نتنياهو «راض» عن الجهوزية العسكرية ضد إيران.. وواشنطن تحذر
بينما تطلق إسرائيل إشارات ميدانية وإعلامية برفع جهوزيتها للخيار العسكري ضد المشروع النووي الإيراني، تتزايد التحذيرات الأميركية لها من مغبة الإقدام على خطوة كهذه. وكانت التقديرات بتعاظم الميل الإسرائيلي للخيار العسكري ضد إيران، قد تراكمت بعد فوز بنيامين نتنياهو برئاسة الحكومة. ومعلوم أن نتنياهو يؤمن بأن إخفاق إسرائيل في وقف المشروع النووي الإيراني حتى الآن، يشكل قصورا لا يمكن السكوت عنه.
وذكرت صحيفة «معاريف» أن نتنياهو منذ توليه رئاسة الحكومة قبل حوالي أسبوع، عقد ثلاثة اجتماعات مهمة مع وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس أركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي وقادة المؤسسة الأمنية لاستعراض جهوزية إسرائيل للخيار العسكري. وأوضحت أنه فوجئ إيجابا من تقدم المساعي لتوفير خيار عسكري فعلي لإسرائيل في مواجهة إيران. ونقلت عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها ان اسرائيل تبني خيارا عسكريا ناجعا وفاعلا تلجأ إليه اذا تبين أن العالم يعتزم التسليم بالتحول النووي لايران.
وأشارت الصحيفة إلى أن المؤسسة الأمنية الأميركية مطلعة أيضا على استعدادات وتدريبات الجيش الإسرائيلي لخلق خيار عملياتي لكبح المشروع النووي الإيراني. وتنخرط في الإجراءات الإسرائيلية تجربة صاروخ «حيتس» الأخيرة التي توصف بأنها «ارتقاء» درجة في مواجهة الخطر الإيراني. ومعلوم أنه تم في هذه التجربة استخدام الرادار الأميركي الجديد الذي نصب في جنوب فلسطين ورادارات طورت خصيصا في إسرائيل.
وتتحدث المصادر الإسرائيلية بإعجاب عن الرادار الجديد المسمى «أورن أدير» والذي يعتبر تطويرا مميزا للرادار السابق في بطاريات «حيتس»، وهو «أورن يروك». غير أن القيمة الفعلية في التجربة الأخيرة تتمثل في الدمج بين منظومات الرادار المختلفة، بل ومنظومة رصد عبر الأقمار الاصطناعية ومنظومة إطلاق الصواريخ المضادة للصواريخ. وتتابع أجهزة الأمن الإسرائيلية بقلق التغيير في السياسة التسليحية الأميركية والتي تم بموجبها إلغاء الكثير من المشاريع التي تمس بميزانية الدفاع الأميركية والإسرائيلية على حد سواء.
وتعتقد دوائر إسرائيلية أنه رغم الاتفاقات مع واشنطن على زيادة المعونات العسكرية لإسرائيل في السنوات المقبلة، إلا أن أي تقليص لميزانية الدفاع الإسرائيلية سيشهد تقليصا موازيا للمعونات الأميركية. ولا يقل أهمية عن ذلك أن تقليص الميزانية العسكرية الأميركية يعني تقليص التمويل الأميركي لمشاريع تطوير الأسلحة الإسرائيلية وبينها مشروع «حيتس». ومعلوم أن أميركا تشارك بنسبة الثلثين في تكلفة تطوير منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ.
وكانت محافل إسرائيلية قد أملت أن نجاح تجربة صاروخ «حيتس» الأخيرة سيمنع وزارة الدفاع الأميركية من تجنب مواصلة دعم هذا المشروع. وقدم نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن أمس الأول نصيحة لإسرائيل عندما قال إنه لا يؤمن أن رئيس حكومتها سيقرر مهاجمة إيران لأن قرارا كهذا «غير حكيم».
وفي مقابلة مع قناة «سي إن إن»، قال بايدن أن كلامه هذا يأتي رغم أن «مستوى قلقي لا يختلف عما كان عليه قبل عام». ويذكر أن هذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي يطلق فيها مسؤولون سياسيون أميركيون أقوالا كهذه إزاء التلميحات الإسرائيلية بمهاجمة إيران. وتشدد إدارة باراك اوباما على أن كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع إيران ولكنها قررت الشروع بحوار معها. ورغم أن بنيامين نتنياهو وحكومته يسعيان إلى وضع إيران وخطرها النووي على رأس قائمة المخاطر التي تواجهها إسرائيل، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن هذا ليس رأي الإسرائيلي العادي. فالإسرائيلي يصنف الركود الاقتصادي كخطر أشد يتهدده أكثر من المشروع النووي الإيراني.
وأظهر «مقياس السلام» الذي ينشر شهريا، أن 62 في المئة من الإسرائيليين يعتبرون الأزمة الاقتصادية هي الخطر الداهم، فقط 39 في المئة يعتقدون أن المشروع النووي الإيراني أو 27 في المئة أن تدهور العملية السلمية هو الخطر. وكما يبدو، فإن في إسرائيل مدرستين في التعامل مع التفاهم أو الاختلاف الذي قد يكون بين حكومة نتنياهو والإدارة الأميركية الجديدة بشأن إيران.
وترى إحدى المدرستين أن إدارة اوباما ورغم سعيها للحوار مع إيران، إلا أنها ستواصل التشدد الفعلي معها إزاء المشروع النووي. وبحسب هذه المدرسة، فإن ادارة اوباما تبلور ما يمكن أن يعتبر تمييزا بين حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم تحت الرقابة، وبين إنتاجها بالفعل لقنبلة نووية. هدف الولايات المتحدة هو الابقاء على ايران في موقف «الدولة على الحافة»، التي لا تترجم قدرتها النووية الى خطة عسكرية، على نحو يشبه اليابان. أما المدرسة الثانية، فترى أن اوباما في كل الأحوال يشدد على رفض إشاعة التسلح النووي، ولذلك فإنه يعارض المشروع النووي الإيراني من أساسه.
وتشدد على أن فرص فوز إسرائيل بتفهم أميركي لضربة عسكرية لإيران تتعاظم في ظل إدارة اوباما الذي يرفض أي سلاح نووي بيد إيران. وكتب المعلق الأمني في «هآرتس» أمير أورن أنه «يظهر من المحادثات مع المسؤولين والضباط الاميركيين ان الاعتراف بان خطر المشروع النووي الايراني بالنسبة للشرق الاوسط كله قد ازداد في ادارة اوباما والى جانب ذلك المشروع النووي الكوري الشمالي ونظام الانتشار النووي في العالم التي تعتبر كلها اكبر وزنا من الثمن المتوقع لعملية عسكرية اسرائيلية ضد ايران».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد