مستقبل الملفات الأربعة الأكثر تأثيراً على التوازنات السياسية التركية
الجمل: تشهد الساحة السياسية التركية حالة من السكون البارد المشوب بالحذر بسبب التفاعلات بين خطوط الملفات الداخلية التي ارتفعت سخونتها مؤخراً بسبب تزايد جهود التدخل بواسطة محور واشنطن – تل أبيب الذي بدا أكثر توتراً إزاء مستقبل تركيا على خلفية تزايد الروابط التركية – الروسية وعلى وجه الخصوص بعد زيارة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين لأنقرة ولقائه مع أردوغان والذي حضره رئيس الوزراء الإيطالي يبرلوسكوني.
* ماذا تقول المعلومات؟
تجري في تركيا حالياً التطورات ضمن أربع ملفات يتميز كل منها بالحساسية الشديدة لجهة تأثيراته المباشرة على التوازنات السياسية التركية والملفات هي:
• ملف المبادرة الكردية: تسبب هذا الملف بحالة من الانقسام السياسي المزدوج فعلى المستوى السياسي التركي يوجد معسكر يؤيد المبادرة ويتكون من حزب العدالة والتنمية وحزب المجتمع الديمقراطي الكردي، ومعسكر يعارض المبادرة يتكون من حزب الشعب الجمهوري العلماني والحزب القومي التركي، ويتركز الخلاف حول انتقادات المعارضين للمبادرة باعتبارها تسعى لتقويض مفهوم وحدة الأمة التركية، وفي أوساط الرأي العام التركي تقول آخر الاستطلاعات أن كفة الطرفين معادلة نسبياً وهو أمر يحمل دلالة إحصائية تشير إلى أن المعارضة التركية وجدت لوجهة نظرها سنداً شعبياً أكبر من حجم السند الذي وقف إلى جانبها في جولتي الانتخابات العامة ولانتخابات المحلية في تركيا.
• ملف شبكة أرغيناكون: تكشفت المزيد من الدلالات التي لا تثبت تورط بعض كبار المسؤولين العسكريين فحسب، وإنما كذلك ارتباط الشبكة بحزب العمال الكردستاني وتقول آخر الحلقات التي تم اكتشافها بأن العتاد العسكري الخاص بالشبكة تم الحصول عليه من مصادر الحزب. ارتباطات الشبكة من جهة بالمؤسسة العسكرية التركية ومن الجهة الأخرى بحزب العمال الكردستاني أدى إلى إثارة وتعزيز الشكوك المتعلقة بعلاقة الأجهزة الإسرائيلية بالشبكة وفي هذا الخصوص تقول الفرضية بوجود مؤشرين يسعى المحققون للإجابة عليهما، يتعلق الأول بالإجابة على السؤال القائل: كيف انتقل العتاد من حزب العمال إلى عناصر الشبكة، والثاني: ما هي علاقة الحاخام اليهودي التركي الذي ثبت أنه كان يمثل حلقة الاتصال بين قيادة الشبكة والأجهزة الإسرائيلية؟ وبرغم وصول التحقيقات إلى مراحل متقدمة فإن الخلاف ما زال قائماً بين المؤسسة العسكرية والحكومة التركية حول مدى تقديم أو عدم تقديم بعض كبار الضباط الأتراك للمحاكمة المدنية الجارية حالياً.
• ملف الإصلاح القضائي: يدور صراع بين حكومة حزب العدالة والتنمية والمعارضة التركية حول التعيينات الجديدة في مكتب المدعي العام التركي والمحكمة الدستورية العليا وتقول المعلومات أن المعارضة ما تزال توجه المزيد من الانتقادات التي تتهم حكومة العدالة والتنمية بالسعي إلى السيطرة على مكتب المدعي العام والمحكمة الدستورية، وحتى الآن لا توجد أي بوادر للتفاهم بين الطرفين حول صفقة التعيينات التي تتيح الحفاظ على توازن القوى السائد داخل أجهزة السلطة القضائية التركية.
• ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي: بسبب الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مؤخراً والتي ستعلنها بمثابة "المنصة النفطية" الأكبر في العالم لجهة تمرير إمدادات النفط والغاز الخام والمنتجات النفطية إلى القارة الأوروبية بما في ذلك دول الاتحاد الأوربي فقد برزت المزيد من الاتجاهات المتفائلة بإحراز التقدم في ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي وتقول المعلومات أن إيطاليا أصبحت أكثر تأييداً لعضوية تركيا ولموقف تركيا إزاء الأزمة القبرصية.
التدقيق الفاحص في مسار التطورات الجارية في كل واحد من هذه الملفات يشير بوضوح إلى أنها وإن كانت تبدو مختلفة على أساس الاعتبارات النوعية، فإنها في الوقت ذاته أكثر تماثلاً لجهة أنها تصب في تحديد مستقبل تركيا السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
* مستقبل تركيا ولعبة الأطراف الثالثة:
أدى تزايد التفاهمات التركية – الروسية بالمقابل إلى تزايد اهتمام محور واشنطن – تل أبيب لإجهاض أي احتمالات لتطور العلاقات الروسية – التركية بما يتجاوز الحدود المرسومة سلفاً. وتقول المعلومات أن واشنطن تمارس المزيد من الضغوط على أنقرة لتقلل اهتماماتها السياسية نحو القوقاز والاستدارة جنوباً باتجاه العراق وتقول التسريبات أن زيارة وزير الخارجية التركي أحمد دافو توغلو الأخيرة للعراق كانت تصب في هذا الاتجاه.
تشير التسريبات والمعلومات إلى أن واشنطن تسعى حالياً إلى تثبيت تركيا ضمن الحدود السياسية التي تتيح الحد الأدنى من الاستقرار في العلاقات التركية – الأمريكية، وأضافت المعلومات أن تل أبيب سعت لتقليل روابطها الرسمية مع أنقرة عن طريق استخدام استراتيجية التهدئة المصحوبة باستخدام علاقات خط أنقرة – واشنطن كغطاء للتحركات الإسرائيلية.
تقول آخر المعلومات أن واشنطن ستعمل لدفع تركيا باتجاه تعزيز علاقاتها الشرق أوسطية لكن ضمن الدور الذي ستتمكن معه واشنطن السيطرة على الأداء التركي الشرق أوسطي، وعلى هذه الخلفية جاءت خلال الفترة الماضية زيارة وزير الخارجية دافو توغلو إلى العراق ولبنان وستكون محطته القادمة هي دول مجلس التعاون الخليجي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد