من يقتل علماء العراق ؟
اعلنت هيئة عراقية مستقلة الخميس ان اكثر من 200 استاذ جامعي عراقي قتلوا منذ سقوط بغداد في نيسان/ابريل 2003 وحذرت من ان المئات من الاساتذة حزموا امتعتهم وقرروا مغادرة العراق بعد ان ينتهي العام الدراسي الحالي.
وقال عصام الراوي رئيس رابطة التدريسيين العراقيين ان "217 استاذا جامعيا تمت تصفيتهم منذ احتلال العراق حتى يومنا هذا".
واوضح ان "هذا الرقم يمثل الحد الادنى من الارقام التي لدينا، لافتقارنا الى مراكز بحوث وعلاقات مع الاحزاب السياسية".
واضاف الراوي ان "من بين القتلى 160 استاذا جامعيا مسجلين رسميا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بينما يرتبط 57 منهم بشكل او بأخر بتقديم المحاضرات او الاشراف على الدراسات العليا".
وتابع "اذا اضفنا الى هذه الكفاءات حملة شهادتي الماجستير والدكتوراه الذين تم اغتيالهم في الفترة نفسها فان العدد سيتجاوز 500 قتيل".
وحذر من ان "العشرات بل المئات من اساتذة الكليات والجامعات حزموا امتعتهم وقرروا مغادرة العراق بعد ان ينتهي العام الدراسي الحالي"، معتبرا ان "ذلك سيكون اشبه بالكارثة العلمية والاكاديمية والاجتماعية".
ويقول الاستاذ محمد ناصر (56 عاما) الذي يحمل دكتوراه في ادارة الاعمال ويعمل استاذا في جامعة بغداد "قبل نحو تسعة اشهر وعندما غادرت منزلي صباحا مستقلا سيارتي الخاصة متوجها الى مقر عملي، اعترضني شخص ملثم اطلق علي النار من مسدس ما ادى الى اصابتي باربع طلقات في راسي ويدي واثنتين في بطني وتركني بعدما ظن انني مت".
واضاف "كان لهذا الحادث الاثر البالغ في نفسي وعائلتي المكونة من ثلاثة ابناء وزوجتي، فلم اعد اسمح لاي من ابنائي بمغادرة المنزل بصورة منفردة حتى لو كان الامر يتعلق بالذهاب الى مدارسهم واتخذت جملة من الاجراءات بغية ضمان امن العائلة".
واشار ناصر الى انه يسعى للحصول على فرصة عمل خارج العراق كي يحمي نفسه وعائلته، وقال "ساغادر على كل حال ان لم يكن هناك مؤشرات الى تحسن الوضع الامني".
من جهته ، اكد وسام السامرائي (40 عاما) استاذ اللغة العربية في جامعة بغداد انه ترك العمل منذ بداية العام الدراسي الحالي بعدما تلقى تهديدا بالاختيار بين الموت او ترك العمل.
وقال "الان انا عاطل عن العمل وليس امامي الا ان اغادر العراق حالما ينهي ابنائي عامهم الدراسي".
واكد طبيب عظام يعمل محاضرا في احدى الجامعات العراقية طلب عدم كشف اسمه خوفا على سلامته "تم خطفي من قبل جماعة مسلحة عند مغادرتي منزلي بداية هذا الشهر وتم حجزي لمدة اسبوعين واطلق سراحي بعد فدية كبيرة دفعتها زوجتي وبالعملة الصعبة".
واوضح ان "الخاطفين اشترطوا ان اغادر العراق بعد مدة اقصاها شهر من تاريخ اطلاق سراحي والا فسيتم قتلي".
واضاف "من المضحك المبكي انني بعد اطلاق سراحي بيومين غيرت مكان سكني وعائلتي المؤلفة من زوجتي وابنتي الوحيدة ظنا مني ان هذا قد يبعدني عن الشر، الا انه بعد يومين من ذلك تسلمت رسالة خطية تقول: المهلة التي منحناها لك لم ولن تتغير".
وتابع بحسرة "ساغادر العراق وحدي وبعد ايام ستلحق بي زوجتي وابنتي بعد انتهاء الامتحانات النهائية، ساغادر العراق واترك امري الى الله".
وقال الراوي ان "جميع عمليات القتل سجلت ضد مجهول ولم يقدم للعدالة مجرم واحد بتهمة قتل استاذ جامعي".
وتساءل "هل يعقل ان قوة اميركا الاستخباراتية والاحزاب المشاركة معها تعجز عن اكتشاف جريمة واحدة"، مشيرا الى ان "عمليات القتل هذه ما هي الا جزء مما يتعرض له البلد من خراب على مدار الساعة".
وحمل الراوي "قوات الاحتلال والمرجعيات الدينية والسياسية مسؤولية تصفية وقتل بعض الاساتذة واصحاب الكفاءات على خلفية اسباب طائفية".
واكد ان "الحصار الذي فرضته اميركا على العراق وسياسة صدام حسين حيث كان راتب الاستاذ الجامعي في زمنه لا يتجاوز ستة دولارات في الشهر دفع بـ 75% من اساتذة الجامعات الى الهجرة القسرية بطريقة شرعية او غير شرعية، حيث اضطر بعضهم الى بيع منازلهم وسياراتهم ومكتباتهم ليحصلوا على ثمن بطاقة طائرة توصلهم الى مقصدهم".
وتمنى الراوي على الحكومة العراقية الجديدة ان "تدرس الاسباب بشكل عقلاني وليس بشكل عاطفي في محاولة لتدارك الامر من الناحية الامنية والاقتصادية والسياسية".
واضاف "عليها ان تأخذ اكبر مساحة من الفعل بعيدا من تدخل قوات الاحتلال، لاننا لا نشك في وطنية الكثير منهم ولكنهم مكبلون".
ودعا الراوي الحكومة الى تفعيل دور وزارة الداخلية "لتتبع اسباب ما يجري من اغتيالات ومحاولة معالجتها".
وتأسست رابطة التدريسيين العراقيين في 19 حزيران/يونيو 2003 وتضم اكثر من 2500 استاذ جامعي من مختلف محافظات العراق ومن جميع الاختصاصات ولديها فروع واعضاء في غالبية المحافظات العراقية، علما ان سبعة من النواب الجدد اعضاء في الرابطة.
نافع عبد الجبار -احمد فدعم
المصدر:ميدل إيست أونلاين
إضافة تعليق جديد