مشروع سحب السيارات الحكومية يثير مخاوف عودة آخر الليل

08-08-2007

مشروع سحب السيارات الحكومية يثير مخاوف عودة آخر الليل

أكد الدكتور محمد الحسين وزير المالية أن مشروع القرار المتعلق بالسيارات الحكومية والذي نشرته وسائل الإعلام تم تعميمه من خلال مجلس الوزراء إلى الوزارات لإبداء الملاحظات والمقترحات عليه. وأشار الحسين أن هذا المقترح بدأت دراسته منذ عام 2002 وأخذ كثيراً من النقاش دون التوصل لحل ولذلك تم مؤخراً تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية وعضوية وزراء النقل والنفط ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية وأمين عام مجلس الوزراء لوضع الحلول النهائية وطي هذا الملف الذي يستنزف الكثير من أموال الخزينة خاصة لجهة نفقات صيانة المركبات وما يحدث فيها من تلاعب.‏
أوضح وزير المالية أن السيارات التي سيتم سحبها هي سيارات المديرين المركزيين وبعض الأقسام الأخرى المختلفة إضافة لوسائط نقل العاملين بينما سيستمر تواجد سيارات الخدمة نظراً لأهميتها لتأمين احتياجات ومستلزمات العمل. وحول البدائل المطروحة أشار الوزير إلى التعويضات المادية المقترحة في المشروع التي ستمنح شهرياً إضافة لقرض بفائدة منخفضة تتحملها الدولة لتأمين المخصصين والعمال ببدائل مادية.‏
والجدير ذكره أن الدراسات تشير إلى وجود 19 ألف سيارة سياحية و14 ألف سيارة بيك آب سيشملهم هذا القرار وهم من مرتبة أقل من مدير عام وكل سيارة تقريباً تتراوح مخصصاتها بين 18-19 ألف ليرة سورية من إصلاح ووقود وأجور سائقين.‏
ولقد ذكرت وسائل الإعلام كثيراً ضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة التي تستنزف المليارات من الخزينة سنوياً وتؤدي إلى أبواب فساد كبيرة تقوم بها لجان الشراء والصيانة في المؤسسات المعنية ومثلاً في القطاع الإداري توضع موازنة لكل آلية بين صيانة وقود تصل إلى 40 ألف ليرة ويتم أحياناً إجراء مناقلات من أبواب أخرى من الموازنة الاستثمارية وتحول لهذا الباب.‏
ولكن وسائل الإعلام كانت تشير دائماً إلى وجود حلول جذرية دون آلام ودون أن تكون على حساب العمال ووسائط نقلهم أو المديرين المركزيين العاملين فعلاً فقط بل أن يشمل ذلك جميع الجهات لمحاربة كل أشكال الفساد خاصة أن الوفر المتوقع من السيارات التي سيتم سحبها يصل إلى حدود المليار ليرة سنوياً حالياً وإذا تم استثناء التعويضات التي ستمنح للمديرين المخصصين والعاملين فإن المبلغ لن يتجاوز بضعة ملايين وهو بالتأكيد ما يشكل ضغطاً على الخزينة مقابل الخدمة التي يقدمها للعمال والميزة التي يمنحها للمديرين المخصصين بسيارة واحدة لأن هدف الإعلام عندما طرح الموضوع كان الشرائح المختلفة التي تملك عدة سيارات وتوزعها لأشخاص مختلفين.‏
وحتى لا نكون أصحاب حكم في قضية يتم البحث فيها عن حلول جزئية التقينا بعض المديرين المخصصين بسيارات ونقلنا وجهات نظرهم التي عبرت عن آراء الكثيرين. ولا أخفيكم أن المصاعب والحلول التي سنأتي على ذكرها قالها مديرون كثر في مذكرات رسمية لرؤسائهم ووزرائهم وقالوها لنا ولكن معظمهم لم يرغبوا التصريح باسمهم ولذلك اكتفينا بآراء ثلاثة. مدير مكتب وزير فضل عدم ذكر اسمه والمهندس مالك الناطور مدير معمل القدم للتبغ وسعيد مقداد مدير الرقابة الداخلية في وزارة السياحة وهؤلاء يمثلون شرائح متنوعة إنتاجية مثل التبغ وإدارية مثل مكتب الوزير وجهة رقابية.. فماذا قالوا?.. لنتابع..‏
مدير مكتب الوزير: من يوصلني آخر الليل‏
مدير مكتب أحد الوزراء قال: لدي دوام صباحي وآخر مسائي ويفصل بينهما حوالي أربع ساعات فكيف أستطيع الذهاب للمنزل والاستراحة والعودة مساء في المواصلات العامة وعندما انتهي في ساعة متأخرة ليلاً كيف سأعود إلى البيت?.. وحتى الفترة الصباحية يجب أن أتواجد في مكتبي في ساعة محددة مع باقي الموظفين وقبل الوزير فماذا سيحدث إن تأخرت? لذلك على الأقل أريد سيارة خدمة. أما عن مقترح بيع السيارة بالتقسيط قال: أقل قسط يتجاوز 10 آلاف ليرة فكيف يمكن لموظف أن يدفع قسط السيارة ومصروف المحروقات فماذا سيبقى?! ومن هو المدير الذي يستطيع تغطية هذه النفقات مع نفقات معيشته وأسرته وأحسن مدير لا يتجاوز سقف راتبه مع التعويضات 20 ألف ليرة سورية, إضافة أن هذا سيؤثر على راحتي وإنتاجية العمل والتفكير بآلية الذهاب والعودة بدل التفكير بإنجاز العمل وخاصة أن وسائل النقل العامة سيئة جداً ولك أن تتخيل مع الأزمة الحالية في النقل إضافة أكثر من مليون عامل في الدولة يخرجون بتوقيت واحد ليستقلوا وسائط النقل الحالية?!‏
الناطور: خسائر تراجع الإنتاج أكثر من الوفر‏
معمل التبغ في القدم هو مثال لمؤسسة اقتصادية إنتاجية فيها عدة وارديات عمل فما الآثار المترتبة على هذا المشروع والبدائل?.. لنتابع ما قاله مالك الناطور مدير المعمل: طبعاً لم يصدر القرار رسمياً ولكن تابعنا المشروع وقد تكون الغاية منه من وجهة نظر الحكومة ضغط الإنفاق العام بما يخص السيارات المخصصة ووسائط النقل العامة. وهذا الموضوع له جانبان أحدهما يتعلق بانعكاسه على الموظف وآخر بضغط الإنفاق.‏
فأولاً السيارة لا تشكل رفاهية بل أصبحت شيئاً أساسياً والسيارة المخصصة تعطى لأماكن عمل تتطلب وجودها إما في أماكن إنتاجية أو إدارية.‏
وحتى نكون واقعيين نقول: إن ضعف الدخل لا يسمح لأي موظف بشراء سيارة من راتبه وإذا أصبح في موقع إداري فإن أجره لا يرتفع تناسباً مع مركزه الوظيفي بل يأخذ فروقات بسيطة لا تكاد تذكر كتعويض مسؤولية رغم المهارات التي يتمتع بها ولأن هذه المهارات يفترض أنها أوصلته لهذا الموقع لهذا تكون السيارة ميزة لشاغل هذا الموقع وهي تؤمن له راحة في حياته ووقته بسبب سوء النقل العام. فمثلاً المقترح يقول للمدير 6500 ليرة ورئيس القسم 2000 ليرة ورئيس الدائرة 1000 ليرة وللعامل 400 ليرة وهنا أريد القول لماذا هذا التفريق بين هذه الشرائح فالسيارة المخصصة هي سيارة مهما كان نوعها.. ومخصصاتها من الوقود حالياً موحدة للجميع فلماذا سيتم التفريق في التعويض المادي? وكحد أدنى يجب أن تكون التغطية بحجم الوقود المخصص لها خاصة أن الغاية دائماً هي تحسين عيش المواطن فلماذا التمييز في التعويض المقترح بين مدير ورئيس دائرة?‏
وفي القطاعات الإنتاجية الأمر في غاية الأهمية لأن العمل يتم في وارديات والمسؤول عن أي وحدة إنتاجية هناك ضرورة لحضوره في أي وقت للمتابعة نتيجة الأعطال والمشاكل الإنتاجية وهذا واقع موجود حتى في المنشآت الإنتاجية الخاسرة وهذا يعني التسبب في عطل وتأخير للإنتاج. ويمكن إذا تم سحب السيارة مغادرة الكوادر الموجودة حالياً لأن المدير سيكون راتبه مثل غيره دون ميزات وهو مطلوب منه تحمل المسؤوليات.‏
والتعويض المطروح غير مجد وغير كاف وفي بعض الدول تم إعطاء منحة لمرة واحدة لصاحب السيارة المخصصة ولذلك نريد بدائل حقيقية ومدروسة حتى لا تذهب الكوادر للقطاع الخاص وللدول الأخرى.‏
المقداد: البدل النقدي للصيانة والوقود‏
ولنأخذ رأياً رقابياً نتابع ما قاله السيد سعيد المقداد مدير الرقابة الداخلية في وزارة السياحة: أي قرار يصدر من القيادة بالتأكيد فيه مصلحة عامة ولكن أتمنى أن تكون هناك مشاركة أثناء إعداد أي قرار من الجهات التي ستطبقه ليكون مبنياً على أسس سليمة وصحيحة وليس الغاية التعجل لأنه يمكن أن تظهر سلبيات هذه القرارات بعد سنوات عدة تؤثر على الإنتاجية وعلى التطوير, لذلك لابد من المشاركة مع الناس وتحديد طبيعة عمل هذا المدير وتوقيت دوامه . وماذا أفعل إذا طلب مني الوزير متابعة منشأة سياحية ما في وقت ما ليلاً. ما هو الحل وأين الوسيلة خاصة مع عدم وجود سيارة خدمة التي يكون سائقها في البيت?!‏
فالسيارة وسيلة لها دور كبير في خدمة العمل. وقال :تخيل إذا كان لدينا وفد مهم من دولة أخرى وهناك اجتماع صباحاً فكيف سيكون منظر المدير وهو قادم للاجتماع بعد أن عانى الزحام والتدافع إضافة للأمطار أو الغبار وهل سيكون منظره لائقاً ليشارك في الاجتماع.. لهذا يجب مناقشة الأمور بأدق تفاصيلها. ويضيف المقداد: يمكن للسيارة أن تبقى مع المدير وضبط الإنفاق من خلال تحديد مبلغ محدد مالياً يدفع للمدير مثل مخصصات الوقود وبهذا يمكن ضغط النفقات وبنفس الوقت محاربة الفساد وحتى بدل الصيانة المحدد لا يدفع إلا بعد وجود أعطال حقيقية وبإشراف لجان .‏ وباختصار الموضوع يمكن ضبطه ببساطة من خلال البدل النقدي للوقود وللصيانة ولجميع الشرائح بدل قسائم البنزين الحالية.‏

منير الوادي
المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...