نتنياهو: الخطر الأكبر إسلام متطرف وسلاح نووي

01-04-2009

نتنياهو: الخطر الأكبر إسلام متطرف وسلاح نووي

ولدت يوم أمس في إسرائيل الحكومة الأكبر عددا والأشد يمينية في تاريخها. وقد انتظر رئيسها, بنيامين نتنياهو عشر سنوات, ليعرضها على كنيست لا يقل يمينية في ظل ظروف اقتصادية وأمنية بالغة الخطر. وشدد نتنياهو على ان إسرائيل تواجه اختبارين: أمني واقتصادي ورأى أن التسلح النووي هو الخطر الأعظم الذي يواجهها. وبدا للوهلة الأولى أنه نشأت يوم أمس في إسرائيل معارضة من نوع جديد بقيادة تسيبي ليفني ولكن هذه المعارضة لم تخض بعد أي اختبار حقيقي.
ونالت حكومة نتنياهو ثقة الكنيست بغالبية 69 صوتاً في مقابل معارضة 45، وسط غياب لعدد من وزراء حزب العمل. وترافق
تشكيل الحكومة مع إشكالات امتدت حتى اللحظة الأخيرة بدا فيها أن الحلول مرهونة فقط بتوزيع المناصب وتقاسم مغانم الحكم. وبلغ التوتر ذروته في تضارب الوعود بالمناصب سواء داخل الليكود أو بين مكونات الائتلاف الحاكم الذي بات يضم رسميا إلى جانب الليكود كلا من إسرائيل بيتنا، العمل، شاس، البيت اليهودي ويهدوت هتوراة. وهكذا صارت الحكومة بثلاثين وزيرا وتسعة نواب وزراء.
وقبل وقت قصير من عرض الحكومة على الكنيست لم يكن مؤكدا ما إذا كان «الرجل الثاني» في الليكود سيلفان شالوم سيدخل الحكومة أم لا. فقد حدد لنفسه شعارا وهو «إما الخارجية وإما خارج الحكومة» ولكنه في النهاية قبل بمنصب وزير التطوير الإقليمي ونائب رئيس الوزراء و«كرسي على يمين نتنياهو في كل الاجتماعات».
وبدا للجميع أن من الضروري الالتفات من الآن فصاعدا للإشكاليات في مثلث العلاقات بين نتنياهو وليبرمان وباراك. وكذلك ملاحظة رغبة نتنياهو في أن يكون مشرفا على عمل الجميع والتعقيدات الكامنة في ذلك. وأخيرا هناك الانقسام الواضح في حزب العمل. ولكن ورغم الصورة الأولية لـ«صلابة» موقف المعارضة بقيادة كديما من المهم الانتباه إلى نجاح أو إخفاق ليفني في بلورة كديما كحزب معارض في الأسابيع والشهور المقبلة.
وفي كل حال استهل رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف خطاب عرضه حكومته أمام الكنيست بالقول إن هذه أيام «ليست اعتيادية» ولذلك «فإنني أطلب نيل ثقتكم في وقت أزمات عالمية لا مثيل لها منذ سنين طويلة».
واعتبر نتنياهو أن إسرائيل تواجه اختبارين: اختبار اقتصادي واختبار أمني. «وهاتان الأزمتان هما نتاج تطورات دولية هائلة. وليست أفعالنا في الماضي أساس هذه الأزمات، لكن أفعالنا في المستقبل القريب ستقرر ما إذا كنا سنتخطاها بسلام». وأكد ثقته بقدرة إسرائيل على تخطي هذه الأزمات مشددا على أن «القرن العشرين أوضح جيدا أن مستقبل الشعب اليهودي مرتبط بمستقبل دولة إسرائيل ولذلك علينا ضمان أمن ومنعة دولتنا». وكان نتنياهو قد وصف حكومته، التي تخلف حزب كديما عن الانضمام إليها، بأنها حكومة وحدة وطنية، معيدا للأذهان مفهوم الوحدة الوطنية بين الليكود والعمل.
ولخص نتنياهو مصدر الأزمة الأمنية التي تواجهها إسرائيل بـ«صعود الإسلام المتطرف» في العالم. وخلافا لأطروحاته السابقة عن صدام الحضارات اعتبر أن «الخطر الأكبر على البشرية ينبع من إمكانية تسلح نظام راديكالي بسلاح نووي أو تسلح سلاح نووي بنظام راديكالي». وأشار إلى أن الخطر لا يكمن في الإسلام الذي تأثرت به اليهودية وتعايشت معه في الماضي وإنما في الإسلام المتطرف الذي يشكل أيضا خطرا على المسلمين أنفسهم. وقال أن «إسرائيل تتطلع لتحقيق السلام التام مع كل العالمين العربي والإسلامي». وشدد على أن «هذا التطلع مدعوم أيضا بمصلحة مشتركة بين إسرائيل والدول العربية في مواجهة التنين المتعصب الذي يهددنا جميعا. فالإسلام المتطرف لا يهددنا وحدنا فقط، لكنه أولا وقبل كل شيء يهددنا جميعا».
وانتقد نتنياهو ضعف الإدانة الدولية لتصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حول تدمير إسرائيل واعتبرها شهادة فقر حال.
وكرر نتنياهو أطروحاته حول أن السلام يبدأ بالتعليم وتلقين الأطفال العرب وإعداد شعوبهم «للإقرار بأن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي». وقال إنه «في العقدين الأخيرين لم يفلح ستة رؤساء حكومات في إسرائيل بالتوصل لاتفاق، ليس لذنب فيهم. وأنا أقول لقادة السلطة الفلسطينية، إنه إذا كنتم حقا تريدون السلام، فيمكن تحقيق السلام». وأعاد ترداد أفكاره عن السلام الاقتصادي موضحا أن حكومته ستعمل مع السلطة في ثلاثة مسارات متوازية: اقتصادية، أمنية وسياسية. وأشار إلى «أننا نتطلع للمساعدة في التطوير المكثف للاقتصاد الفلسطيني والعلاقات الاقتصادية بينه وبين إسرائيل، وسندعم آلية أمنية فلسطينية تحارب الإرهاب، وسنجري مفاوضات مع السلطة متطلعين للتوصل إلى اتفاق دائم».
وبلغ نتنياهو ذروة دعوته السلمية معلنا: «لا نريد أن نحكم الفلسطينيين. ستكون لهم كل الصلاحيات لحكم أنفسهم، عدا تلك التي تهدد أمن إسرائيل. وهذا المسار المتداخل هو الطريق الأصوب لتحقيق السلام. سنسير بطريق واعية، بروحية إيجابية، وبنية صادقة لوضع حد للنزاع».
وقد ولدت يوم أمس زعيمة جديدة للمعارضة في إسرائيل. وحملت ليفني في أول خطاب لها بهذه الصفة على كل من نتنياهو وليبرمان وباراك وحكومتهم. وقالت إنه «رغم الوضع الاحتفالي، لا يسعني أن أتمنى للحكومة نجاحا في تحقيق الاتفاقات الائتلافية التي لا يجمعها جامع مع مصلحة الدولة». وقالت إن تغيير أسلوب الحكم أمر لازم «ولكني لن أسمح لأحد باتخاذ ذلك ذريعة، لأن السياسة تتشكل أولا وقبل كل شيء من أفراد يفترض أن تكون لديهم قيم حول المباح والمحظور. ولكن لم يخلق بعد الأسلوب الذي يجبر شخصا نزيها على نيل لقب وزير عديم الجدوى وتمويله من خزينة الدولة في هذا الظرف الصعب».
وحملت ليفني بشدة على كثرة الحقائب الوزارية والعبء الذي تلقيه على كاهل المجتمع الإسرائيلي مقتبسة أقوالا وتصريحات كان يطلقها نتنياهو نفسه. وأشارت إلى أن نتنياهو الذي كان يتحدث عن «النجاعة وخدمة المواطن والإصلاحات» وضع بيد حزب واحد «كل مؤسسات التخطيط والأراضي لمصلحة السيطرة القطاعية». وقالت ليفني إن «مماسح حزب العمل هي بالكاد مجرد رماد لا يغطي عيوب هذه الحكومة. فقط قبل بضعة شهور طالب الأيديولوجيان نتنياهو وساعر بتشريع قانون يحدد عدد الوزراء بـ18 فقط. واليوم هناك 39 وزيرا ونائب وزير. قولوا لي: هل جننتم؟ اليوم في ظل أزمة اقتصادية قاسية؟ أليس لديكم ما تفعلونه؟».
ولم توفر ليفني زعيم حزب العمل، إيهود باراك الذي «جمع ماله الشخصي من استغلاله لعلاقاته السياسية». وأضافت أن «حزب العمل انضم إلى هذه الحكومة وأنا أعلم أنه في وقت القرار حين تقع مواجهة في القضايا المتعلقة بفرض القانون فإنهم سيهتزون انزعاجا في كراسيهم. باراك سيهتز منزعجا. أعلم أن زعيم الحزب سيهتز منزعجا لأنه سيضطر لاحقا للتوضيح لقاض متقاعد أنه دخل إلى الحكومة من أجل حماية هذه العناصر».
وحمل عدد من أعضاء الكنيست من حزب العمل ممن عارضوا أصلا الانضمام للحكومة على تشكيل الحكومة وقالوا إنهم لن يصوتوا لمنحها الثقة. وقالت شيلي يحيموفيتش، «أنا فخورة لأنني لست عضوا في هذه الحكومة وآسفة لأن حزبي اختار أن يكون جزءا من الفضيحة. وفيما يقال الآلاف من العمال، تنشأ على حساب الجمهور الحكومة المترفة والأكثر تبذيرا في تاريخ الدولة، والتي وزعت من دون خجل حقائب لا تعنى بشيء». كما أن زميلها في الكتلة أوفير بينيس قال بأنه لن يدعم الحكومة.
وكانت المعارضة بقيادة كديما قد بدأت ألاعيب عرقلة لعرض الحكومة على الكنيست وبينها الإصرار على مرور 24 ساعة على تقديم الاتفاقات الائتلافية للكنيست قبل عرض الحكومة لنيل الثقة. غير أن المستشارة القضائية للكنيست قررت أن هذه المهلة مطلوبة قبل التصويت وليس قبل بدء المناقشة. وكانت في خلفية الاقتراح إجبار نتنياهو على نيل الثقة في الأول من نيسان لتسهيل انتقاده بأنه وحكومته «كذبة نيسان». وقد تزايدت المقاطعات للكلمات خصوصا كلمة نتنياهو من أجل كسب الوقت وإقرار الحكومة فقط بعد منتصف الليل. غير أن الحكومة كما سلف نالت الثقة في حوالي الحادية عشرة والربع وأقسم وزراؤها اليمين القانونية قبل منتصف الليل.
وتعذر على نتنياهو عرض وزرائه على الكنيست بسبب المقاطعات من جانب أعضاء المعارضة وبينهم عدد من أعضاء الكنيست من حزب العمل. كذلك تعرضت ليفني في خطابها للكثير من المقاطعات من جانب أعضاء الائتلاف وخصوصا من مقاعد الليكود. وفي أوّل رد فعل فلسطيني على ولادة حكومة نتنياهو، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقابلة مع قناة «فلسطين»، إن «بنيامين نتنياهو لم يؤمن بحل الدولتين وبالاتفاقيات الموقعة ولا يريد أن يوقف الاستيطان، وهذا شيء واضح». وأضاف «علينا أن نقول للعالم ان هذا الرجل لا يؤمن بالسلام فكيف يمكن أن نتعامل معه لنضع الكرة في ملعب العالم كله، ليضغط عليه ويمارس العالم مسؤولياته».

حلمي موسى- السفير

 

 

ترتكز حكومة نتنياهو على قاعدة برلمانية مؤلفة من 69 عضو كنيست. وتُعدّ الحكومة الجديدة، الأكبر في تاريخ الدولة العبرية، وهي تتألف من30 وزيراً، ستة منهم من دون حقائب.
* عن «الليكود»: بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، وزير التخطيط الاقتصادي والصحة والمتقاعدين، يوفال شطاينتس (المال)، جدعون ساعر (التعليم)، يعقوب نئمان (القضاء)، ليمور ليفنات (الثقافة والرياضة)، جلعاد أردان (حماية البيئة وعن العلاقة بين الحكومة والكنيست)، موشيه كحلون (الاتصالات)، إسرائيل كاتس (المواصلات)، دان مريدور (الخدمات السرية)، بني بيغن (وزير من دون حقيبة)، موشيه يعلون (الشؤون الاستراتيجية ونائب رئيس الحكومة)، ميخائيل إيتان (وزير من دون حقيبة والمسؤول عن خدمات المواطن)، يوسي بيلد (وزير من دون حقيبة)، يولي إدلشتاين (الدعاية والشتات) وسيلفان شالوم (التطوير الإقليمي ونائب رئيس الحكومة).
* عن «إسرائيل بيتنا»: أفيغدور ليبرمان (الخارجية)، عوزي لانداو (البنى التحتية)، يتسحاق أهارونوفيتش (الأمن الداخلي)، ستاس ميسزنيكوف (السياحة) وسوفاه لاندبر (الاستيعاب).
* عن «العمل»: إيهود باراك (الدفاع)، يتسحاق هرتسوغ (الرفاه)، بنيامين بن أليعزر (الصناعة والتجارة)، شالوم سيمحون (الزراعة) وأفيشي بروفرمان (شؤون الأقليات).
* عن «شاس»: إيلي يشاي (الداخلية)، أريال اتياس (البناء والإسكان)، يعقوب مرغي (الأديان) ومشولام نهري (وزير من دون حقيبة).
* عن «البيت اليهودي»: دانيال هرشكوبيتس (العلوم).

إقرأ أيضاً:

توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة
أمام نتينياهو خياران كلاهما قديؤدي إلى فقدان مصداقيته


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...