مكونات سلة لحوم السوريين
اللحوم غذاء مهم للإنسان لاحتوائها على تركيز عالٍ من المكونات النتروجينية سهلة الهضم, كما أنها مصدر أحماض أمينية ضرورية لحياة الإنسان ولازمة لسير العمليات الحيوية بالجسم بشكل متوازن, واللحوم عامل منبه ومحفز للتمثيل الغذائي لاحتوائها على نسبة من البروتين المساعد على توليد الطاقة التي يحتاجها الجسم.
وتتنوع اللحوم المطروحة في الأسواق وتتباين وفقا للنوع الحيواني المنتجة منه, كما يتنوع تركيبها الكيماوي ونسبة مساهمة الدهون واللحم الأحمر وفقا للنوع والعمر وكذلك تختلف درجة طراوة اللحم وفقا لعوامل متعددة, أهمها عمر الحيوان, حيث ترتفع درجة قساوة اللحوم بتقدم الحيوان بالعمر نتيجة زيادة ثخانة الألياف المكونة للعضلات, كما ترتفع نسبة مساهمة الدهن في الذبيحة بتقدم الحيوان بالعمر وكذلك بنوع الأعلاف المقدمة له, حيث تميل الحيوانات في مراحل عمرها الأولى إلى تكوين العضلات الحمراء وفي المراحل المتقدمة من العمر تعمل على ترسيب الدهون, كذلك فإن الأعلاف الغنية بالبروتينات تساعد الحيوان على تشكيل العضلات الحمراء بينما تساهم الأعلاف الغنية بالنشويات في ترسيب الدهون. (تابع الجدول رقم 1).
وتختلف نسبة مساهمة أنواع اللحوم المختلفة في سلة لحوم المستهلك بين الدول تبعا للعادات والتقاليد وكذلك أسعار أنواع اللحوم المتاحة بالأسواق والقوة الشرائية للمستهلك. وفي سورية تعتبر لحوم الأغنام من أكثر أنواع اللحوم التي يفضلها المواطن وذلك بسبب العادات السائدة ونوعية لحم أغنام العواس وحسن مذاقه الناتج عن توزع الدهن بين ألياف اللحم الأحمر أو ما يدعى بالدهن المرمري, ولا سيما أن مصادر علف تلك الأغنام طبيعية وتعتمد على نباتات المراعي السورية التي تكسبها مذاقا متميزا ومفضلا بالإضافة إلى أنها اللحوم الأكثر انتشارا في الأسواق.
ولعل التطور الذي طرأ على النمط الغذائي للمستهلك في سورية يشير إلى زيادة اعتماد المواطن على لحوم الدواجن والتي ارتفعت حصته منها من 6 كيلو غرامات سنويا عام 1997 إلى حوالى 9 كيلو غرام بالسنة عام 2006 بينما تكاد حصة المواطن من لحوم الأغنام تكون ثابتة وتقع بحدود 10 كيلو غرامات بالسنة كمتوسط, أما لحوم الأبقار فقد حافظت أيضا على مستوى مساهمتها في سلة لحوم المستهلك السوري, حيث يبلغ متوسط نصيب المواطن منها حوالى 3 كيلو غرامات سنويا, أما لحم الماعز فلا تزال نسبة مساهمته متواضعة علما أن طعم لحوم الجدايا (صغار الماعز) تتفوق على طعم لحوم الأغنام والعجول من حيث المذاق وتشبه في طعمها طعم لحوم الغزلان تبعا لرشاقتها وحركتها الدائمة (تابع الجدول رقم 2).
وإذا كانت لحوم الدواجن قد ساهمت بشكل إيجابي في إغلاق جزء من حجم فجوة اللحوم في البلاد كونها الأرخص فضلا عن العادات الاستهلاكية الحديثة التي ساهمت بانتشارها, حيث بلغت نسبة مساهمتها في حصة الفرد من إجمالي اللحوم حوالى 40,5% عام 2006 لتقترب من نسبة مساهمة لحوم الأغنام, إلا أنه لا بد من التذكير بأن أكثر من 85% من مدخلات إنتاج لحوم الدواجن يستورد من خارج البلاد سواء الأعلاف (الذرة الصفراء- فول الصويا) أو اللقاحات والأدوية البيطرية ومعدات التربية والذبح والتجهيز وحتى في حالات أخرى بيض تفريخ الأمات أو الجدات, في بلد لا تتوفر فيه موارد ثابتة للقطع الأجنبي للاعتماد عليها في استيراد المزيد من مستلزمات إنتاج لحوم الدواجن. (تابع الجدول رقم 3)
وإذا كان نقص الموارد العلفية يعتبر من أهم معوقات تنمية قطاع إنتاج اللحوم الحمراء من الأغنام والأبقار والماعز ومع الأخذ بعين الاعتبار أن معامل تحويل بروتين العليقة (عدد كيلو غرامات بروتين العليقة اللازمة لانتاج كيلو غرام واحد من البروتين الحيواني) عند الدواجن أفضل بكثير منه عند الأغنام والأبقار, فإننا نعود للتأكيد أن بناء برنامج وطني لتحسين الاستفادة من المخلفات الزراعية في تغذية الحيوان سوف يساهم في تنمية قطاع إنتاج اللحوم الحمراء من الأغنام والأبقار والماعز بالاعتماد على موارد محلية يهدر معظمها حاليا, كما أن تشجيع إنتاج لحوم الأسماك من المسطحات المائية الكبيرة المتاحة خلف السدود والبحيرات الطبيعية أو الاصطناعية سوف يساهم في تنوع موارد اللحوم والحد من استنزاف حصيلة القطر من القطع الأجنبي مع التأكيد على أهمية تطوير البحوث العلمية في مجال البحث عن موارد محلية بديلة كليا أو جزئيا عن مكونات خلطات علف الدجاج التي تستورد من خارج البلاد.
عبد الرحمن قرنفلة
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد