ماهي العوامل التي تحول شاباً مسلماً إلى إرهابي
ما هي العوامل والبواعث خلف مزيج الحقد واليأس الذي يمكن ان يحمل شابا مسلما على الوقوف ضد بلاده ويجعل منه ارهابيا؟
هذا السؤال الذي راود البريطانيين بعد اعتداءات لندن الانتحارية والكنديين اليوم بعد اعتقال مجموعة من الشبان المسلمين يشتبه بانهم ارهابيين الاسبوع الماضي، هو في صلب رواية الاديب الاميركي الكبير جون ابدايك الجديدة التي تحمل عنوان "ارهابي" (تيروريست).
غادر الروائي البالغ من العمر 74 عاما والذي يعتبر مع فيليب روث آخر كبار الروائيين الاميركيين على قيد الحياة، عالم الضواحي حيث كتب يوميات الحياة البورجوازية وسبر اعماق الروح البورجوازية ليلج خفايا شخصية احمد عشماوي مولوي الاميركي الشاب المسلم البالغ من العمر 18 عاما والذي يقع تحت تأثير امام اصولي.
وفي تصريح قال ابدايك "اردت ابتكار شخصية ارهابي ولد في بلد غربي وعرض (..) بعض اوجه شخصيته لتوضيح ما يحمله على التحول الى قنبلة بشرية".
وبطل الرواية يتحدر من والدة ايرلندية اميركية ووالد اميركي انفصلا بعد تدهور حياتهما الزوجية.
ويرى الشاب في الاسلام ثم في الجهاد سبيلا للهروب من حياة عصرية ورديئة والتعويض عن الوحدة التي يعاني منها منذ رحيل والده.
واثار تناول ابدايك هذه الشخصية وقدرته على سرد تفاصيل ما يجول في بالها وقلبها انتقادات كثيرة في بلد ضربه الارهاب في الصميم في 11 ايلول/سبتمبر 2001.
وكانت الاعتداءات التي استهدفت مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون مصدر الهام للعديد من الكتاب الاميركيين ما ادى الى نشوء نوع ادبي حقيقي، غير ان ابدايك الذي شاهد برجي نيويورك ينهاران من سطح مبنى في بروكلين بضاحية نيويورك، هو اشهر الكتاب الذين عالجوا موضوع الارهاب حتى الان.
وغالبا ما يبدي الكاتب في روايته مزيدا من التشدد حيال اميركا منه حيال شخصية روايته التي تقتل مئات الاشخاص في تفجير شاحنة تحت احد الانفاق الرئيسية المؤدية الى جزيرة مانهاتن.
ويصور ابدايك بلاده مسترسلة في العنصرية وغارقة في تخمة الاستهلاك المثيرة للاشمئزاز ومستغرقة في عصر من الخفة السوقية، واصفا المسلسلات التلفزيونية الحمقاء المخدرة للاذهان وتلال الطعام الرديء وملابس الفتيات المثيرة للغرائز.
ويختار احمد طريق الاصولية والجهاد مدفوعا الى ذلك بنفوره من كل هذا الاسراف والمبالغة، وهو نفور يشاطره اياه ابدايك نفسه على ما يبدو.
وكتب ابدايك في روايته الثانية والعشرين هذه "يفكر احمد هذه الشياطين، هذه الشياطين تسعى للاستيلاء على الهي".
وانهالت المقالات النقدية ضد الرواية وبينها مقالة للناقد كريستوفر هيتشنز في المجلة الشهرية "اتلانتيك مونثلي" وصف فيها الرواية بانها مبتذلة وكتب "ارهابي: هو اسوأ نص كتبه شخص بالغ منذ الاحداث التي استلهمها بهذا القدر من الاستخفاف".
وترددت الاصداء السلبية ذاتها على الرواية في صحيفة نيويورك تايمز حيث وصف احمد بانه "صورة رائجة" بدون اي مصداقية و"اقرب الى رجل آلي منه الى كائن بشري".
واوضح الكاتب نفسه لشبكة "ايه بي سي" ان الرواية ترسم "صورة ودودة" لرجل "وقع في مؤامرة" مضيفا "آمل ان يسمح هذا لقرائي بفهم دوافع اعدائنا الارهابيين".
وكان لهذا الكلام الصادر عن رجل فاز بجائزة بوليتزر مرتين ويرشح باستمرار لجائزة نوبل للاداب، وقعا كبيرا في اوساط متتبعي كتاباته.
وقال جاك ديبيليس صاحب كتاب مرجعي بعنوان "انسايكلوبيديا ابدايك"، "فاجأني الامر كثيرا (..) ذلك التعاطف الذي يبديه حيال شخص يقف على طرفي نقيض من المصالح الغربية".
واضاف انه "يحب ان يفاجئ لكنه لاحق على مدى نتاجه الادبي القدرة المدمرة للايمان".
وتبقى "ارنب" (رابيت) اشهر روايات ابدايك المولود عام 1932. وقد اختارها قراء نيويورك تايمز اخيرا بين افضل الروايات الـ25 في السنوات الـ25 الاخيرة.
ستينفن كوليسون
المصدر: ميدل إيست أونلاين
إضافة تعليق جديد