مراهقة ولكن

رأيته وأنا في طريقي إلى الجامعة.. نظرت إليه فلم أجد فيه ذلك الشيء الذي كان يبهرني منذ سنوات قليلة مضت، لم أرَ فيه ذلك الجمال ولا السحر ولا التميّز، الذي كنت أراه في سنيّ مراهقتي... كان شاباً عادياً بل أقل من عادي، ولكن عيون المراهقة التي تنظر من خلال خفقان القلب، لم تكن ترى إلا حسنات ذلك الشاب... كانت تراه ملاكاً يمشي على الأرض، وتواردت الذكريات ورأيت وجه أمي المشرق، الذي أنار أمامي ضوء الحقيقة الواضح.. والسبب أن علاقتي الصادقة مع والدتي وتواصلي معها هما من جعلاني أرفضه، ولكن لا أخفيكم كان رفضه دون قناعة مني حينها، وكنت أعتقد أن أمي ظلمتني في هذا التصرف، ولكن بعد حصولي على الشهادة الثانوية ودخولي الجامعة، أصبحت أرى الأمور بعيون عقلي وليست من خلال نظرات شاردة إلى المجهول.
عندما تقع المراهقة في الحب تظن أن حبيبها سيد العالم لا يخطىء ولا يكذب، وذلك المنظار الزائف لا يصور لها إلا ما تريد أن تراه وليست الحقيقة..
تصوروا لو أن عائلتي وافقتني على ما أردت، وتزوجت ودخلت عالماً مجهولاً، وأضعت ملامح شخصيتي، وسرت في خطا متعثرة، تكويني دموع الندم، وأضعت تلك الفتاة الصغيرة البريئة على دروب المدرسة!!.
ولكن أمي برجاحة عقلها وحنانها وأسلوبها الرائع، استطاعت أن تحميني من نفسي، واستطعت أن أجتاز مرحلة المراهقة بسلام، وأن أخطو بخطا ثابتة قوية على طريق المستقبل.. فانتبهي أيتها الفتاة المراهقة مرحلة قصيرة وتمضي في سبيلها، فلا تدعيها تغيّر مجرى حياتك وتأخذك في طريق الضياع أو الخطيئة... فأنت أكبر من أن تضعفك نظرات شاب مستهتر وابتساماته.. وأنت إنسانة قوية، حافظي على نفسك وعلى مستقبلك، فالحياة رحبة واسعة، فسيري في طريقها الواضح يشدّك الأمل إلى مستقبل زاهر، وإياك من متاهاتها المظلمة الضيقة، التي تقودك إلى سجن الندم الذي لا تستطيع الأيام أن تخرجك منه.. وكذلك أنت أيها الشاب معني بكل كلمة قيلت، لأن كل تصرف تتصرفه محسوب عليك ويؤثر على مستقبلك سلباً أو إيجاباً...
كلاكما طري العود تؤثر فيه عواصف المجهول، فاحتميا بظل أسرتكما وأنصتا للنصائح، ولا تسيرا في عراء عنادكما وجهلكما وطيشكما، لأن هذه العواصف العاتية ربما اقتلعت أمنكما، وكسّرت أغصان مستقبلكما الغضة، وأبعدتكما عن الطريق الآمنة.. كلاكما وجه المستقبل المشرق، فكونا كذلك متحلّيين بالفضيلة والطاعة والرضا.

سمير فهد الحلبي

المصدر: الثورة