قيام دولة جنوب السودان: ترسيم الحدود -النفط- المياه والديون الخارجية

09-02-2011

قيام دولة جنوب السودان: ترسيم الحدود -النفط- المياه والديون الخارجية

الجمل: شهدت المنطقة العربية والأفريقية والإسلامية مؤخراً حدثاً في غاية الأهمية لجهة تداعياته الشديدة الخطورة على مستقبل البلدان العربية والأفريقية والإسلامية والعديد من بلدان العالم الأخرى وهو انفصال جنوب السودان وإعلان قيام دولة جديدة في العالم: فما هي معطيات هذا الحدث؟ وما هي تداعياته على المنطقة الإقليمية والدولية وعلى وجه الخصوص في المنطقة العربية والتي تواجه المزيد من النزاعات المهددة باحتمالات حدوث المزيد من إسقاطات سيناريو تقسيم السودان؟شمال السودان وجنوبه والملفات الساخنة: إيبي، النفط، المياه والحدود
* سيناريو الانفصال الجنوبي السوداني: توصيف المعلومات الجارية
أسفرت نتيجة استفتاء تقرير مصير السودان عن تصويت سكان الجنوب السوداني لصالح الانفصال بنسبة 98.5% وتقول المعلومات والتقارير بأن نسبة التصويت لصالح الانفصال داخل جنوب السودان قد بلغت 99.57%، ولكن، عندما تمت إضافة أصوات الجنوبيين الذين يعيشون في شمال السودان وخارج السودان فقد انخفضت النسبة إلى 98.5%.
تقول المعلومات، بأن اكتمال إعلان قيام دولة جنوب السودان سوف يتم بعد إكمال فترة انتقالية مدتها ستة أشهر سوف تمتد من لحظة بدء الاستفتاء في 9 كانون الثاني (يناير) 2011 وحتى يوم 9 حزيران (يونيو) 2011 القادم، وخلال هذه الفترة الانتقالية سوف تتم عمليات فك الارتباط بين شمال السودان ودولة جنوب السودان الوليدة، وفي هذا الخصوص نشير إلى أن عملية فك الارتباط سوف تشمل الآتي:
•    ملف الحدود: تغطي الحدود المنطقة الممتدة من حدود أثيوبيا وحتى حدود أفريقيا الوسطى، وذلك ضمن الشريط الفاصل بين مناطق جنوب السودان وشمال السودان والبالغ طوله حوالي 2000 كم، والمطلوب إكمال ترسيم هذا الشريط الحدودي وإسقاطه على الأرض ميدانياً.
•    ملف النفط: توجد العديد من الحصول النفطية في مناطق حدود شمال-جنوب السودان، والمطلوب تحديد تبعية هذه الحقول، بحيث يتم إضافة الحقول الجنوبية للجنوب والشمالية للشمال، وإضافةً لذلك فإن كل البنيات التحتية لأنابيب نقل النفط ومعامل التكرير والمصافي إضافة إلى ميناء التصدير توجد في شمال السودان.
•    ملف الديون الخارجية: سوف تتم عملية تحديد التزامات سداد الديون، بحيث يتم اقتسامها بنسبة معينة بين الطرفين، وذلك طالما أن دولة السودان الموحدة قد استدانت هذه الأموال، وبالتالي فإنه بعد الانفصال يقع على كل دولة نصيب معين من الديون، وسوف تتم عملية تقسيم الديون إما بنسبة توزيع السكان، أو بنسبة المساحة، أو بنسبة مشاريع التنمية الموجودة في كل دولة.
•    ملف العملة: يستخدم جميع سكان السودان عملة واحدة هي الجنيه السوداني، وبالتالي، فإنه بعد انفصال الجنوب، فإن دولة الجنوب سوف تقوم باعتماد عملتها الخاصة بها وطرحها للتداول، ومن المفترض خلال الفترة  القادمة أن يتم تحديد كيفية التعامل مع الأموال والمبالغ الموجودة بالجنيه السوداني لدى الجنوبيين، ومن يجب أن يتحمل سداد قيمة هذه العملة.
•    ملف المياه: يوجد جزء من حوض النيل في جنوب السودان، وعلى وجه الخصوص النيل الأبيض القادم من بحيرة فيكتوريا وروافده، وبالتالي، فالمطلوب تحديد كيفية اقتسام موارد مياه النيل مع دولة الجنوب الوليدة، وذلك بما يتوافق مع اتفاقيات توزيع المياه بين دول حوض النيل  العشرة.
•    ملف الهوية: يبلغ عدد سكان السودان حوالي 45 مليون نسمة، منهم حوالي 15 مليون جنوبي و30 مليون شمالي، وبسبب التداخل خلال فترة الدولة السودانية الواحدة، فهناك أكثر من خمسة مليون جنوبي يعيشون في الشمال وولد معظمهم في الشمال، إضافة لذلك، هناك مئات الآلاف من الشماليين الذين ظلوا يعيشون في الجنوب والذين ولد منهم عدد كبير في الجنوب إضافة إلى وجود عشرات الآلاف من الذين ينتمي أحد آبائهم إلى الجنوب والآخر إلى الشمال، وفي هذا الخصوص تقول التقارير بأن هناك مشاكل كبيرة سوف تنشأ حول كيفية فرز وتحديد الهوية.
•    ملف الترتيبات الأمنية: تتميز الحدود بين الشمال والجنوب بالطول والتعدديات المتنوعة في مختلف الجوانب البيئية والإثنية والاقتصادية، وبسبب تزايد المخاطر، فمن المفروض أن يتم التوافق على وضع الترتيبات الثنائية التي تؤمن تعاون دولة الشمال مع دولة الجنوب لجهة التعاون في الجوانب المتعلقة بضبط وتأمين الحدود.
•    ملف المناطق المعلقة: توجد حالياً ثلاثة مناطق هي: منطقة جبال النوبة، منطقة جنوب النيل الأزرق ومنطقة إيبي. هذا وبالنسبة لمنطقتي جبال النوبة ومنطقة جنوب النيل الأزرق فتبعيتهما محسومة لصالح الشمال، ولكن وبحسب بنود اتفاقية السلام، فهناك التزام بضرورة التوافق بين الطرفين حول الأوضاع المستقبلية لسكان هاتين المنطقتين وتلبية طموحات هؤلاء السكان إزاء الكيفية التي يرغبون لتدبير أوضاعهم المعيشية ضمن دولة شمال السودان، أما بالنسبة لمنطقة إيبي، فالخلافات سوف تنحصر في تحديد تبعيتها، بحيث يتم ضمها للجنوب أم للشمال، أم إخضاعها لاتفاق خاص يتوافق عليه الطرفان وسكان المنطقة.
توجد العديد من الملفات الأخرى والتي يتوجب التوصل إلى المزيد من التفاهم والتوافق حولها مما يحقق فك الارتباط السلس بين الدولتين.
وحالياً، نلاحظ أن ملف مستقبل منطقة إيبي وملف ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب هما الأكثر خطورة لجهة استقرار العلاقات بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان الوليدة.
* انفصال جنوب السودان: أبرز التداعيات الإقليمية والدولية
تحدثت الكثير من التحليلات والدراسات البحثية عن احتمالات أن يتحول سيناريو انفصال جنوب السودان إلى زلزال جيوسياسي واسع النطاق، وذلك لأن عشرات الحركات الانفصالية الناشطة في شتى بقاع العالم أصبحت تنظر إلى هذا الانفصال باعتباره النموذج الذي يجب الاحتذاء به لجهة تحقيق طموحات العشرات مكن الأقليات السكانية ذات التطلعات القومية-الاجتماعية لجهة الانفصال عن دولها وبناء الدولة الخاصة بها.
إضافة لذلك، فهناك الدول العظمى والكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية الساعية من أجل استخدام انفصال جنوب السودان ضمن نموذج يمكن تطبيقه لجهة إخضاع العديد من دول العالم الأخرى لسيناريو التقسيم والانفصال، ومن أبزر الدول التي تسعى أمريكا إلى تقسيمها نجد:
-    إيران: ترى الأطراف الأمريكية بإمكانية تقسيم إيران إلى عدة دول: بلوشستان، عربستان، كردستان إضافة إلى دولة خاصة بالأذربيجانيين، هذا إضافة إلى الجزء الفارسي الذي يمثل قوام الدولة الإيرانية اليوم.
-    الهند: تقول بعض التسريبات بأن واشنطن تخطط على المدى الطويل إلى تقسيم الهند إلى خمسة دول: دول للسيخ في منطقة البنجاب، دولة للمسلمين في المناطق الشمالية، دولة شمالية شرقية خاصة بالحركات ذات التوجهات الشيوعية الماوية، دولة للبوذيين ودولة للهندوس.
-    نيجريا: تقول التسريبات بأن واشنطن تدرس مدى إمكانية تقسيم نيجريا إلى ثلاثة دول: دولة للمسلمين في الشمال، دولة للإحيائيين الأرواحيين في الجنوب الشرقي، ودولة في الجنوب للمسيحيين الأنجيليكان البروتستانت.
-    السعودية: تشير العديد من المعطيات إلى طموحات أمريكية إسرائيلي لجهة تقسيم السعودية إلى خمسة دول: جنوبية، شرقية، شمالية، وسطى وجنوبية شرقية، وذلك بما يستوعب التقسيمات الطائفية والقبلية والعشائرية السعودية.
هذا، وتشير المعطيات إلى أن حمى الانقسامات والحركات الانفصالية سوف تزداد وتائرها أكثر فأكثر خلال العشر سنوات القادمة وخصوصاً إذا نجحت جماعة المحافظين الجدد الأمريكية من الصعود عبر الانتخابات الرئاسية القادمة وتوصيل رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض الأمريكي!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...