ليفني توقّع شراكة مع باراك وتشكيل الحكومة بيد «شاس»

14-10-2008

ليفني توقّع شراكة مع باراك وتشكيل الحكومة بيد «شاس»

بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على تكليفها بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، قطعت رئيسة حزب »كديما« وزيرة الخارجية تسيبي ليفني المرحلة الأولى من رحلة الألف ميل، باتفاقها بالأحرف الأولى، أمس، مع حزب »العمل« على دخول ائتلافها الحكومي. ويمثل هذا الاتفاق أول إنجاز لليفني، في محاولتها ترسيخ زعامتها في حزبها أولاً وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية لاحقاً. وبرغم أن هذا الاتفاق لا يضمن تشكيل حكومة جديدة، إلا أنه يفتح الباب أمام هذه الخطوة.
وكانت ليفني قد أصرّت، في مفاوضاتها الشاقة مع »العمل«، على إنجاز اتفاق أولي حول الحكومة قبل بدء عطلة عيد المظلة الذي يستمر أسبوعاً. ورأت في اتفاق مماثل إشارة إلى أن تشكيل الحكومة ليس هدفاً بعيد المنال وأنه قاب قوسين أو أدنى. وثمة من يشدّد على أن ليفني هددت بأنه إذا لم يتم التوقيع على الاتفاق قبل بدء عطلة الأعياد، فإنها لن توقع عليه بعدها. كما ثمة من يعتقد أن إصرار ليفني على تحقيق هذا الإنجاز قبل الأعياد، دفعها إلى تقديم تنازلات لحزب »العمل« ورئيسه إيهود باراك. وبين أبرز تلك التنازلات ابتداع منصب جديد لباراك باسم »نائب أعلى لرئيس الحكومة«.
ويضمّ الاتفاق الجديد ملحقاً للاتفاق السابق بين »العمل« و«كديما«، في الحكومة التي تأسست بعد انتخابات .٢٠٠٦ ويحوي الملحق أربعة بنود مركزية: البند السياسي يشدّد على أن المفاوضات في المسارين السوري والفلسطيني تتم بالتعاون الكامل بين الحزبين وأن يكون باراك شريكاً كبيراً فيها. أما في البند التنظيمي الذي يرتب العلاقات داخل الحكومة والمجلس الوزاري المصغر، فإن كل المبادرات التي تعرض فيهما تتم بالاتفاق المسبق مع »العمل« وإذا لم يحدث اتفاق يؤجل عرضها لمدة أسبوعين، تستطيع بعدها ليفني عرضها على الحكومة بعد استنفاد النقاش للتصويت عليها. وفي الجانب القضائي، نال »العمل« ما يمكن اعتباره حق نقض لمبادرات وزير العدل دانييل فريدمان، ولكنه لم ينل مطلبه في زيادة عضويته في لجنة تعيين القضاة. وهناك البند الرابع الذي يسمّى »قانون باراك« ويقضي بتقديم الحكومة مشروع قانون للكنيست يتيح لرئيس الكتلة الأكبر أن يكون زعيماً للمعارضة حتى لو لم يكن عضو كنيست.
ووقع الاتفاق تساحي هنغبي عن »كديما« وآفي أوشعيا عن »العمل«، بعد جلسة مداولات أخيرة ومكثفة استمرت ١٧ ساعة جرى فيها بلورة نقاط التفاهم. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد تحدثت عن تفاهم شفوي بين باراك وهنغبي، في اجتماع جرى في بيت الأول قبل يومين. وأشارت الأنباء الإسرائيلية الى أن باراك طلب من هنغبي صياغة الاتفاق كتابة، وهو ما استغرق كل هذا الوقت.
وبرغم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق الشراكة، إلا أن الطرفين أبقيا العديد من قضايا الخلاف مفتوحة. واعتبر قادة »كديما« التوقيع على الاتفاق قبل الأعياد شهادة على جدية المفاوضات لدخول الحكومة، أكثر مما هو اتفاق فعلي على التفاصيل والأدوار. وبكلمات أخرى فإن هذا الاتفاق هو نوع من إعلان مبادئ للشراكة في الحكومة المقبلة وهو يحتاج إلى تصديق مؤسسات الحزبين.
وفيما يصوّر بعض قادة »العمل« الاتفاق على أنه شراكة في القيادة، يصر قادة »كديما« على أن الحكومة الجديدة »ليست برأسين«. ويؤكد هؤلاء أن حكومة إسرائيل هي برئاسة ليفني وليس أي شخص آخر.
ويعتبر »العمل« أن بين أهم إنجازاته في الاتفاق عدم زيادة رسوم الدراسة الجامعية. وأوضح أنه راض عن الاتفاق الذي يضمن، من وجهة نظره، إدارة سليمة للحكومة وشراكة حقيقية لحزب »العمل« في قيادة الدولة والمفاوضات السياسية مع السوريين والفلسطينيين. واعتبر مقرب من باراك أن أحد أبرز إنجازات التفاوض، الاتفاق على ألا تُتخذ أي قرارات في المجلس الوزاري المصغر من دون موافقة باراك ومباركته.
وكان باراك قد اشترط في الأيام الأخيرة لمشاركته في الحكومة، إيقاف مبادرات فريدمان والتي تمسّ بمكانة المحكمة العليا في النظام القضائي الإسرائيلي. وطالب باراك بـ»اتفاق مفصل يضع حداً للحملة العديمة المسؤولية على سلطة القانون ويسمح بإدارة ناضجة ومسؤولة في هذا الميدان«.
ومن المتوقع أن توجّه ليفني جهودها الآن إلى داخل »كديما« وإلى حركة »شاس« على وجه الخصوص. فليفني تدرك أن الجسم الأساسي من »حزب المتقاعدين« لا يستطيع الجلوس في مقاعد المعارضة، مما يضمن وجودهم في أي حكومة. و»العمل« يطالب بحقوق للكتلة المنشقة عن »حزب المتقاعدين« والمسماة »حقوق المسنين«. ولكن زعيم »حزب المتقاعدين« رافي إيتان شدّد على أنه يرفض الجلوس في حكومة واحدة مع المنشقين. كما أن »كديما« يطالب »العمل« بالتخلي عن منصب رئيس لجنة المالية في الكنيست لحزب »يهدوت هتوراة«، من أجل تسهيل تأييد هذا الحزب للحكومة في الكنيست. ولكن اجتماع كل من »كديما« و»العمل« و»المتقاعدين« لا يمكنه أن يوفر أساساً لحكومة، وسيظل بحاجة إلى حركة »شاس« الشريك في الائتلاف الحالي أو إلى ضمّ حركة »ميرتس« اليسارية.
ومن البديهي أن لكل واحد من هذه الخيارات ثمنه. فحركة »شاس« ترفض أن تتواجد في حكومة واحدة مع »ميرتس«. لذا فإن وجود »ميرتس« في الحكومة يعني حكومة أقلية يمكن أن تبقى فقط برضى الأحزاب العربية. وهذا ما يشدّد كثيرون في »كديما«، وأبرزهم شاؤول موفاز، على رفضهم له. ومع ذلك فإن الثمن الذي تطالب به »شاس« لمشاركتها في الائتلاف باهظ نسبياً: ميزانيات وشروط سياسية.
وأثار اتفاق »كديما« و»العمل« غضب حزب »الليكود« الذي سارع إلى اتهام »العمل« بالسعي للبقاء في أي حكومة، بسبب خوفه من خوض الانتخابات. وكان رئيس »الليكود« بنيامين نتنياهو قد اتصل بالزعيم الروحي لحركة »شاس« الحاخام عوفاديا يوسف، لحثه على عدم الانضمام لحكومة ليفني.
لكن ليفني ردّت على كلام نتنياهو، بدعوته هو إلى المشاركة في الحكومة. وقالت إن »الباب مفتوح له لدخول الحكومة، هنا وفوراً«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...