محاكم إسلامية: معركة للسيطرة على المجتمع السوري
محاكم الشريعة، ظاهرة خلقها المسلحون الإسلاميون في المعارضة السورية، حيث تَفرض عبر «شرطة الهيئة الشرعية» أحكامَها، بالرغم من غياب المعرفة حتى بـ«أحكام الشريعة أو حتى القوانين المدنية»، وفقاً لما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير أمس.
وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز»، انه «عندما رفض أعضاء محكمة قضائية جديدة في حلب تقديم مكاتبهم لرئيس هيئة الشريعة خلال الشهر الماضي، حضرت على وجه السرعة أربع سيارات مليئة بالمقاتلين المدججين بالأسلحة، لتجتاح السياج المحيط بالمبنى المؤلف من خمسة طوابق». من ثم، قام عناصر ما يسمى بـ«شرطة الهيئة الشرعية» بضرب أحد المشايخ، الذي رفض الامتثال لهم، كما اقتادوا 20 محامياً وعدداً آخراً من الموظفين، ضاربين البعض بأعقاب أسلحتهم، وفقاً لما نقلت الصحيفة عن أربعة محامين من إحدى جمعيات محامي مدينة حلب.
«هذه الأحداث لا تصنف جزءاً من حرب عصابات، بل تندرج في سياق معركة ثانوية تدور رحاها في سوريا بموازاة استمرار فصول الحرب الأهلية، وهي معركة لمعرفة من سيصوغ مستقبل سوريا»، تكتب «نيويورك تايمز». وتنقل عن مسؤولة العلاقات الخارجية في «جمعية محامي حلب الأحرار» لميا نحاس قولها: «إننا لا نريد إسقاط (الرئيس السوري) بشار (الأسد) لنذهب إلى ما هو أسوأ، كالإسلاميين».
وفي وقت تتواصل فيه المعارك، «تصارع المجموعات المناهضة للنظام لإعادة تشكيل معظم المؤسسات، ومن بينها المحاكم، والمدارس، والجوامع، والإدارات المحلية، وما لا يحمل هو أنّ الإسلاميين يريدون ترجمة ذلك إلى سلطة كاملة على المجتمع»، وفقاً للصحيفة الأميركية. فعلى سبيل المثال: «في الجوامع، قام الإسلاميون بإزاحة رجال الدين المعتدلين عن المنابر، واستبدلوهم بآخرين يخطبون في مواضيع مثل الشرور الناجمة عن وضع الجل على الرأس». ووفقاً للمسؤول التربوي في «المجلس الثوري الانتقالي» في حلب عزام خانجي فإنّ إحدى المدارس الإسلامية تحث الأولاد على التحول إلى «جهاديين» عندما يكبرون.
وفي سياق مواز، يشكل غياب القضاء موضوعاً أساسياً للأصوات الاحتجاجية في المناطق السورية، التي انتشرت فيها الجرائم بعد مغادرة القوات الحكومية، ما يدفع السوريين للمطالبة بالأمن، بحسب «نيويورك تايمز». إلا أن المقاتلين، وتحديداً الإسلاميين، يواجهون ذلك بتشكيل عشرات المحاكم.
ويشتكي عضو «لجنة المحامين»، التي تم تشكيلها في العام 2011 للدفاع عن المعتقلين السلميين في سجون النظام، مازن جمعة من هذا الواقع قائلاً: «هي الموضة اليوم بأن تصبح لديك محكمتك الخاصة». وبينت الصحيفة ان اللجنة اكتشفت انّه «في العديد من الحالات، يفتقد المحاربون الإسلاميون لمعارف الشريعة، والقوانين الإسلامية، ناهيك عن مبادئ القانون المدني، فقد أنزلوا أحكام إعدام في حق عدد من مؤيدي الحكومة، من دون أن يتم الدفاع عنهم، إلا بشكل بسيط أحياناً». واكتشفت اللجنة أيضاً أن الوضع مع قادة «الجيش الحر»، ليس أفضل حالاً.
وبالنتيجة، قرر أعضاء اللجنة «الاندماج مع تلك المجموعات، نظراً لصعوبة المواجهة». وفي هذا السياق، تم في شهر كانون الأول الماضي تشكيل تحالف سمي «مجلس قضاء حلب الموحد»، وهو يسمح بأن تشرف على كل 20 محكمة تقريباً لجنة تضم محامياً ورجلّي دين. أما القرارات فتعتمد على الشريعة وعلى قانون جامعة الدول العربية الجزائي. في المقابل، رفضت «جمعية القضاة الأحرار» المشاركة، بسبب الوجود الطاغي لرجال الدين.
وبالرغم من ذلك، لا تزال محاكم الشريعة تمرر أحكاماً وفقاً لهواها، كما انه وبرغم تمثيل مختلف الجماعات الإسلامية في المجلس إلا أنه يشهد سيطرة واسعة من قبل «جبهة النصرة».
ونقلت «نيويورك تايمز» عن أحد المقاتلين قوله إن «سوريا اليوم أشبه بغابة يتنافس فيها الجميع للوصول إلى السلطة»، مضيفاً انه في العديد من الأماكن تجد خبازين، أو سائقي سيارات أجرة، يسيطرون الآن على مئات الرجال لفرض سيطرتهم على مناطق وفقاً لرؤاهم. ويتابع: «في حال مرور ستة أشهر مماثلة، سيعود الناس للمطالبة (بالرئيس السوري بشار) الأسد، لأنهم سيكونون قد ضاقوا ذرعاً».
«جهاديون بريطانيون»
نقلت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أن «النزاع الدموي في سوريا خلق موجة جديدة من الجهاديين في بريطانيا، حيث أصبحت سوريا الوجهة الأساسية للمقاتلين الإسلاميين»، بعدما استبدلت باكستان والصومال. ونقلت الصحيفة أن أكثر من مئة بريطاني ذهبوا للقتال في سوريا، والعدد مستمر في التزايد، ما يشكل أزمة للوكالات الأمنية والاستخباراتية، حيث انه بعكس الصومال وباكستان، يجب عليهم «متابعة الجهاديين المدعومين من بريطانيا وحلفائها».
ووفقاً للصحيفة، فإن المقاتلين السوريين يجندون من خلفيات بريطانية مختلفة، وتم اعتقال عدد بسيط ممن عادوا من سوريا بتهمة دورهم في اختطاف المصور البريطاني جون كانتلي في إدلب الصيف الماضي.
المصدر: السفير+ وكالات
التعليقات
ما هذه البرو باغندا الممجوجة
إضافة تعليق جديد