موسكو تتهم واشنطن بتبرير إرهاب المعارضة وتحذر من حصار سوريا
شن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، هجوما على واشنطن، معتبرا أن محاولة استغلالها لتفجير مقر الأمن القومي في دمشق الأسبوع الماضي ودعم المعارضة «تبرير للإرهاب»، فيما كرر وزير الخارجية السوري وليد المعلم التزام السلطات السورية بتنفيذ خطة المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي أنان، واستمرار تعاونها مع بعثة المراقبين الدوليين.
وأعلن مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسو، وإلى جانبه رئيس بعثة المراقبين الجديد بابكر غاي في دمشق، أن نصف المراقبين غادروا البلاد. وزار العميد السوري المنشق مناف طلاس، السعودية لأداء العمرة، بحسب رئيس مكتب قناة «العربية» في الرياض خالد المطرفي.
وتضغط التطورات المستجدة في سوريا على تركيا في ما يخص أكثر من عنوان. لكن المتغيرات التي تشهدها منطقة شمال سوريا، حيث غالبيةٌ كردية، هي الأكثر حساسية، إذ بدأ يظهر ما بات يعرف بمشكلة شمال سوريا. وأجبر هذا الأمر رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان على ترؤس اجتماع أمني تم خلاله بحث أنشطة حزب العمال الكردستاني في سوريا.
كما ظهر أن تسليم القوات السورية أمن المناطق الكردية في الشمال السوري أمر موجه إلى المقلب التركي. ويقول قطب كردي سوري معارض في باريس، إن حزب الاتحاد الديموقراطي، القوة الرئيسة في المنطقة، يستبق خطة تركية جديدة لاختراق كردستان الغربية في الشمال السوري، وإقامة منطقة آمنة فيها بعد أن خلت كليا من القوات السورية، ودفع اللاجئين السوريين نحوها، كما أنها تصلح لتجميع قوات مسلحة تستخدمها لجذب المزيد من منشقي الجيش السوري وتتحول إلى قاعدة انطلاق لعمليات عسكرية بحماية منطقة الحظر الجوي التي يشرف عليها الجيش التركي.
وانتقد لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيرته القبرصية اراتو كوزاكو ماركوليس في موسكو، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، موضحا أنها قالت بعد تفجير مقر الأمن القومي في دمشق ان على مجلس الأمن الدولي التصويت على قرار يفرض عقوبات على سوريا، وهو القرار الذي استخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) ضده.
وقال «هذا يعني انه نحن (الولايات المتحدة) سنواصل دعم مثل هذه الأعمال الإرهابية، ما دام مجلس الأمن لا يفعل ما نريد». وأضاف انه «موقف رهيب. إنني أعجز عن إيجاد الكلمات للتعبير عن موقفنا في هذا الشأن. تبرير مباشر للإرهاب».
وأعلن لافروف أن موسكو لم تتلق أي مقترح لمناقشة مبادرة جديدة قدمتها الجامعة العربية قبل أيام بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد في حال موافقته على التنحي. وقال إن «الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية تحتوي على تناقضات كثيرة، ونريد أن نفهم ما هو المقصود. وقرأنا أن ممثلين عن الجامعة يريدون زيارة بعض العواصم ليشرحوا مواقفهم. ولم يصلنا أي طلب أو اقتراح في هذا الشأن بطريقة مباشرة». وشدد على أنه «في ما يخص أي خطة تقترحها جامعة الدول العربية، يجب أن يقرها السوريون فقط بأنفسهم في إطار الموقف المتفق عليه (مؤتمر مجموعة العمل حول سوريا) في جنيف».
وأعلن لافروف ان موسكو تحقق في معلومات تشير إلى أن تنظيم القاعدة هو من سيطر على بعض المعابر السورية على الحدود مع تركيا والعراق الأسبوع الماضي، وليس «الجيش السوري الحر».
وأعلن لافروف أن «روسيا لا تزال تعتبر أنه من الضروري تنفيذ خطة انان»، مضيفا «يجب بذل كل ما هو ضروري من الجهود لتنفيذ خطة أنان وقرارات جنيف الصادرة عن فريق العمل. وإننا نصر على التنفيذ الدقيق لتلك الاتفاقات».
وفي نيويورك، اعلن المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان بلاده مستعدة لتنظيم اتصالات في موسكو بين النظام السوري والمعارضة بهدف تسهيل اجراء «حوار بين الاطراف السوريين».
واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان العقوبات الجديدة التي اقرها الاتحاد الأوروبي على سوريا وتنص على تعزيز إجراءات حظر الأسلحة التي تنقلها السفن والطائرات، «تعتبر في نهاية الأمر حصارا جويا وبحريا».
ونقلت وكالة «إيتارتاس» عن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف قوله إن موسكو حصلت على «تأكيدات قوية» من دمشق بأن ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية «مؤمنة تماما». الا ان المسؤول الروسي حذر دمشق من خطر وقوع هذه الأسلحة «بأيدي المعارضة المسلحة».
وذكرت وكالة (سانا) أن المعلم بحث، مع لادسو وغاي، «الأوضاع في سوريا منذ بداية تنفيذ خطة انان وحتى تاريخه، وكيفية تذليل العقبات التي ما زالت تواجه تنفيذ هذه الخطة وبشكل خاص مع تصاعد الإرهاب الذي تشهده بعض المناطق السورية».
وأشار المعلم إلى «أهمية التزام مسؤولي الأمم المتحدة بالموضوعية والدقة في تناول الأوضاع في سوريا، وتحميل المجموعات الإرهابية المسلحة مسؤولية إعاقة الجهود التي تبذل لوقف العنف في سوريا»، مؤكدا «التزام سوريا بخطة انان واستمرار تعاونها الكامل مع بعثة المراقبين الدوليين».
وذكر المعلم لادسو «بأهمية دعم المجتمع الدولي لأنان وذلك بالحصول على تعاون من الدول الإقليمية المؤثرة على المجموعات الإرهابية»، مضيفا إن «تلك الدول تحرض وتمول وتؤوي المجموعات الإرهابية المسلحة وتشجعها على رفض العمل السياسي وعدم إلقاء السلاح». وقال إن «سوريا اليوم في حالة دفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، وفي الوقت ذاته فإن أبواب سوريا مفتوحة لكل من يريد الحوار والحل السياسي».
وقال لادسو، في دمشق، «طلب من نحو نصف المراقبين العسكريين المغادرة إلى بلادهم». وأضاف ان «تقليص البعثة في الوقت الحالي يعني تخفيضا في العدد وفي مواقع فرق المراقبين المنتشرة في المحافظات». وتابع «سنعمل بقدر إمكاناتنا»، مشيرا الى وجوب «ان نأخذ بالحسبان الوضع الامني المعقد جدا في العديد من الأماكن». وأضاف «سنحاول ان نساهم في حل سياسي يمكنه ان يخفف المعاناة».
وقال غاي، من جهته، «سيكون هناك في هذا النفق بصيص ضوء يتيح لنا وقف العنف والحد منه. لدينا 30 يوما. واليوم يتبقى 27. سنغتنم كل فرصة سانحة لتخفيف معاناة السكان».
وأكد وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، خلال لقائه مساعد وزير الإدارة المحلية في سوريا عمر غلاونجي في طهران، «تمسك إيران بموقفها الشفاف والمبدئي في دعم مسيرة الإصلاحات للرئيس السوري بشار الأسد لتحقيق مطالب الشعب السوري المشروعة والسلمية، ورفض أي تدخل في الشأن الداخلي السوري».
ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، في البوسنة، المجتمع الدولي للتحرك من اجل وقف «المجزرة». ورأى ان المعلومات التي تصل من سوريا تؤكد ان البلد ينزلق «الى الحرب الاهلية بوتيرة متسارعة».
وذكر التلفزيون السوري أن القوات الحكومية تفرض الأمن والاستقرار في حلب والمنطقة المحيطة بها، موضحا ان «الارهابيين يتكبدون خسائر فادحة، وأن مجموعات منهم يتركون السلاح ويسلمون أنفسهم، بينما آخرون يفرون صوب الحدود التركية». وقال مصدر أمني سوري ان المعركة الاكثر اهمية في حلب تهدف الى استعادة قوات النظام الأحياء الواقعة بين المدينة والمطار والتي «وقعت في أيدي الإرهابيين».
المصدر: السفير + وكالات
إضافة تعليق جديد