ما الذي يدفع بالإدارة الأمريكية للتفاوض مع إيران
الجمل: تشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وإيران، سوف تعقدان خلال الفترة القادمة في بغداد اجتماعياً للتحادث حول تحسين الأمن في العراق.
التوقعات تقول: إن التقدم سوف يكون ضئيلاً، وذلك بسبب حدة التعامل والشكوك المتبادل بين الطرفين.
حذر الإيرانيون ديك تشيني بأنهم سوف ينتقمون إذا ما تجرأت الولايات المتحدة وشنت هجوماً عسكرياً على أي منشآت إيرانية، وبرغم هذا التصريح فقد أعلن الطرفان أنهما سوف يجلسان ويضعا الخلافات جانبا، بحيث يركز على معالجة العفن المتصاعد والتدهور السياسي الحاد اللذان يحدثان حالياً في العراق.
أبرز الملاحظات جاءت على لسان ليا آني ماكبرايد الناطقة باسم ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش، والذي قالت فيه: إن ديك تشيني (يرحب ويؤيد) هذا اللقاء طالما أن الأمن يتعلق بالتركيز على العراق وحده.
ويقال: إن إيران وافقت على اللقاء بعد المشاورات التي أجرتها مع المسؤولين العراقيين: وذلك بهدف تخفيف معاناة العراقيين، ودعم الحكومة العراقية، وإرساء دعائم الأمن والسلام في العراق.
لم يحدث أي تواصل رسمي بين أمريكا وإيران، لفترة طويلة، وقد انحصرت الاتصالات في التحركات الأخيرة التي شملت:
- مؤتمر بغداد الذي انعقد حول العراق في آذار الماضي.
- مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد قبل أسبوعين حول العراق.
وتقول المعلومات: إن اللقاء الإيراني- الأمريكي المتوقع إجراؤه في العاصمة العراقية بغداد كان بناء على الطلب الذي قدمته الحكومة الأمريكية عبر السفارة السويسرية في طهران، إلى الحكومة الإيرانية وقد كان فحوى الطلب يقول: إن الحكومة الأمريكية ترغب في إجراء اجتماع مع إيران في بغداد لمناقشة قضية الأمن في العراق.. وقد رحب الإيرانيون بذلك.
اجتماع بغداد سوف يكون حصراً بين ريان كروكر السفير الأمريكي في العراق، ونائب وزير الخارجية الإيراني عباس أراكجي.
• دوافع الطلب الأمريكي:
يرى المراقبون أن إدارة بوش ظلت لفترة طويلة ترفض إجراء أي اجتماعات أو اتصالات مع سوريا، ولكن وزيرة الخارجية الأمريكية جلست مع سوريا في اجتماعات واتصالات على هامش قمة شرم الشيخ، وها هي الآن نفس الإدارة الأمريكية برغم رفضها الاتصالات والمشاورات مع إيران، فإنها قامت بتقديم طلب للاجتماع والتشاور والتفاهم مع الإيرانيين.. ويتساءل الكثيرون: لماذا هذا الموقف الجديد للإدارة الأمريكية إزاء إيران؟..
أبرز الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية لاتخاذ هذا الموقف يمكن أن يتمثل في الآتي:
- الاستجابة لضغوط حكومة نوري المالكي، ومطالباتها للإدارة الأمريكية بضرورة التحدث مع إيران لضمان نجاح الخطة الأمنية وإضعاف الميليشيات الشيعية.
- محاولة الالتفاف على الكونغرس الأمريكي، الذي يتمسك الكثير من أعضائه بورقة ضرورة التفاهم والحوار مع خصوم أمريكا قبل القيام بأي إجراء تصعيدي.. وبالتالي فإن إدارة بوش تريد إخراج سيناريو الحوار والتفاهم مع إيران بحيث يصل إلى نقطة الفشل وبالتالي تكون قد أحرقت عملياً ورقة الحوار والتفاهم التي يطالب بها أغلبية أعضاء الكونغرس الأمريكي.
- رغبة الإدارة الأمريكية القيام بمناورة تؤدي لإضعاف علاقة إيران بسوريا.
وعموماً، الطلب الأمريكي من أجل الحوار والنقاش مع الإيرانيين، لم يأت من فراغ، ففي مؤتمر شرم الشيخ لم يجتمع الطرفان كما كان مؤملاً، ولكن ذلك لم يمنع إيران من تحديد شروطها المسبقة والتي تتمثل في الآتي:
- سحب القوات الأمريكية من المدن وتجميعها في قواعد عسكرية داخل العراق بحيث تستلم قوات الأمن العراقية مهمة حفظ الأمن والنظام في المناطق التي تنسحب منها القوات الأمريكية.
- رفض أي انسحاب غير مبرمج للقوات الأمريكية والأجنبية من العراق خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى الفوضى.
- عدم السماح لأي بعثي سابق بتولي منصب رئيس الوزراء في حالة الاتفاق على ضرورة تغيير وإقصاء رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.
- عقد مؤتمر مصالحة وطنية شامل للقوى السياسية العراقية ومشاركة جميع الأطراف الأخرى فيه.
- إعادة النظر (بالتوافق) وإدخال التغييرات على قانون الانتخابات بحيث يتم إعطاء السنة 40% من مقاعد بغداد و60% للشيعة، وأيضاً إعادة النظر في قانون اجتثاث البعث.
- إجراء جولة انتخابية مبكرة لمجلس النواب ثم تعيين رئيس توافقي جديد بعد التشاور بين الأطراف الداخلية والخارجية.
- التوزيع العادل للعائدات النفطية العراقية بين كل المناطق والمحافظات.
- إعادة استيعاب عناصر الجيش العراقي السابق، باستثناء الذين ثبت تورطهم في الجرائم.
- وضع مخطط للسيطرة على الجماعات المتطرفة مثل القاعدة في وسط العراق، وأنصار الإسلامي في كردستان.
- أن تتولى عشائر وقبائل وسط العراق المواجهة ضد عناصر القاعدة والعرب المتوافدين إلى العراق.
- أن تساعد إيران في السيطرة على الجماعات الشيعية ودمجها في الأجهزة الرسمية للحكومة العراقية.
- معارضة تقسيم العراق، وتعارض أيضاً تطبيق أي صيغة فيدرالية تتنافى مع الدستور العراقي الحالي.
- سوف تقوم إيران بتقديم المساعدات للحكومة العراقية
وعموماً، إن قائمة الشروط التي حددتها طهران، تشير إلى (دعوة) إيرانية لأمريكا بالجلوس والتباحث ثنائياً من أجل اقتسام النفوذ على المنطقة بين أمريكا وإيران.
فإيران على سبيل المثال لم تطلب خروج القوات الأمريكية بالكامل عن العراق، وإنما طالبت بإعداد جدول زمني لسحب هذه القوات من المدن ووضعها في المعسكرات والقواعد المخصصة لها خارج المناطق الحضرية العراقية، كذلك نلاحظ أن إيران طالبت بما يشبه ما طالبت به السعودية وحكومة المالكي من قبل، وهو عدم القيام بأي عملية خروج للقوات الأمريكية والدولية إلا بعد إقامة وتكوين قوات الأمن العراقية القادرة على حماية الدولة وفرض النظام..
إن هاتين النقطتين تعكسان توافقاً بين توجهات إيران الجديدة وتوجهات إدارة بوش الهادفة للبقاء في العراق، وذلك لأن إيران لم تطالب حقيقة بسحب القوات الأمريكية إلى خارج العراق، وإنما طالبت بـ(إعادة انتشار) هذه القوات ضمن الأراضي العراقية، كذلك تحدثت المطالب الإيرانية عن ضرورة مواجهة المجموعات المسلحة السنية بواسطة العشائر والقبائل.. وفي نفس الوقت تحدث عن أن إيران سوف تقوم بمساعدة الحكومة العراقية في السيطرة على الميليشيا العراقية بما يؤدي لإدماجها ضمن الدولة، ويشير هذا إلى موقف غير متوازن.
أما بالنسبة لسوريا، فإن العلاقات السورية- الإيرانية سوف تظل وطيدة وقوية، ولا يعتقد أحد أن سوريا سوف تتخلى عن التزاماتها المبدئية.. كذلك إن مواجهة سوريا للقضايا الإقليمية، يتميز بالتطابق بين طبيعة الملفات وطبيعة الأداء السلوكي السوري المطلوب إزاء إدارة الفرص والمخاطر في البنية السياسية الإقليمية الخاصة بمنطقة شرق المتوسط، والتي تتميز بخصوصياتها المختلفة عن خصوصيات المنطقة الفارسية.
وبرغم كل ما يُقال فإن العلاقات السورية- الإيرانية سوف لن يضعف طالما أن الخصم للطرفين هو شيء واحد يتمثل في مشروع إسرائيل- أمريكا إزاء منطقة الشرق الأوسط.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد