مؤشرات السياسة الدولية تجاه الحرب الإسرائيلية اللبنانية
في اليوم التاسع من الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد لبنان براً وبحراً وجواً، تراجعت حدة المعطيات الميدانية وتقدمت المعطيات السياسية، فيما بدا المستويان السياسي والعسكري في اسرائيل امام مفترق طرق، بعدما استنفد سلاح الجو بنك الاهداف وفشل في القضاء على قوة حزب الله النارية، وبدأت تطرح اسئلة وحسابات حول خيار الغزو البري، خاصة بعد ان اظهرت وقائع مواجهات اليومين الماضيين في عيترون ومارون الراس وعيتا الشعب ان خيار الغزو البري قد يتحول الى ورطة ومشروع استنزاف للاسرائيليين الذين خسروا، امس، أربعة قتلى وتسعة جرحى فضلا عن إصابة مروحية وتحطم مروحيتين أخريين وسقوط أربعة قتلى من طاقمهما وتدمير عدد من دبابات الميركافا.
مجلس الأمن
وفي نيويورك، أعطيت إسرائيل مهلة اسبوع إضافية قابلة للتمديد، بعدما
انعقد مجلس الامن في جلسة خطابية، قدم خلالها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان خطة رباعية لتسوية النزاع تنص على نقل الجنديين الأسيرين السلطات اللبنانية الشرعية بهدف إعادتهما الى إسرائيل ووقف إطلاق النار. كما تنص على نشر قوة لحفظ السلام في الجانب اللبناني من الخط الأزرق للمساهمة في إرساء الاستقرار في المنطقة.
ودعا أنان أيضا الى عقد مؤتمر دولي لوضع جدول زمني دقيق لتطبيق قرارات مجلس الأمن لا سيما القرارين 1559 و,1680 بسرعة وخصوصا بالنسبة الى نزع سلاح حزب الله. وفيما اعتبر ان المقاومة جعلت أمة بأكملها رهينة لديها، سلم أنان بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، متهما إياها في الوقت ذاته بالاستخدام المفرط للقوة. وهو قدم تقريرا في اجتماع مغلق حول ما توصلت إليه مهمة الوساطة التي أرسلها الأسبوع الماضي الى المنطقة.
غير ان المندوب الاميركي في مجلس الامن جون بولتون سارع الى رفض دعوة انان لوقف النار، قائلا ان ما نسعى اليه هو وقف طويل للاعمال الحربية يكون جزءا من تغيير وحل شامل، فيما شن المندوب الإسرائيلي دان غيلرمان هجوما عنيفا على انان لان تقريره لم يشر الى الإرهاب وايران وسوريا.
وحذرت مصادر دبلوماسية عربية في نيويورك من ان الاسرائيليين سيحاولون استغلال المهلة الاضافية المعطاة لهم دوليا وعربيا، وقالت ان العمليات الاسرائيلية على الارض اللبنانية دخلت في مرحلة صعبة وحرجة وحاسمة، حيث ستصل وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس الى الشرق الاوسط الثلاثاء المقبل على اقرب تقدير وتكون اسرائيل قد قاربت على الانتهاء من عمليتها العسكرية، لتبدأ بعد ذلك عملية الاستثمار السياسي.
وتقاطعت هذه المعلومات مع اشارات تلقتها بعض قوى الاكثرية في بيروت، بأننا سنشهد اسبوعا صعبا، بعد الانتهاء من عملية ترحيل الرعايا الاجانب وخاصة الاميركيين، وأن التصعيد الاسرائيلي لم يبلغ ذروته بعد وأن وقف النار كما خيار الحرب البرية مستبعد في هذه المرحلة.
ونقل مراسل القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي عن مصادر اميركية قولها ان الولايات المتحدة منحت اسرائيل ما لا يقل عن اسبوع من اجل مواصلة هجماتها في لبنان وبعد ذلك تأتي رايس وتسعى الى إقامة منطقة عازلة في الجنوب اللبناني بعمق عشرين كيلومترا ومن الممكن ان تدعم الولايات المتحدة انشاء قوة دولية جديدة توافق عليها اسرائيل اذا ضمت جنودا من قوى عظمى وليس من دول مثل اندونيسيا وبنغلادش، وختمت المصادر الاميركية ان اسرائيل لم تعد تطالب بالتجريد الكامل لـ حزب الله من سلاحه كشرط لوقف اطلاق النار.
السنيورة
من جهته، اتهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الولايات المتحدة بمنح اسرائيل فرصة اضافية لمتابعة عدوانها ضد لبنان، وقال لـ فرانس برس ان الافكار التي حملها من لبنان وفد الامم المتحدة رفضتها اسرائيل. اسرائيل موقفها متعنت ونحن نتابع اتصالاتنا.
وأضاف ان وفد الامم المتحدة لم يعد الى لبنان لان سرائيل اعطت جوابا سلبيا واميركا تعطي اسرائيل فرصة لمتابعة عدوانها. ورفض التعليق على فكرة القوة الدولية التي اقترحها انان قبل ان تكتمل صورتها.
وعن رفض حزب الله تسليم الجنديين الى الحكومة اللبنانية، اكد السنيورة ان الحكومة لم تطلب ذلك.
وقال السنيورة في مقابلة مع صحيفة لو فيغارو الفرنسية ان اعتداءات إسرائيل على لبنان التي تشكل إرهاب دولة، لن تستثمر الضغينة في قلوب اللبنانيين إزاء حزب الله، بل بالعكس سوف تجعلهم أشد كرهاً وعداء لإسرائيل التي أوجدت حزب الله حين اجتاحت لبنان في العام .1982
أضاف السنيورة أن حزب الله رمانا في الأوحال، مؤكداً أن الحكومة لا تتعاون معه، مهما قال الحزب و اتهم من شاء في هذا المضمار. وعبّر عن عدم تحمسه لفكرة القوات الدولية التي لن تجد حلا مستمرا للمشكلة، وأكد بالمقابل أن الحل يكمن في تنفيذ هدنة 1949 بين لبنان وإسرائيل.
وحذر السنيورة في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية من أن الجيش اللبناني لن يقف موقف المتفرج إذا ما أرسلت إسرائيل قواتها البرية إلى لبنان.
يذكر ان السنيورة، اجرى اتصالا هاتفيا بكوفي انان وشكر له اهتمامه الحثيث والمستمر بالوضع في لبنان والذي عكسته كلمته امام مجلس الامن، امس.
وقد رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري التعليق على الخطة الرباعية لانان قائلا انها تتطلب قراءة عميقة ومتانية واضاف: لماذا الاستعجال في اعلان موقف قبل الاطلاع على الموقف الاسرائيلي بهذا الشان؟ وشدد على اولوية تحصين الجبهة الداخلية بوجه محاولات الفتنة التي تحاول اسرائيل احداثها في البنية اللبنانية.
مراقبون دوليون عند المعابر
الى ذلك، ذكرت مصادر غربية وإسرائيلية امس، إن القوى الغربية تدرس اقتراحا بنشر مراقبين على الحدود اللبنانية لمحاولة منع إعادة تسليح حزب الله وإقناع إسرائيل بوقف هجومها. وقالت المصادر إنه يمكن نشر المراقبين الدوليين بالمطارات والموانئ والمعابر الحدودية في أنحاء وسط وشمال لبنان بالتزامن مع نشر قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات معززة في منطقة عازلة على طول حدود لبنان الجنوبية.
وقال دبلوماسيون غربيون إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أعلنت خلال محادثات في وقت سابق من الأسبوع الحالي مع مبعوثين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ان أي تسوية للصراع الحالي يجب أن تشمل شروطا تضمن عدم تمكن إيران وسوريا من إعادة تسليح حزب الله بصواريخ.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف، التعليق على اي مقترحات بعينها، غير أنه قال إن وقفا لإطلاق النار يسمح لإيران وسوريا بإعادة تقديم الإمدادات وتسليح حزب الله لن يؤدي الى الاستقرار. وأضاف هؤلاء الذين يواصلون تسليح حزب الله يتصرفون بتناقض مباشر مع إرادة المجتمع الدولي ويجب منعهم من عمل ذلك.
وذكرت مصادر إسرائيلية وغربية ان إسرائيل ستوافق على نشر قوة حفظ سلام في إطار ترتيب أمني أشمل، يضمن إبعاد حزب الله عن الحدود ونزع سلاحه في نهاية المطاف. وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية إقامة منطقة عازلة في الجنوب هو أمر جيد. غير أنه ليس كافيا بكل تأكيد. كيف سيمنع ذلك التهديد بعيد المدى لإسرائيل بسبب الصواريخ من شمال نهر الليطاني. وأضاف أن نشر مراقبين دوليين في الموانئ والمطارات اللبنانية والمعابر الحدودية مع سوريا يمكن أن يساعد على ضمان عدم تقديم إمدادات لحزب الله.
واشنطن
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض طوني سنو، ان الرئيس الأميركي جورج بوش قال خلال محادثة هاتفية تلقاها من رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، ان حزب الله ادخل لبنان في صراع لا تريده الحكومة أو الشعب. وأضاف ان بوش عبر لأردوغان عن قلقه من الدعم السوري والإيراني للمقاومة، مشيرا في الوقت ذاته الى انهما استعرضا الحاجة إلى بحث الوضع الإنساني في لبنان ودعم الحكومة اللبنانية، ومؤكدا ان وزيرة الخارجية كوندليسا رايس ستزور المنطقة للعمل على إيجاد حل دبلوماسي.
وفي محاولة للدفاع عن استهداف إسرائيل للمدنيين، قال سنو إن حزب الله يضع الصواريخ في المنازل (المدنية)، والرادارات فوق الحظائر، ليقول عمليا إذا كنتم ستقاتلون ضدنا فإنكم ستتعرضون للمدنيين. وردا على اتهام أنان إسرائيل بعرقلة جهود الإغاثة، قال سنو إذا كان هناك أزمة إنسانية فإنها مسؤولية حزب الله.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك أعلن ان رايس تعتزم التوجه الى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل بهدف التصدي للوضع الراهن، ولكن أيضا محاولة معالجة الأسباب الأصلية وإحداث تغيير استراتيجي. وأشار الى ان رايس أجرت محادثات موسعة مع نظيريها السعودي والمصري والملك الأردني عبد الله الثاني.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد