ما هو تكتيك فريق وكالة الطاقة الذرية في تفتيش المواقع السورية
الجمل: بدأت وكالة الطاقة الذرية العالمية محاولة إجراء التفتيش النووي في سوريا، وذلك على خلفية المزاعم الإسرائيلية التي تبنتها الإدارة الأمريكية التي تحاول تنميك سوريا باعتبارها "دولة مارقة" تنخرط في برامج إنتاج الأسلحة النووية المحظورة دولياً بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
* التوقيت وتزامن الأحداث: هل هي المصادفة؟
تشير التسريبات إلى أن محاولة وكالة الطاقة الذرية القيام بعملية التفتيش النووي في سوريا قد تزامنت مع الأحداث الآتية:
• قيام كوريا الشمالية بتسليم كافة المعلومات المتعلقة بأنشطتها النووية وعلاقاتها النووية إلى جمهورية الصين وقد أعقب ذلك:
* بدء الكوريون تفكيك منشآتهم النووية.
* سعى بعض الأطراف في الإدارة الأمريكية من أجل التحرك لإزالة اسم كوريا الشمالية من قائمة الإرهاب الأمريكية.
• تزايد الضغوط الدولية على باكستان بشأن ملف الخبير النووي الباكستاني البروفيسور عبد القدير خان، وبهذا الخصوص نشير إلى التسريبات الآتية:
* طلبت وكالة الطاقة الذرية العالمية من الخبير عبد القدير خان مقابلة مفتشيها بشأن الإجابة على بعض المعلومات وتقديم التفسيرات ولكن البروفيسور أعلن رفضه الصريح لأي تعامل مع خبراء ومفتشي الوكالة والذين اتهمهم خان بأنهم من اليهود وعملاء المخابرات المركزية الأمريكية.
* تقدمت الحكومة الأمريكية بطلب للحكومة الباكستانية من أجل مساعدة المحققين الأمريكيين في القيام باستجواب عبد القدير خان ولكن الحكومة الباكستانية سلمت الحكومة الأمريكية رفضاً صريحاً لطلبها، وأعلنت الحكومة الباكستانية عن قرارها بفرض الحماية الأمنية على البروفيسور خان لأنه يملك كل المعلومات المتعلقة بالبرنامج النووي الباكستاني وهي معلومات تهم الأمن القومي الباكستاني وليس لأي جهة أخرى حق الإطلاع عليها.
• زيارة المسؤول الأمريكي جيمس فولي وثناءه الشديد على سوريا والسوريين.
• نقلت صحيفة الغارديان عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى مزاعم تقول بأن موقع "الكبر" السوري هو مبنى لمفاعل تم إنشاءه من أجل تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتينيوم (الوقود النووي) وتزويد البرنامج النووي الإيراني باحتياجاته اللازمة من هذا الوقود.
تجمعت هذه الوقائع بشكل متزامن فهل كان الأمر صدفة أم أن هناك تقاطعات تربط بينها؟ وهل هناك علاقة بين سوريا والمعلومات التي سلمتها بيونغ يانغ لبكين تمهيداً لتسليمها لواشنطن؟ وما السر الذي دفع بعض المسؤولين الأمريكيين لمحاولة استعجال إزالة اسم كوريا الشمالية من قائمة الإرهاب الأمريكية علماً بأن الإدارات الأمريكية ظلت دائماً تتمهل في إزالة اسم خصومها من قوائم الإرهاب، والمماطلة تمهيد لظهور فرصة سانحة جديدة لفرض المزيد من الشروط والمطالب التعجيزية التي تبرر بقاء اسم الدولة ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية لفترة غير محددة جديدة؟
هل توجد علاقة بين ملف عبد القدير خان وملف كوريا الشمالية؟ بكلمات أخرى، هل يريد الأمريكيون ومفتشو الطاقة الذرية الحصول على معلومات جديدة أم المزيد من التحقق وتقاطع المعلومات المتعلقة بملف كوريا الشمالية التي لم تقم بكين بعد بتسليمها لواشنطن وعلى الأغلب أن تكون الأيادي الخفية قد سلمت نسخة منها لمحطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الموجودة في العاصمة الكورية الجنوبية سيول حيث تمتلك الوكالة جيشاً جراراً من العملاء الذين ظلت تستخدمهم في عملياتها السرية بمنطقة الشرق الأقصى منذ أيام الأزمة الكورية التي قسمت شبه الجزيرة الكورية إلى شمالية وجنوبية؟
* ماذا تقول التسريبات الاستخبارية الإسرائيلية؟
تقول بعض التسريبات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية بأن فريق وكالة الطاقة الذرية المكون من ثلاثة خبراء قاموا بالتفتيش في موقع الكبر السوري الذي استهدفته الطائرات الإسرائيلية في 6 أيلول 2007م، وعادوا في يوم 25 تموز 2008م إلى مقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا حاملين معهم بعض العينات من التربة وبعض قطع المبنى المحطم، والتي أفادت التسريبات الإسرائيلية بأنه تم تجميعها سراً دون علم السوريين، وأشار المصدر الإسرائيلي أن مفتشي الوكالة قد استلموا عينات مختلفة من السوريين.
جاء إلى سوريا عولي هاينونين نائب مدير وكالة الطاقة الذرية وكبير مفاوضي الوكالة مع السلطات الإيرانية، وفريق المفتشين المرافق له حيث قضوا أربعة أيام في سوريا قابلوا فيها ضباطاً من الجيش السوري وبعض الأشخاص الذين كانوا يعملون في الموقع السوري. وقد أخبروا هاينونين وفريقه بأن المنشأة التي كانوا يعملون فيها لم تكن مفاعلاً نووياً ولا تتضمن أي أنشطة نووية أخرى. وأشارت التسريبات الإسرائيلية إلى أن عولي وفريق مفتشيه قد قاموا بمقابلة ذلك بالقوائم التي تم تزويدهم بها بواسطة أمريكا وإسرائيل والتي تتضمن أسماء إيرانية وكورية شمالية تقول المزاعم بأنهم كانوا يعملون في الموقع.
أشارت التسريبات الإسرائيلية إلى وجهة النظر الإسرائيلية القائلة بأن موقع الكبر هو عبارة عن موقع لمفاعل نووي بشراكة سورية – إيرانية والهدف منه إنتاج البلوتونيوم بحيث تأخذ إيران حصتها وتترك لسوريا حصتها!! وأضافت التسريبات الإسرائيلية زاعمة أن توترات الحرب بين إسرائيل وإيران قد تصاعدت بسبب الاستعدادات والتجهيزات الإسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية وعلى أساس الربط بين موقع الكبر وسوريا وإيران، وتقول التحليلات الاستخبارية الإسرائيلية بأن قيام الطائرات الإسرائيلية بضرب موقع الكبر هو استهداف لموقع سوري – إيراني وبالتالي فإن الضربة الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية قد بدأت بالأساس منذ فجر يوم 6 أيلول 2007م الماضي.
* تقرير كوريا الشمالية إلى الصين: ماذا تقول التسريبات الأمريكية؟
تقول التسريبات الأمريكية بأن كوريا الشمالية قد سلمت الصين تقريراً يتكون من 60 صفحة يتضمن محتواه الآتي:
• الإقرار والإعلان عن كل المنشآت النووية الكورية الشمالية.
• الإقرار والإعلان عن كل ماضي وقائع وتطورات البرنامج النووي الكوري الشمالي.
• الإقرار والإعلان عن كل ما يتعلق بعملية حصول كوريا الشمالية على العتاد النووي والمواد النووية.
• الإقرار والإعلان عن تجربة كوريا الشمالية في معالجة اليورانيوم وتخصيبه وكمية البلوتونيوم (الوقود النووي) الذي حصلت عليه.
• الإقرار والإعلان عن كل علاقات كوريا الشمالية المعلنة وغير المعلنة المتعلقة بالتعاون في الأنشطة والمجالات النووية.
• الإقرار والإعلان عن كل مخزوناتها من المواد النووية والعتاد النووي.
• الإقرار والإعلان عن كل مخزوناتها من الرؤوس الحربية النووية والقنابل النووية.
• الإقرار والتعهد بحق اللجنة السداسية بالقيام بالإجراءات اللازمة للتحقق من مصداقية ما ورد في تعهدات وإقرارات كوريا الشمالية.
* سوريا – إيران: هل هما الحلقة المفقودة في إقرارات كوريا الشمالية؟
يقول جون وولفشتال الخبير الأمريكي المختص بشؤون ضبط التسلح النووي في تحليل مختصر نشره مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية الأمريكي بأن الإقرار الكوري الشمالي الذي سلمته بيونغ يانغ لبكين:
• لم يتضمن تقديم التفسير والاستعراض الكافي والشامل حول برنامج تخصيب اليورانيوم الذي ظلت تطبقه بيونغ يانغ طوال الفترة الماضية.
• لم يتضمن تقديم التفسير والاستعراض الكافي لبرامج التعاون النووي الكوري الشمالي مع سوريا وإيران.
إضافةً لذلك، علق وولفشتال متسائلاً حول مدى إمكانية الوثوق والاعتقاد بصحة ومصداقية الإقرار الكوري الشمالي لجهة اعتباره أساساً يمكن الاستناد عليه وقد امح الخبير الأمريكي إلى أن الاعتقاد بذلك أمر صعب على الأقل في الوقت الحالي.
* عبد القدير خان – عولي هاينونين: إلى أين؟
يقول أحد التسريبات الاستخبارية الأمريكية بأن الأمريكيين يمارسون شتى الضغوط على الرئيس الباكستاني برويز مشرف من أجل السماح للمحققين الأمريكيين بإجراء تحقيق مع البروفيسور عبد القدير خان وكشف التسريب الأمريكي بأن الهدف هو الاستماع لإفادات عبد القدير خان حول الاتهامات الموجهة إليه بقيامه ببيع التكنولوجيا النووية إلى بعض البلدان وعلى وجه الخصوص ليبيا وكوريا الشمالية وإيران.
إضافةً لذلك، سيتضمن التحقيق مع البروفيسور خان الاتهامات الموجهة له بتقديم التصاميم والمخططات الهندسية التفصيلية اللازمة وتركيب الرؤوس الحربية النووية على الصواريخ الموجودة لدى كوريا الشمالية وإيران. وتزعم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن المخططات والتصاميم موضوع التحقيق قد تم العثور عليها في جهاز كمبيوتر محمول خاص بأحد رجال الأعمال السويسريين وأشار التحليل الاستخباري الأمريكي إلى أن الأمريكيين يريدون التأكد فيما إذا كان تم تسريب هذه المخططات إلى كوريا الشمالية وإيران أم لا.
فريق وكالة الطاقة الذرية الذي زار سوريا مؤخراً برئاسة هاينونين الذي أكدت التسريبات الإسرائيلية بأنه سيقوم بفحص بعض عينات التربة وقطع الحطام التي حصل عليها دون علم السوريين، هو فريق على ما يبدو وبحسب التسريبات الإسرائيلية سيسعى في الوقت الحالي للدفع باتجاه لعبة "الظهور والاختفاء" ثم "الظهور والاختفاء" مرة أخرى وهلمجراً... وعلى ما يبدو فإن تقرير مفتشي الوكالة الذين وصفهم عبد القدير خان باليهود والعملاء لوكالة المخابرات الأمريكية هو تقرير سيهدف إلى تحقيق الربط بين محتويات إقرارات كوريا الشمالية عن طريق التركيز على سد فجوة المعلومات الموجودة من جراء عدم تطرق بيونغ يانغ لسوريا وإيران، وعلى الأغلب أن تتم فبركة المعلومات باتجاه بناء الذرائع التي تفترض وجود علاقة كورية شمالية – سورية – إيرانية تتعلق بالتعاون في أنشطة التخصيب وإنتاج البلوتونيوم وهو ما حاولت أن تمهد له صحيفة الغارديان البريطانية، أما تكنولوجيا صنع وتركيب الرؤوس الحربية النووية فقد تمت فبركتها في الكمبيوتر المحمول السويسري والمطلوب حالياً بواسطة أمريكا وإسرائيل على ما يبدو هو ابتزاز الخبير خان عن طريق الجنرال مشرف والمخابرات الباكستانية إكمال السيناريو.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد