مصـر: مليونيـة «رد الشـرف» رسـالة إصـرار على التحـدي
استعاد ثوار مصر، أمس، زمام المبادرة، بعدما نجحوا في حشد عشرات الآلاف في ميدان التحرير، في إطار مليونية «جمعة رد الشرف»، التي شملت فعالياتها العديد من المدن المصرية، في وقت واصل المجلس العسكري الحاكم الترويج لفكرة انقسام الشعب المصري، حيث احتشد بضعة آلاف من أنصاره في ميدان العباسية، في تظاهرة أخرى اتسمت بحضور لافت لأنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتظاهر أكثر من مئتي ألف مصري في ميدان التحرير، في إطار «جمعة رد الشرف»، التي دعا إليها 37 حزباً وحركة وائتلافاً شبابياً. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ أكثر من عشرة أشهر، وطالبوا برحيله، وإقالة حكومة كمال الجنزوري.
وهتف المتظاهرون «دب برجلك طلع نار... بيننا وبينهم دم وتار»، و«قول ما تخافشي المجلس لازم يمشي»، و«قتلوا الشيخ والدكتور وبكرة ييجي علينا الدور»، في إشارة إلى الشيخ الأزهري عماد عفت والطالب في السنة الأخيرة في كلية الطب علاء عبد الهادي.
كذلك، وجه المتظاهرون انتقادات حادة لجماعة «الإخوان المسلمين» التي رفضت المشاركة في التظاهرات، واعترضت على تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى الخامس والعشرين من كانون الثاني المقبل. وفي إشارة إلى تقاعس جماعة «الإخوان المسلمين» في الدفاع عن الثوار، رفع المتظاهرون لافتة كتبوا عليها «الرجالة لما بتنزل بتسيب الجماعة في البيت».
وقام المتظاهرون بتشكيل لجان شعبية على مداخل الميدان، للتدقيق في هويات الداخلين إلىه وتفتيشهم، تحسباً لتسلل البلطجية. وفي استعادة لأجواء تظاهرات ثورة 25 يناير، شكل المسيحيون دروعاً بشرية لحماية المتظاهرين خلال أدائهم صلاة العصر، فيما لم يشهد ميدان التحرير أي مواجهات أو اعتداءات.
وقال الشيخ هشام عطية، في خطبة الجمعة في الميدان، «لقد قفز على الثورة أناس حسبناهم شرفاء، فإذا هم خونة جبناء، وزاد شرهم وكبرهم عندما أمروا جنودهم بتعرية أجساد البنات في هذا الميدان».
وأضاف: «أقول للمجلس العسكري: مع كل قطرة دماء يولد بطل. أقول لهم: ارحلوا كما رحل مبارك غير مأسوف عليه».
وأصدرت القوى السياسية التي دعت للمليونية بياناً اعتبرت فيه أن «المأزق الراهن الذي وصلنا إليه سببه تقاعس المجلس العسكري عن القيام بدوره، وتباطؤه المتعمد، وإخلاله المتتالي بالتزاماته، وفشله في الملف الاقتصادي والأمني»، محذرة من أن سياسة المجلس العسكري «تضع البلاد بأكملها على حافة أزمة ضخمة، لا يتوقف المجلس العسكري في إذكاء نيرانها، تحقيقا لقول الرئيس المخلوع، إما أنا أو الفوضى».
وأضاف البيان أن «الثوار والشعب والتاريخ لن يغفروا لأعضاء المجلس العسكري الجرائم التي ارتكبوها، والتي نتعهد لجميع المصريين بأننا لن نهدأ حتى يحاسب كل من ارتكبها، وذلك احتراما لدماء شهدائنا وعرض نسائنا التي استباحها المجلس وأباحها لتابعيه».
ونظمت تظاهرات ومسيرات مماثلة في الإسكندرية والسويس وبورسعيد والإسماعيلية، ومدن أخرى.
وفي السويس، هتف المتظاهرون «من السويس للتحرير يسقط يسقط المشير»، و«احلقوا شنباتكو... طنطاوي عرّى بناتكو»، و«ارفعي راسك ارفعي راسك.. انتي اشرف من اللي داسك»، و«شرعيتنا اللي بتحمينا.. وأنت يا جيش ارجع على سينا»، و«واحد، بناتنا ماتتكشفشي... تنين، المصري ما يتهانشي، تلاتة، طنطاوي لازم يمشي».
وتظاهر الآلاف من أهالي الإسكندرية أمام المنطقة العسكرية الشمالية في جمعة رد الشرف للتنديد باعتداءات قوات الجيش على متظاهري التحرير، وضرب وسحل وتعرية المتظاهرات، فيما نظم عشرات الأشخاص تظاهرة تأييد للمجلس العسكري وحكومة الجنزوري أمام قصر الرئاسة في رأس التين.
أما جماهير النادي الأهلي، فكانت لهم «مليونيتهم» الخاصة ضد المجلس العسكري، إذ احتشدوا خلال مباراة لكرة القدم في استاد القاهرة، محوّلينها إلى تظاهرة ضد حكم العسكر.
وفي مشهد نادر، دخل المدير الفني للنادي الأهلي، البرتغالي جوزيه وعدد من اللاعبين إلى الإستاد وهم يرتدون قمصانا عليها صورة الشهيد محمد مصطفى، الطالب في كلية الهندسة، الذي قتل في المواجهات الأخيرة مع القوات المسلحة. وكتب على القمصان «ليرقد في سلام»، فيما دخل أعضاء الجهاز الفني في النادي إلى الإستاد وهم يحملون الورود وألقوها على المدرجات.
أما مشجعو النادي فدخلوا مرتدين اللون الأسود، وحاملين صورة الشهيد، ولافتات مكتوبا عليها «الشهيد قتلوه البلطجية»، ومن ثم أطلقوا العنان لهتافات من بينها «سامع أم شهيد بتنادي... العسكر قتلوا ولادي»، و«علّي في سور السجن وعلّي... بكرة الثورة تشيل ما تخلي»، و«يسقط يسقط حكم العسكر»، و«مات المناضل المثال... يا مية خسارة على الرجال».
في المقابل، تظاهر بضعة آلاف من المصريين في ميدان العباسية تأييداً للمجلس العسكري، مرددين هتافات «الشعب يريد سيادة المشير». ورفعوا أعلام مصر وصورًا للمشير طنطاوي وأعضاء المجلس، ولافتات كتب عليها: «85 مليون نعم للمجلس العسكري».
وطالب المتظاهرون المجلس العسكري بالإجهاز على ثوار التحرير متهمين الدكتور محمد البرادعي وحركة 6 إبريل بـ«العمالة»، كما طالبوا بـ«إعدام» الإعلاميين المؤيدين للثوار.
واعتدى متظاهرو العباسية على عدد من الصحافيين من بينهم رباب فارس (جريدة «التحرير») وعز النوبي (جريدة «المصري اليوم»)، وصحافيون من جريدة «الدستور»، وأطقم عدد من القنوات الفضائية من بينها «الجزيرة مباشر»، و«أون تي في»، و«بي بي سي».
وكان لافتاً في هذه التظاهرة مشاركة العديد من أنصار الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الصور التي تظهر بعض من كانوا يحملون صوراً ولافتات مؤيدة لمبارك خلال ثورة 25 يناير، وهم يرفعون أو يقبلون صوراً لطنطاوي في تظاهرة أمس، علماً بأن من بين الداعين إلى التظاهرة هذه صفحة «إحنا آسفين يا ريّس» على موقع «فيسبوك»، وقناة «الفراعين» التي يملكها الإعلامي توفيق عكاشة، وهو من فلول الحزب الوطني المنحل.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد