مصـر: «الإخـوان» يفتعلـون أزمـة دسـتورية جـديـدة
تجاهل البرلمان المصري، ذو الغالبية الإسلامية اعتراض القوى المدنية على الطريقة المعتمدة لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور الجديد، وما وصفته بتحايل التيار الإسلامي على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن هذه اللجنة برعاية المجلس العسكري الحاكم، بهدف ضمان التمثيل العادل للأطياف كافة في عملية صياغة الدستور، حيث وافق مجلس الشعب، أمس، من حيث المبدأ على قانون انتخاب الجمعية التأسيسية، التي سيُنتخب أعضاؤها في جلسة مشتركة للاعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى اليوم.
وأقر مجلس الشعب، خلال جلسته مساء أمس برئاسة سعد الكتاتني، من حيث المبدأ، الاقتراح بمشروع قانون المقدم من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لانتخاب جمعية تأسيسية من مئة عضو، لكي تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد.
وقال النائب صبحي صالح («الإخوان المسلمون) إن القانون يهدف إلى صياغة الأحكام التي تم «التوافق عليها» بين الأحزاب، والتي تتعلق بمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية، وتوزيع أعضائها، والتصويت داخل الجمعية، وكل ما يلزم من أحكام تساعدها في أداء مهمتها على أكمل وجه.
وكانت الأحزاب السياسية توصلت، خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي، إلى اتفاق برعاية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويقضي بضمان تمثيل متساوِ بين كافة القوى السياسية والمجتمعية في اللجنة التأسيسية للدستور. وكان من المفترض أن يؤدي هذا الاتفاق عملياً إلى توزيع النسب داخل اللجنة بشكل شبه متساو بين القوى البرلمانية، والممثلة خصوصاً بأحزاب التيار الإسلامي، وفي مقدمتها «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان» و«حزب النور» السلفي من جهة، وبين باقي القوى المدنية، بمن في ذلك ممثلون عن الأقباط والجمعيات النسائية وشباب الثورة والفنانين والمثقفين والنقابات... إلخ.
غير أن الغالبية الإسلامية في البرلمان سعت خلال اليومين الماضيين للالتفاف على هذا التوافق، من خلال احتساب حزبين إسلاميين («حزب الوسط» الإسلامي المعتدل، و«حزب البناء والتنمية» التابع لـ«الجماعة الإسلامية)، بالإضافة إلى الأزهر والعسكر، ضمن نسبة القوى المدنية والليبرالية، فضلاً عن الزج بالمنتمين إلى صفوف التيار الإسلامي كمرشحين عن النقابات والهيئات الأخرى، وهو ما أثار اعتراضاً واسعاً لدى القوى المدنية التي سارعت إلى إعلان انسحابها من اللجنة التأسيسية احتجاجاً على محاولة الإسلاميين الاستئثار بما لا يقل عن 70 في المئة من إجمالي مقاعد اللجنة التأسيسية.
وحمّل المنسحبون من الجمعية التأسيسية «الإخوان المسلمين» مسؤولية إفشال مفاوضات التوافق حول تشكيل الجمعية لإصرارهم على الهيمنة على غالبية مقاعدها، ورفضهم التوافق مع القوى الوطنية حول التمثيل المتوازن لكافة الفئات داخل الجمعية. كما حمّلوا المجلس العسكري مسؤولية المسار الخاطئ الذي أدى إلى هذه الأزمة.
وأشار المنسحبون، في بيان، إلى أنهم اتفقوا منذ بضعة أيام مع «الإخوان» على أن تتمثل قوى الإسلام السياسي بنسبة 50 في المئة من قوام الجمعية التأسيسية، وأن تتمثل كل القوى الليبرالية والناصرية واليسارية بالنصف الآخر. وأضافوا أنه برغم هذا الاتفاق، الذي اعتبره الكثيرون غير عادل ويعطي «الإخوان» وحلفاءهم أكثر بكثير مما يستحقون، «فقد فوجئنا أنه يراد لنا أن نقبل أن يخصم من حصة القوى الديموقراطية والاجتماعية المدنية حزبا الوسط والبناء والتنمية الإسلاميان، بل ويراد لنا أيضا أن يخصم من حصتنا ممثلو المؤسسات الدينية والقومية ويبلغ عددهم 18 عضواً، ونحن من حيث المبدأ نرفض تسييس المؤسسات الدينية والقومية وعلى رأسها الأزهر والكنيسة والقضاء وممثلو الوزارات السيادية».
وحمل البيان توقيع «حزب التجمع»، والحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و«حزب المصريين الأحرار»، و«حزب التحالف الشعبي»، و«الجبهة الديموقراطية»، و«حزب العدل»، و«الجمعية الوطنية للتغيير»، و«حزب الكرامة».
وبدا واضحاً أمس، أن «الإخوان» مصرّون على المضي في توجههم الإقصائي للقوى المدنية، حيث قال النائب إن «42 في المئة من دساتير دول العالم وضعتها الغالبية البرلمانية في عدد من البلدان أبرزها الولايات المتحدة وألمانيا»، وأن «19في المئة من الأقطار الأخرى قامت بوضع دستورها من خلال جمعية تأسيسية منتخبة عن طريق البرلمان»، ما يعني، برأيه أن «61 في المئة من دساتير العالم كان للبرلمان اليد الأولى في صياغتها وهو ما ينفي اتهام أحزاب الأغلبية البرلمانية في مصر بالاستحواذ على غالبية مقاعد الجمعية التأسيسية للدستور بالمخالفة للأعراف الدولية».
من جهة ثانية، اتهم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك السلطات المصرية بالرغبة في قتله في السجن، وذلك بعدما أكد مصدر طبي تدهور حالته الصحية وخضوعه مرتين الاثنين لعملية تنشيط لعضلة القلب بالصدمات الكهربائية بعد توقفه عن العمل.
وقال محامي مبارك فريد الديب إن موكله قال له «يريدون قتلي في السجن. أنقذني يا أستاذ فريد. جد لي حلا».
وقد تدهورت صحة مبارك (84 سنة) بالفعل منذ نقله الى سجن مزرعة طرة في جنوب القاهرة بعد الحكم عليه في الثاني من حزيران الحالي بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين خلال «ثورة 25 يناير».
وقال مصدر طبي إن «قلب مبارك توقف مرتين. واضطر الأطباء الى استخدام جهاز التنشيط الكهربائي». وأوضح المصدر أن «مبارك يغيب أحيانا عن الوعي ويرفض تناول الطعام» ملمحا الى ان حالته الصحية تدهورت بشدة.
بدوره، قال فريد الديب ان حالة مبارك «حرجة جدا». وأضاف «أناشد... كل رؤساء العالم والمنظمات المعنية بهذا الشأن: أنقذوا مبارك».
وقال الديب إن «حالة الرئيس السابق غير مستقرة داخل مستشفى السجن»، محذراً من أن «أي تدهور فى صحته يتحمله القائمون على وزارة الداخلية»، ومؤكدا أنه «لا يجوز إيداع رجل عسكري برتبة فريق داخل السجون المدنية».
وأشار الديب الى انه «سيضطر إلى اللجوء الى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لنقله إلى مستشفى يتلاءم مع حالته الصحية لتوفير رعاية طبية متكاملة له».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد