لماذا لم تعلن السعودية الرقم الدقيق للضحايا؟
بعد اسبوع على كارثة الحج، لا يزال المئات في عداد المفقودين جراء التدافع الذي وقع في مشعر منى.
وفي وقت لم تكشف السعودية عن ارقام المفقودين، بدا لافتاً التباين بين عدد القتلى المعلن من قبل السلطات المحلية في الدول الاسلامية التي قُتل رعاياها في احدى اكبر الكوارث في تاريخ الحج، وبين الحصيلة التي قدمتها السلطات السعودية، ما يطرح التساؤلات عن الاسباب التي تدفع الرياض الى عدم الاعلان عن الرقم الحقيقي للضحايا حتى الآن.
في هذا الوقت، سعت السعودية وايران الى تهدئة حرب التصريحات بشأن كارثة الحج، اذ قدمت الرياض التعازي لطهران، في خطوة رمزية، تلاها اعلان مشترك عن اتفاق بشأن نقل جثث القتلى الى طهران في محاولة للتعرف على اصحابها، مع ارتفاع عدد القتلى في صفوف الحجاج الايرانيين الى 464 شخصاً، وفقاً لآخر حصيلة معلنة من قبل طهران، ومن بينهم السفير السابق للجمهورية الاسلامية في لبنان غضنفر ركن ابادي وثلاثة ديبلوماسيين آخرين، وفقاً لما اوردته وكالات انباء ايرانية.
ولا يزال المئات في عداد المفقودين حتى اليوم بعد اسبوع من التدافع الذي ادى الى مقتل المئات في مشعر منى اثناء موسم الحج، فيما تجاوزت اعداد القتلى التي تعلن عنها الدول منفردة عن الاجمالي الذي اعلنته السعودية.
واكدت السعودية قبل ايام مقتل 769 شخصا واصابة 934 اخرين في الكارثة التي وقعت اثناء رمي الجمرات في منى. ولم تكشف الرياض عن ارقام للمفقودين كما لم تكشف عما اذا كان هناك قتلى بين السعوديين في الكارثة.
واستنادا الى ارقام القتلى من 23 بلداً، ومعظمها من مصادر رسمية، فان عدد القتلى تجاوز 990 قتيلا، في حين تحدثت التقارير عن فقدان اكثر من 600 شخص.
ولم يتضح سبب التفاوت في الارقام، بين ما اعلنته السلطات الرسمية في الدول التي فقدت رعاياها في الكارثة وبين الحصيلة الرسمية السعودية.
والتقطت السلطات السعودية صورا لجثث القتلى ونشرتها في منى «حتى يتمكن الناس من العثور على الاشخاص الذين قتلوا او على الاقل معرفة انهم قتلوا»، فيما ذكرت صحيفة «المدينة» السعودية ان موظفين يتوزعون على 20 فريقاً من مديرية الجوازات يقومون بزيارة مستشفيات منطقة مكة لاخذ بصمات القتلى اضافة الى المصابين الذين لم يتم التعرف على هوياتهم.
ولكن هذه الاجراءات لم تخفف من حدة الغضب في دول اسلامية عدّة على الطريقة التي تعاملت من خلالها المملكة السعودية مع كارثة الحج.
وكانت ايران ألقت مسؤولية حادث التدافع على السعودية وطالبت باعتذار من الرياض واتهمتها بعرقلة الجهود لاعادة جثث القتلى.
ولكن وكالة الانباء السعودية ذكرت، يوم امس، ان وزيري الصحة السعودي والايراني اتفقا في جدة على اعادة جثامين الحجاج الايرانيين الذين قضوا خلال التدافع.
واوضحت الوكالة االسعودية، في خبر نشرته فجر امس بعد اجتماع في جدة بين وزير الصحة السعودي خالد الفالح ونظيره الايراني حسن هاشمي، ان «الطرفين اتفقا على نقل جثامين المتوفين الايرانيين الذين تم التعرف عليهم في اسرع وقت... كما اتفقا على الاستمرار بالتواصل للتعرف على البقية ورعاية حالة المصابين».
وبالامس، قالت هيئة الحج والعمرة الإيرانية في بيان نشر على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي على الإنترنت انه «بعد سبعة ايام من الحادث وزيارة المستشفيات (في السعودية)... يؤسفنا أن نعلن ان عدد الإيرانيين الذين توفوا هو 464».
ويعد هذا اكبر عدد يسقط من القتلى الإيرانيين منذ لقي اكثر من 600 شخص حتفهم في زلزال العام 2005.
ومن بين الضحايا شخصيات ايرانية احدها السفير الايراني السابق في بيروت غضنفر ركن ابادي ( تولى هذا المنصب بين العامين 2010 و 2014) بحسب ما اوردت وكالة الانباء الطلابية الايرانية التي اشارت الى ان وزير الداخلية توجه لزيارة عائلته لتقديم التعازي باسم الرئيس الايراني حسن روحاني. وكانت الخارجية الايرانية افادت الاربعاء ان ركن ابادي (49 عاما) من بين المفقودين. كما اشارت وكالات الانباء الايرانية الى ان ثلاثة ديبلوماسيين آخرين قضوا في الكارثة.
وفي ما يتعلق بالهند، التي قتل 51 شخصاً من حجاجها، نقلت صحيفة «اراب نيوز» عن محبوبة مفتي مسؤولة وفد الحجاج الهنود قولها ان «عائلات المفقودين تشعر بقلق بالغ... ومع كل يوم يمر يزداد القلق».
والتقى مسؤولون من باكستان، التي اعلنت عن مقتل 46 من حجاجها وفقدان اكثر من 40 آخرين، بوزير الحج السعودي بندر بن حجار، بحسب «اراب نيوز». وقال حجار انه يشارك اقارب الحجاج قلقهم، واكد ان الحكومة السعودية تبذل «جميع الجهود» لمعالجة القضايا التي اثاروها، في وقت امر جهاز تنظيم الاعلام الباكستاني قنوات التلفزيون بخفض حدة الانتقادات الموجهة الى السعودية لتجنب اغضاب البلد الذي يعد من اقوى حلفاء اسلام اباد.
واعلنت مصر ان 124 حاجا مصريا قتلوا في الكارثة، وهو ثاني اكبر عدد بعد ايران.
اما نيجيريا فاكدت مقتل 64 شخصا، واعلنت عن اكبر عدد من الحجاج المفقودين.
وصرح اوبا مانا المتحدث باسم لجنة الحج الوطنية النيجيرية «يوجد 244 نيجيريا مفقودا، لكننا لا نعتبرهم في عداد القتلى الا اذا شاهدنا جثثهم».
كما تصاعدت مشاعر الاحباط كذلك في اندونيسيا، التي تضم اكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، حيث وصل عدد القتلى من الحجاج الى 59 حاجا، اضافة الى 74 مفقودا.
وصرح وزير الشؤون الدينية الاندونيسي لقمان حكيم سيف الدين، المتواجد حاليا في مكة، ان جاكرتا ارسلت مذكرة ديبلوماسية الى الرياض تطلب فيها السماح لفرق طبية اندونيسية بتفحص الجثث التي يتم تحميلها في حاويات، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية «انتارا». وقال الوزير الاندونيسي ان هذا الاجراء اسرع من انتظار اصدار صور القتلى.
وقالت وسائل إعلام سعودية وايرانية إن السعودية قدمت العزاء للجمهورية الاسلامية، امس الاول، خلال اجتماع بين وزيري الصحة بالبلدين في مدينة جدة.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن وزير الصحة الإيراني حسن غازي زاده هاشمي قوله «كان الاجتماع إيجابيا وقدم الوزير السعودي تعازيه للزعيم الأعلى وحكومة وشعب ايران».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد