كيف تستطيع الشركات تحسين سمعتها المتضررة؟
لا تقتصر تداعيات كارثة بحجم أزمة «سامسونغ غالاكسي نوت 7» بادية من خلال تراجع أسعار أسهم الشركة في أسواق المال أو انخفاض أرباحها الفصلية أو استدعاء المنتج من الأسواق. لكن تبعات اشتعال النار في هواتف نوت 7 ستبقى لسنوات على الأرجح، وستتسبب في أضرار لا حصر لها لسمعة الشركة الكورية الجنوبية.
يقول خبراء في مجال التسويق إن الخطورة على سامسونغ تكمن في الإضرار بعلامتها التجارية في ما يتعلق بأمور غير ملموسة مثل ولاء المستهلك وسمعة الشركة وتميز العلامة التجارية. فالنزاهة تعدّ الرصيد الأكثر قيمة بالنسبة للشركات الكبيرة، كما أن تحسين سمعة الشركة المتضررة يمكن أن يكون عملاً مؤلماً ومكلفاً وطويل الأمد.
خير مثال على ذلك ما حدث لشركة «فولكسفاغن» الألمانية التي ما زالت تحاول استعادة سمعتها بعد فضيحة العام الماضي المتعلقة باستخدام الشركة لبرمجيات تعمل على إظهار كمية أقل من التلوث الناجم عن محرك السيارة عند فحصها.
مثال آخر هو شركة «ويرلبول» التي كان يتعين عليها تعديل خمسة ملايين جهاز لتجفيف الملابس عرضة للاشتعال بسبب خطأ في تصميمها. وهناك أيضاً شركة «ميرلين أتراكشنز»، المالكة لمدينة ملاهي ألتون تاورز، التي غرّمت الشهر الماضي بخمسة ملايين جنيه استرليني بعد سقوط أرجوحة دوارة أدت إلى إصابات خطيرة.
لكن إذا احتاجت شركة إلى تحسين سمعتها المتضررة، فما هي الوسيلة المثلى لذلك؟
دقيقة تدمّر سنوات
يقول تيم وارد، الرئيس التنفيذي للهيئة التجارية المعروفة باسم تحالف الشركات المتداولة والتي تمثل الشركات البريطانية الصغيرة ومتوسطة الحجم المسجلة في سوق الأسهم، إنه يتعين على الشركات وقت الأزمات أن تلجأ إلى أقسام العلاقات العامة قبل أن تلجأ إلى دوائرها القانونية أو استشارة محاميها.
ويضيف: «المسألة تتعلق بأن تواجه الجمهور بخطة واضحة عن المآلات المتوقعة. الأمر كله يتعلق بالتواصل مع الجمهور». ويشير وارد إلى أن الشركات الممثلة في الهيئة التجارية المذكورة تشاركه الرأي وأن غالبية رؤسائها قالوا في استطلاع إنه في حال وقوع كارثة فإن أول خطوة لهم تكون استدعاء فريق العلاقات العامة وليس الدائرة القانونية للشركة.
ويقول وارد إن النموذج الأمثل في التعامل مع الأزمات هو ما حدث من استدعاء شركة «جونسون آند جونسون» للأدوية العام 1982 لأفضل منتجاتها من السوق، وهو مسكن «تايلينول» بعد وفاة سبعة أشخاص في منطقة شيكاغو بسبب تناولهم أقراصاً ملوثة بمادة السيانيد.
وفي الوقت الذي كان يندر فيه أن تستدعي الشركات منتجاتها، وضعت «جونسون آند جونسون» المستهلكين في مقدمة أولوياتها وسحبت على الفور 31 مليون زجاجة تايلينول بعد عمل تخريبي متعمد وخبيث قام به شخص ما زال مجهولاً. وبعد سنة استعادت أسهم الشركة عافيتها، وظهر رئيس الشركة جيمس بروك كبطل بسبب طريقة معالجته للأزمة.
ويقول وارد: «إذا كانت الأمانة متوفرة في شركتك، فإن هذا هو المجال الذي ينبغي أن تعمل على أساسه. يتعين عليك أن تفعل الصواب. وكما قال وارن بافيت، يستغرق الأمر سنوات لبناء سمعة جيدة، ويستغرق دقائق لتدميرها».
القائد القوي ضرورة
ويقول نيل ماكلويد، مستشار بشركة «بي إتش إيه» لإدارة الأزمات: «يبدو ان سامسونغ لا تعرف ما هي المشكلة. يقال إن خسائر الشركة جراء تلك الأزمة وصلت إلى 17 مليار دولار، ويمكنها التغلب على ذلك، لكن المشكلة التي تواجهها الشركة هي ما إذا كانت أزمة نوت 7 سوف تنسحب على ثقة المستهلكين في بقية منتجاتها».
وأضاف: «من الواضح أن شيئاً ما سار بطريقة خاطئة داخل الشركة في ما يتعلق بإصلاح الخطأ، ليصبح ذلك جزءاً من المشكلة. أن تخطئ مرة، فهذا ضرر كبير في حد ذاته، لكن أن تفعلها للمرة الثانية فهذا أمر لا يصدق».
ويقول ماكليود إنه من منظور العلاقات العامة، من المهم أن يكون لدى الشركات وجه معروف قادر على التعامل مع الأزمات، وهو ما لم يره بعد في سامسونغ.
ويضيف: «رأيت بيانات صادرة عن سامسونغ، لكنني لم أرَ وجه سامسونغ في كل ذلك. لم أرَ مديراً تنفيذياً يعيد الطمأنينة، ولا أعرف من هو الذي يتولى القيادة أثناء هذه الأزمة. في أي سيناريو لأزمة من الأزمات تكون بحاجة إلى قائد قوي يخرج على الملأ ويطمئن الجمهور بخصوص ما تقدمه الشركة وبحضورها وتفاعلها مع الأزمة».
المكابرة خسارة مضاعفة
يقول ديميتريوس تسيفريكوس، أستاذ علم نفس الشؤون الاستهلاكية والتجارية في «جامعة كوليدج» في لندن، إنه يتعين على الشركات أن تدرك أن استدعاء منتجاتها من السوق ما هو إلا خطوة أولى في إطار سلسلة من الخطوات.
«الأمر يتعلق بأن تكون سريعاً وتتحلى بالثقة وتتحمل المسؤولية. لا ينبغي أن تكابر الشركات. من حاولوا إخفاء هذه الأشياء في الماضي دفعوا ثمناً أعلى بكثير بخسارتهم ثقة المستهلك». ويشير تسيفريكوس إلى أنه إذا فقدت العلامة التجارية رغبة الجمهور فهذا يعني أنها خسرت كل شيء.
في شركة «ميرلين»، التي تملك «ألتون تاورز»، يقول جيمز كرامبتون مدير الشؤون الداخلية للشركة إن مدينة الملاهي تضم خدمات طوارئ مخصصة لمواجهة الحوادث، لكن هناك أملا في ألا يكون من داع لاستخدامها.
«لم نقلل أبداً من فداحة الحادث، وكان ردنا الفوري وخطواتنا التالية مدفوعة بالرغبة في القيام بما اعتقدنا أنه الصواب من وجهة نظر المتضررين من الحادث».
وقد كان نك فارني، المدير التنفيذي لشركة «ميرلين»، حاضراً على الفور في مكان الحادث في مدينة الملاهي وتولى القيادة في ما يتعلق بالاتصالات اللازمة كافة.
ويقول كرامبتون إن تحمل المسؤولية كان جزءا مهما في العملية، وتحملت الشركة المسؤولية الكاملة في اليوم نفسه لوقوع الحادث. وأشار إلى أن «ميرلين» اختارت ألا تلجأ للاستشارات القانونية طويلة الأمد مع المحامين وغيرهم من المستشارين، مضيفا: «لم نحاول الاختباء خلف المحامين».
(بي بي سي)
إضافة تعليق جديد