كرّ وفرّ في اسطنبول وأردوغان يطرح فكرة الاستفتاء
لم يغيّر الاجتماع بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وممثلين عن المتظاهرين في ساحة تقسيم، أمس، المعطيات إذ أفضى إلى «أوامر» جديدة من قبل الحكومة بضرورة إخلاء الساحة في مقابل إمكانية إجراء استفتاء داخل مدينة اسطنبول حول تطوير ساحة تقسيم.
وأعلنت الحكومة التركية أمس أن رئيس الحكومة لا يستبعد إجراء استفتاء في اسطنبول حول تطوير ساحة تقسيم. وقال نائب رئيس الحكومة حسين جيليك في ختام اجتماع طويل بين اردوغان و«ممثلين» عن المتظاهرين «قد نطرح هذه المسألة على اقتراع شعبي. في الديموقراطية وحدها إرادة الشعب هي التي تؤخذ بالحسبان». كما طلب جيليك مرة جديدة من المتظاهرين الذين لا يزالون يعتصمون في حديقة جيزي بضرورة مغادرتها «في أسرع وقت ممكن».
وقال إنّ «حديقة جيزي يجب أن تخلى في أسرع وقت ممكن. لا يمكننا بالتأكيد الموافقة على استمرار هذه التظاهرات الى ما لا نهاية».
وتابع «يجب أن تعود الحياة الى طبيعتها في حديقة جيزي واعتقد أنه بعد بادرة حسن النية هذه (احتمال اجراء الاستفتاء) فإن الشبان سيقررون مغادرتها».
وفي مطلق الأحوال يبدو أنّ الأمور ستتجه إلى مزيد من التصعيد إذ قالت «جماعة التضامن مع تقسيم»، التي تضم جماعات المتظاهرين، إن الوفد الذي اجتمع مع أردوغان لا يمثلها وإن قيمة الاجتماع لا تعدو أن تكون رمزية.
وخيّم هدوء حذر، أمس، على ساحة تقسيم في اسطنبول بعد بداية نهار شهدت الكثير من العنف إثر محاولات قوات الأمن السيطرة على الأوضاع.
ففي الساعات الأولى لصباح أمس، وصل عناصر الشرطة مقنعين ومسلحين بالهراوات، فيما كان المتظاهرون غارقين في النوم تحت الخيم التي نصبوها في حديقة جيزي وساحة تقسيم، ليستفيقوا على قنابل الغاز المسيل للدموع التي أنذرتهم بأن الهجوم عليهم قد بدأ.
واجتاح عناصر الشرطة مركز أتاتورك الثقافي القديم وانتزعوا منه عشرات اللافتات والصور التي كانت ملصقة على واجهته. وعلى بعد عشرات الأمتار من أشجار حديقة جيزي، حيث بدأ كل شيء في 31 أيار الماضي بدا المتظاهرون في حالة إعياء وتملأ الدموع عيونهم.
وفي وسط الساحة حضر بعض المتظاهرين للاشتباك مع الشرطة. ومع رشق أول الزجاجات والحجارة انهالت عليهم القنابل المسيلة للدموع ليغطي دخانها سماء اسطنبول. ولكن وفي أقل من ساعتين استعادت الشرطة سيطرتها الكاملة على الساحة إلا أنها لم تسع إلى اجتياح حديقة جيزي المجاورة. وعند الظهر انتهت عملية استعادة الساحة.
وبعد عشر ساعات من إطلاق الهجوم بات رجال الشرطة أسياداً على ساحة تقسيم إلا أنهم انسحبوا فجأة إلى مكان قريب من مركز أتاتورك الثقافي. وهذا ما كان يتمناه المتظاهرون الذين عادوا بقوة إلى الساحة، ليجتاح عشرات آلاف منهم المكان أمام عشر شاحنات ومئات الشرطيين. وبذلك عادت تقسيم من جديد للمتظاهرين لكن ليس لفترة طويلة، ليستمرّ الكر والفر بين الطرفين.
وبعد أقل من ساعة أخلى عناصر الشرطة الساحة للمرة الثانية وبعنف مضاعف. وفي وقت قصير خلت الساحة من المحتجين لينتشر فيها الشرطيون وكذلك امام حديقة جيزي التي لم تنج من الغاز المسيل للدموع.
وانتشرت وحدات من الشرطة في الشوارع المجاورة، حيث وُثّق تعرض شاب متظاهر لركل رجال الشرطة الذين ما لبثوا أن تركوه يرحل عندما رأوا مجموعة من الصحافيين.
وفي هذه الأجواء تحوّلت حديقة جيزي الى مستشفى ميداني تدفق اليه جرحى عديدون بسبب وجود مراكز تقدم الاسعافات الاولية تحت اشراف المتظاهرين.
ورداً على اعتقال عدد من المحامين أمس الأول، نظم نحو 500 محامٍ مسيرة احتجاج في أنقرة ونظمت أعداد أصغر من المحامين احتجاجات في مدن أخرى. وفي اسطنبول، قال نقيب محامي المدينة أوميت كوجاسكال في بيان إنّ «الشرطة تتدخل بطريقة غير مشروعة ضد مواطنين يمارسون حقهم الدستوري والديموقراطي في الاحتجاج».
وفي بيّنة أخرى على طريقة تعامل السلطات التركية مع الأحداث، ذكرت وسائل إعلام تركية أن هيئة البث التركية أعلنت أنها فرضت غرامات على أربع قنوات تلفزيونية بسبب طريقة تغطيتها للاحتجاجات واتهمتها بالتحريض على العنف.
في غضون ذلك، دعا الرئيس التركي عبد الله غول إلى الحوار مع المتظاهرين. وقال أمام الصحافيين خلال زيارة لمدينة ريز المطلة على البحر الأسود «إذا كان لدى الناس اعتراضات يتعين أن نبدأ حواراً معهم. لا شك في أن سماع ما يقولونه واجبنا»، مستدركاً أنّ «من يلجأون للعنف مسألة مختلفة ويجب أن نحددهم. يجب ألا نعطي العنف فرصة. لن يسمح بهذا في نيويورك ولن يسمح بهذا في برلين».
ووسط هذه الأجواء برزت أمس الانتقادات الدولية لطريقة تعامل السلطات التركية مع الأحداث، حيث عبرت بعض الدول الأوروبية، إضافة إلى واشنطن، عن قلقها حيال مجرى الأحداث، داعية إلى التهدئة والحوار، مذكرة في الوقت نفسه بـ«امتحان الدخول» إلى الاتحاد الأوروبي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كاتلين هايدن في بيان «نواصل متابعة الأحداث في تركيا بقلق ومازال اهتمامنا دعم حرية التعبير والتجمع بما في ذلك حق الاحتجاج السلمي»، مضيفة «نعتقد أن أفضل ما يضمن استقرار تركيا على المدى الطويل هو تعزيز الحريات الأساسية. تركيا صديق وحليف وثيق للولايات المتحدة ونتوقع أن تعزز السلطات التركية هذه الحريات الأساسية».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد