ما الذي فعله عزمي بشارة لكي يتعرض إلى كل ذلك؟
الجمل: بدأت خلال الآونة الأخيرة تنتشر الكثير من الشائعات حول الدكتور عزمي بشارة، العربي الفلسطيني الأكثر شهرة في فلسطين. وتقول بعض المعلومات والشائعات المتداولة عبر الانترنت:
- إن عزمي بشارة سوف لن يعود إلى إسرائيل.
- إن عزمي بشارة سوف يستقيل من عضوية الكنيست.
- إن أجهزة الأمن الإسرائيلية قد قررت اتهام عزمي بشارة بالخيانة العظمى والتجسس.
يتساءل الكاتب نيفي غوردون قائلا: ما الذي فعله عزمي بشارة لكي يتعرض لكل ذلك؟
يقول الكاتب غوردون: إن عزمي بشارة هو عربي، فلسطيني، مسيحي، ومواطن إسرائيلي، من بلدة ناتزاريث، وقد أنشأ التجمع الديمقراطي الوطني المعروف بـ(بلد) في عام 1995م، وأصبح عضواً في الكنيست الإسرائيلي عام 1996م. ومنذ ذلك الحين أصبح عرضة لتحقيقات واستجوابات أجهزة الأمن الإسرائيلية. وقد تم اتهامه مرتين، ولكن تبين أنه غير مذنب:
- المرة الأولى بسبب تنظيمه لزيارات العرب الإسرائيليين لسوريا، والذين تبين أنهم قاموا بزيارة أهلهم وأقربائهم.
- المرة الثانية بسبب الحديث الذي أدلى به في سوريا وإسرائيل، والذي أثنى فيه مادحاً مقاومة حزب الله في جنوب لبنان، والمعارضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
زيارة عزمي بشارة إلى لبنان بعد حرب الصيف بين حزب الله وإسرائيل، وحديثه بأن إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب، ونفذت مذبحة ضد السكان الشيعة المسلمين اللبنانيين، كانت بالنسبة للإسرائيليين مؤشراً آخراً بأن عزمي بشارة يستخدم حصانته البرلمانية كعضو في الكنيست الإسرائيلي من أجل إلحاق الضرر بإسرائيل. وحاول العديد من أعضاء الكنيست اليهودي وصف عزمي بشارة بصفة الطابور الخامس، وقالوا بأن عزمي بشارة أصبح يشكل خطراً على (الديمقراطية الإسرائيلية) وبالتالي يتوجب على هذه الديمقراطية أن تدافع عن نفسها ضد خطر عزمي بشارة.
يقول الكاتب نيفي غوردون في مقالته التي نشرتها اليوم صحيفة النيشن الأمريكية، بأن عزمي بشارة من الصعب وصفه بالعمالة والتجسس، لأنه لم يثبت تلقيه أي أموال أو أي مساعدات من أي جهة عربية أو أجنبية. كذلك فإن انتقاداته الشديدة لأمريكا وإسرائيل في سياساتهما المتعلقة بالشرق الأوسط وبقية العالم، إضافة إلى ثنائه على حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، هي جميعها تمثل مواقفاً وآراءاً شخصية، ولا يمكن اعتبارها بمثابة تهديد لوجود إسرائيل.
خلال الأشهر القليلة الماضية قام بعض الناشطين السياسيين من النخبة العربية ا لفلسطينية التي تعيش داخل إسرائيل، والذين يحملون جميعاً الجنسية الإسرائيلية، بإعداد أربع وثائق تطرح إدراكهم وتصورهم لمستقبل دولة إسرائيل، وكانت هذه الوثائق والمذكرات تعترض على مبدأ تعريف إسرائيل لنفسها باعتبارها دولة يهودية، وذلك استناداً إلى أن (يهودية إسرائيل) تتعارض مع المبادئ الديمقراطية الأساسية، وأيضاً مع حق كل سكان إسرائيل بالمساواة على قدم وساق بين العرب واليهود.
طالبت الوثائق والمذكرات بـ(الدستور الديمقراطي) الذي يعطي عرب إسرائيل صفة التمتع بالحقوق الوطنية الكاملة. وأيضاً الاعتراف بالتعددية الثقافية والدينية والسياسية وتكييف القوانين والتشريعات بما يحقق تلك المبادئ.
كذلك أشارت هذه الوثائق إلى أن السلطات الإسرائيلية تتساهل كثيراً في منح الهوية الإسرائيلية لليهود المهاجرين إلى إسرائيل، وفي الوقت نفسه تتشدد في منح الهوية للأطفال الذين يولدون من أبوين عربيين يحملان الجنسية الإسرائيلية ويقيمان داخل إسرائيل.
بعد طباعة ونشر الوثائق والمذكرات الأربعة مباشرة، عقد رئيس وكالة الأمن الإسرائيلي يوفال ديسكين ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت اجتماعاً مطولاً، قال فيه ديسكين بأن تطرف المواطنين العرب الإسرائيليين أصبح يشكل تهديداً استراتيجياً لوجود إسرائيل، وقال ديسكين أيضاً بأن نشر وتداول هذه الوثائق والمذكرات يمثل عملاً حربياً ضد إسرائيل طالما أنها تقول بضرورة المساواة بين كل سكان إسرائيل باعتبارها دولة للجميع وليس دولة يهودية.
يقول الكاتب نيفي غوردون: إن مخاوف الإسرائيليين ليست بسبب الدكتور عزمي بشارة كشخص بحد ذاته، وإنما بسبب (النموذج) الذي أصبح يمثله عزمي بشارة، وذلك لأنه سوف يربك كامل الخطاب السياسي الإسرائيلي الذي يحاول جاهداً أن يربط بين ديمقراطية ويهودية إسرائيل، وهو الخطاب الذي يستطيع نموذج عزمي بشارة أن يكشف للعالم تناقضاته القائمة على التمييز وانتهاك حقوق الآخرين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد