مؤتمر استنبول لا يحقق اختراقاً عراقياً وإيران تتقدم بخطة لكركوك
لم يحقق المؤتمر الوزاري الدولي الموسع حول العراق، الذي اختتم أعماله في اسطنبول امس الاول، أي اختراق حول ملف الازمة العراقية، بعدما سيطر التوتر التركي الكردي، والملفات الاقليمية، على لقاءاته ومشاوراته، فيما برز اقتراح ايراني يطالب بتأجيل الاستفتاء حول مصير مدينة كركوك لعامين، ويدعو بغداد الى ان تتقدم بخطة تنظم بدء انسحاب قوات الاحتلال الاميركي.
وعقد وزراء خارجية دول جوار العراق، اجتماعا حول افطار عمل بدعوة من وزير الخارجية التركي علي باباجان. وحضر الاجتماع وزراء خارجية السعودية والكويت والاردن وسوريا وايران بالإضافة الى مصر والبحرين. واستأنف الوزراء المشاركون الجلسات بمشاركة نظرائهم او من يمثلهم من الدول الكــبرى الخمس، والأمين العام للامم المتحدة بان كي مــون، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمــرو موســى، والأمين العام لمنظمة المؤتــمر الاســلامي إكمال الدين احسان اوغـلي، وممثلين عن مجموعة الثماني.
وركزت كلمات كبار المشاركين في الجلسة الافتتاحية، على الارهاب في العراق والمنطلق من اراضيه وتداعياته على الدول المجاورة. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ان «المجموعات الارهابية المتمركزة في بعض مناطق العراق وتلحق الضرر بالدول المجاورة، هي مسألة تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة ومهمة»، من دون ان يحدد ماهية هذه التدابير. واعتبر ان «تحسين الاوضاع في العراق والمصالحة السياسية يقعان ضمن مسؤولية الحكومة العراقية»، لكنه دعا «دول الجوار الى توفير الامن ودعم» هذه الحكومة.
من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «لقد تراجع العنف الطائفي كما ان المصالحة الوطنية تأتي تعبيرا عن هزيمة تنظيم القاعدة الإرهابي.. ونعلن بكل ثقة ان العراق خرج من المحنة الصعبة، كما انــنا نقترب من تفكيك التنظيم الإرهــابي ومن ثم القضاء على الميليــشيات». واضاف «قدمنا معلومات الى دول الجوار عن هروب عناصر القاعدة الى اراضيها لتمارس دورها التخريبي.. ان عراق اليوم أفضل مما كان عليه أثناء مؤتمر شرم الشيخ».
وتابع رئيس الوزراء العراقي «نجدد الدعوة الى دول الجوار لتشديد الاجراءات الامنية على حدودها كما نطالب بمنع صدور الفتاوى التكفيرية لتأجيج الفتنة الطائفية.. وندعــو أيضا الى تجفيف منابع الارهاب الفكرية». وطالب بـ»مبادرة كريمة لمحو الديون المترتبة على العراق.. ونتوقع اعادة فتح السفارات في القريب العاجل.. فالعراق العريق يرفض ان يكون هامشيا او ان يكون ساحة لتصفية الخلافات وهو مستعد لتأدية دور في التقريب بين الدول».
ودعا المالكي الى التعاون ضد حزب العمال الكردستاني. وشدد على «العلاقات الجيدة» مع تركيا، مؤكدا «اننا نحرص على الا تؤثر المشاكل الارهابية على تركيا.. كما اننا نعي مدى التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني الذي ندينه بشدة». وختم قائلا ان العراق «قرر إغلاق مكاتب الحزب الإرهابي واتخاذ اجراءات صارمة ضده.. وسنراقب عناصره في المنــاطق التــي تــتواجد فيـها».
وجدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اعتباره ان استخدام المقاتلين الاكراد للأراضي العراقية من اجل شن هجمات في تركيا امر «غير مقبول». ودعــا الى انــشاء «آلية تسهل الاتصال والتعــاون بين البلدين» مثل انشاء نظام ضباط ارتباط على طول الحدود.
وعلى هامش أعمال المؤتمر، قدم وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي خطة تقترح إرجاء الاستفتاء حول مصير كركوك المقرر إجراؤه بحلول 31 كانون الاول لمدة عامين. والاقتراح الايــراني، جزء من مجموعة اقتراحات تدعو ايضــا الى بدء انسحاب للقوات الاجنبية «بناء على خـطة تقدمها الحكومة العراقية، ومن ثم بنــاء على هذه الخطة، يجب على الامم المتحــدة اتخاذ قرار ينهي مهمة القـوات الاجنبــية في وقت محدد».
وعلق المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ على الخطة الايرانية، قائلا ان العراقيين يقبلون النصيحة لكنهم يرفضون السماح لاحد بالتدخل في شؤون العراق الداخلية. وعندما سئل عما اذا كان الاستفتاء سيجرى في موعده، قال الدباغ «لا اتوقع ذلك»، مشيرا الى انهم لم يجروا تعدادا للسكان بسـبب الوضع الامني في المدينة، والى انه امر يتعين القيام به قبل اجراء الاستفتاء.
أنقرة لا تستبعد خيار القوة
وفي مؤتمر صحافي في ختام المؤتمر، قال وزير الخارجية التركية بحضور نظيره العراقي هوشيار زيباري، ان «ثمة وسائل عديدة لمكافحة الارهاب، سياسية ودبلوماسية، اضافة الى الحوار والخيارات العسكرية»، موضحا «كل الخيارات تبقى قائمة بالنسبة الى تركيا.. ان اللجوء الى احد تلك الخيارات او عدمه واللحظة المناسبة، يظلان قضية استراتيجية». كما رأى ان المؤتمر «أولى اهتماما كبيرا لمسألة الحفاظ على التراث التاريخي للعراق، وتشكيل آلية لدعم جهود دول جوار العراق بتشجـيع من الأمم المتحدة».
من جهته، أكد زيباري ان «المحور الأساسي للمؤتمر تركز على ضمان وحدة واستقرار وأمن العراق». وتحدث زيباري عن حزب العمال الكردستاني، قائلا «إننا لن نسمح للمنظمة وعناصرها بالاستمرار في العمل على أراضي العراق، كما لن نسمح بذلك لأي منظمة إرهابية أخرى».
وكان وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، ناشد تركيا «عدم اجتياز الحدود» العراقية، داعيا إياها الى تجنب زعزعة استقرار بلد يعاني أصلا «من عدم الاستقرار». وقال اثر لقائه نظيره التركي «انه امر يعود للعراقيين ان يسيطروا على أراضــيهم.. عمـلية عسكرية في شمال العــراق ستؤدي الى تفجير المنطقة بأكمــلها داخل العراق وداخل تركــيا». وأضاف ان «الامر خطــير جدا فعندما يكون هناك مئة الف جندي، فسيكون اي حادث بسيط كفيل بتفجير الوضع».
وأصدر المؤتمر بيانا ختاميا طالب «بمنع استخدام ارض العراق قاعدة للإرهاب ضد دول الجوار»، منددا «بجميع اعمال الارهاب بكل أشكالها في العراق ويطالب بوقفها على الفور ويدعم جهود الحكومة العراقية في محاربة الارهاب وضمنها جهود منع استخدام أراضي العراق قاعدة للإرهاب ضد دول الجوار».
وتابع البيان «ان المؤتمر يدعم الجهود المشــاركة للعراق والدول المجـاورة لمنــع نقـل الإرهابيين والســلاح من العــراق واليه ويعيد التركــيز علــى اهمية تعزيز التعاون بين العراق والدول المجاورة للسيطرة على الحدود المشتركة ومنع جمـيع أنواع التهريب». وأعاد «التأكــيد على الالتـزامات المتوجبة على كل الدول بقــرارات الامم المتحدة.. لمحاربة النشاطات الارهابية ومنع استخدام الإرهابيين لأراضــيها لشن هجمات ارهابية».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد