لماذا نقلت المعارضة السورية معركتها الفاصلة إلى لبنان؟
استنفرت أحداث طرابلس الدبلوماسيتين العربية والغربية على حد سواء في ظل اعتقاد سائد لديهما بأنّ الامور تكاد أن تخرج عن السيطرة بعد الانزلاقات الخطيرة التي لامست الخطوط الحمر وتخطت السقوف المرسومة. فتداعيات الازمة السورية انعكست، بحسب هؤلاء، بشكل مباشر على لبنان، وجعلت من شماله امتدادا أمنيا ولوجستيا ليس فقط لـ"الجيش السوري الحر" الذي بات يتنقل بحرية تامة ضمن هذه البقعة التي تشكل الحديقة الخلفية لمحافظة حمص، كما لريف دمشق، بل لتنظيم "القاعدة" والمنظمات الاصولية والحركات السلفية التي دخلت مباشرة على الخط السوري الساخن وشكلت جزءا لا يتجزأ من المعارك الأمنية المستمرة بين نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه.
وفي هذا السياق، يكشف دبلوماسي شرقي أنّ معلومات بلاده تؤكد أنّ المعارضة السورية تلقّت في الأسابيع القليلة الماضية كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والتجهيزات الحديثة، فضلا عن الاموال النقدية، ما سمح لها بشكل أو بآخر أن تنقل الأزمة إلى مدينة طرابلس، بعد أن كانت تكتفي في الأسابيع الماضية بإرسال مقاتليها إلى شمال لبنان للراحة أو لتلقي العلاج في مستشفيات ومستوصفات طرابلس. كما يؤكد الدبلوماسي، والمعلومات لخارجية بلاده، أنّ المخابرات المركزية الأميركية، وبالتعاون مع نظيراتها السعودية والقطرية والتركية، هي التي تقوم بعمليات التحضير والتنسيق، وذلك منذ زيارة الوفد الاميركي الاخيرة إلى بيروت، حيث تشير المعلومات أيضا أنّ عدداً من مرافقي السيناتور الاميركي جوزيف ليبرمان لم يغادروا معه، إنما مكثوا في الشمال تحضيرا لما جرى ويجري من جهة وتأسيسا لانتقال قائد "الجيش السوري الحر" العقيد رياض الأسعد إلى لبنان إيذانا بتوسيع رقعة الاشتباكات على الحدود السورية لاستنزاف قوات النظام وإضعافها، وبالتالي تخفيف الضغط الامني والعسكري عن الداخل السوري بما يسمح للمسلحين بالمزيد من الحراك.
في هذا السياق، رصدت المصادر موقف الأسعد من المسؤول السياسي في "الحزب العربي الديمقراطي" رفعت عيد، ودخوله على خط علويي طرابلس في محاولة لتأجيج الصراع المذهبي، وذلك في خطوة جديدة ومباشرة للمعارضة السورية المسلحة تهدف على ما يبدو إلى إجراء عملية فرز جديدة، تؤسس بدورها إلى حالة إضافية ضاغطة على النظام السوري بعد أن بات مرجحا أن تنتقل الازمة السورية من دائرة المراوحة إلى مرحلة الحسم الطويل الأمد الذي قد يمتد بحسب المؤشرات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
غير أنّ الدبلوماسي الشرقي لا يسقط من حساباته الاستراتيجية الكباش الدائر بين طهران وواشنطن عشية بدء جولة جديدة من المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الست في العراق. فالأولى تدرك جيدا أنّ الحرب التي يشنها بعض العرب برعاية الغرب على سوريا تهدف أولا وأخيرا إلى ضرب الأذرع الايرانية على امتداد المنطقة المحيطة بإسرائيل بدءا من غزة مرورا بسوريا وانتهاءً بلبنان. وبالتالي فإنّ خسارة أيّ معركة كفيلة بتعديل موازين القوى في الحرب الباردة الدائرة بين كبار اللاعبين، بينما تسعى الثانية لتحسين موقعها التفاوضي تمهيدا لتوظيف اي تقدم على مستوى الاتصالات في معركة الرئيس باراك اوباما للاستمرار في البيت الابيض ولاية اضافية.
وازاء الصورة السوداوية التي ترسمها الدبلوماسية الشرقية، يعرب المصدر عن اعتقاده بان الامور خرجت من يد اللبنانيين لتستقر في اجندات الكبار.وبالتالي فان الامور باتت مفتوحة على الاحتمالات كافة بما فيها تغيير القرار الدولي من رسم حدود لاستقرار لبنان للانفلات الذي لن تنجو منه اي دولة في هذا المحيط العربي الهائج.
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد