلال قطع الكهرباء عن رأس العين، لحلّ مشكلة المياه في الحسكة، في محاولة منها لتحسين صورتها في المنطقة، في ظلّ تنامي الاستياء الشعبي ضدّها». وأضافت أن «الولايات المتحدة تريد سحب الملفّ من روسيا وإدارته بنفسها، لتحقيق مكاسب سياسية»، ولا سيما أن «الجهود الأميركية ضعيفة وغير مؤثّرة، وسط غياب النفوذ الأميركي في المنطقة الممتدّة بين تل تمر وصولاً إلى عين عيسى». كما كشفت المصادر عن «عقد الجانب الروسي اجتماعَيْن منفصلَيْن مع ممثّلين عن الجهات الحكومية والإدارة الذاتية الكردية، لنقْل رؤيتهم إلى الاحتلال التركي، وإيجاد حلول ثابتة لمشكلة مياه الشرب»، متوقّعةً أن «تنجح الجهود الروسية خلال هذا الأسبوع، بإعادة المياه إلى المنطقة مجدداً».
بدوره، أشار محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل، إلى أن «هناك جهوداً حكومية وروسية مكثّفة ومستمرّة لإيجاد حلّ لجريمة الحرب الموصوفة المرتكبة بحقّ نحو مليون مواطن في الحسكة وأريافها»، لافتاً إلى «اجتماع الجانب الروسي مع وفد فنّي من مؤسسة المياه لشرح وقائع المشكلة، والرؤية الحكومية للحلّ المناسب لها». وأضاف أن «التواصل يوْمي ومستمرّ مع المنظمات الدولية والجانب الأممي، لتوحيد الجهود للضغط لإنهاء معاناة الأهالي»، مطالباً «المنظّمات الدولية بأداء دورها في وقف الجريمة، وترجمة التصريحات والأقوال إلى أفعال، من خلال تحييد محطّة علوك عن الصراعات». كما لفت المحافظ إلى أن «المؤسّسات الحكومية، بالتعاون مع الهلال الأحمر، بدأت باتّخاذ حلول إسعافية وموقّتة، من خلال تسيير صهاريج لتوفير مياه الشرب للأهالي، مع بحث إمكانية تعبئة الخزانات المنزلية للأهالي». واعتبر أن «الاحتلال التركي يريد تحقيق مكاسب وتنازلات في الملفّ، وهو ما يؤخّر عملية تشغيل المحطة»، محذراً من أن «تقديم التنازلات سيؤدّي إلى تمادٍ تركي إضافي، ويحوّل الملفّ إلى ورقة ابتزاز بحق الأهالي والحكومة».
أيهم مرعي
إضافة تعليق جديد