نتنياهو يصعّد ضد الاتفاق النووي: صفقة سيئة.. ولسنا ملزمين بها

09-11-2013

نتنياهو يصعّد ضد الاتفاق النووي: صفقة سيئة.. ولسنا ملزمين بها

برغم كل الإيحاءات حول التقارب في وجهات النظر بين أميركا وإسرائيل بشأن التعامل مع إيران، إلا أن إسرائيل الرسمية ومع اقتراب لحظة الحسم لم تخف امتعاضها من ميل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للاتفاق مع إيران. وبحسب إسرائيل، فإن الاتفاق المزمع بين إيران والغرب هو في جوهره اتفاق للحيلولة دون هجوم عسكري غربي على المنشآت النووية الإيرانية من دون أن تتراجع إيران عن مخططاتها لتخصيب اليورانيوم.
وكان رد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حانقاً عندما وصف الاتفاق بأنه «خطأ تاريخي»، ولكنه لم يكتف بذلك بل حاول استعراض العضلات من خلال القول إن الاتفاق غير ملزم لإسرائيل. واندفعت جهات إسرائيلية رسمية للحديث إلى وسائل الإعلام بلهجة أشد فظاظة من تعابير نتنياهو، نقلت الصحف عنها أن الاتفاق المتبلور «خطير على إسرائيل وعلى السلم العالمي بأسره». كيري يتوجه إلى طائرته بعد لقائه مع نتنياهو في تل أبيب أمس (رويترز)
وقد اجتمع نتنياهو إلى كيري قبل ظهر أمس في ما وصف وكأنه المحاولة الأخيرة لثني أميركا عن قبول اتفاق مع إيران يخفف عنها العقوبات، ولا يمنعها من مواصلة تخصيب اليورانيوم. وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أجواء بالغة التوتر سادت الاجتماع الذي تم في مطار اللد. وظهر الخلاف جلياً بين الرجلين حين تقرر في آخر لحظة عدم إصدار بيان مشترك أو عقد مؤتمر صحافي خشية حدوث صدام علني بينهما. ونتنياهو غاضب أساساً لأن الأميركيين وافقوا على إزالة قسم من العقوبات المفروضة على إيران مقابل خطوات يصفها بأنها لا شيء، ويصفها المقربون منه بأنها «تكتيكية».
وقال نتنياهو لكيري في مستهل اللقاء «أسمع أن الإيرانيين يدورون مبتسمين في جنيف. بالتأكيد لديهم سبب لذلك. إن إسرائيل غير ملزمة بالاتفاق بين إيران والقوى العظمى». ورجا نتنياهو كيري علناً قائلاً «أنا أدعو وزير الخارجية كيري لعدم المسارعة للتوقيع، وأن ينتظر ويعيد دراسة الموضوع. ينبغي إبرام صفقة جيدة، لكن هذه صفقة سيئة، إنها سيئة جداً. وهي صفقة القرن لمصلحة إيران، ولكنها صفقة سيئة وخطيرة جداً للسلام وللأسرة الدولية».
واستبق نتنياهو لقاءه بكيري قائلاً «أنا أعلم أن الإيرانيين راضون جداً ويجدر بهم أن يكونوا راضين. فقد نالوا كل شيء ولم يعطوا شيئاً. نالوا ما أرادوا، أرادوا تخفيفاً للعقوبات بعد سنوات من نظام عقوبات قاس. ونالوا ذلك من دون أن يدفعوا شيئاً لأنهم لم يقلصوا البتة من قدرتهم على التخصيب، وهذا يعني أن إيران حظيت بصفقة القرن والأسرة الدولية نالت صفقة سيئة. هذه صفقة سيئة جداً». وأضاف ان «إسرائيل ترفضها تماماً وكثيرون من المنطقة شركاء في هذا الرأي، سواء أعلنوه أم لم يعلنوه. وإسرائيل غير ملزمة بهذا الاتفاق وستبذل كل ما ينبغي أن تبذل للدفاع عن نفسها وعن أمن مواطنيها».
وتبدي إسرائيل غضباً شديداً إزاء هيكل الاتفاق المقترح بين إيران والقوى العظمى الست وأساسه ما يعرف بـ«خطة الخطوة الأولى». وفي إطار هذه الخطوة تجمد إيران قسماً كبيراً من أنشطتها النووية لمدة نصف عام، وفي المقابل تنال تقليصاً للعقوبات الاقتصادية مثل إزاحة التجميد عن أموال في المصارف وإلغاء العقوبات على تجارة الذهب والمنتجات البتروكيماوية. وخلال نصف العام هذا تجري مفاوضات حول تسوية شاملة بين الطرفين بشأن المشروع النووي الإيراني. وكلما أوحى الإيرانيون أو الغربيون باحتمال التوصل إلى اتفاق كلما ازدادت ردة الفعل الإسرائيلي حدة.
وأبلغ نتنياهو مؤتمراً يهودياً في القدس المحتلة أن إسرائيل ترفض بشكل مطلق الاقتراح الذي بحثته القوى العظمى ووصفه بـ«الخطأ التاريخي». وقال إن «الاقتراحات في جنيف تضعف الضغط على إيران. وتنازلاتهم ليست تنازلات. والتسوية ستكون خطأ تاريخياً. وهي ستمكن إيران من مواصلة تطوير مشروعها النووي العسكري». وأضاف أن «نظام العقوبات دفع الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية وبوسع القوى العظمى إجبار إيران على تفكيك مشروع إيران لامتلاك سلاح نووي. وهذا يعني وقف كل أنشطة التخصيب ووقف كل النشاط في مفاعل المياه الثقيلة والبلوتونيون. كل أمر أقل من ذلك يقلص فرص التسوية بطرق سلمية وإسرائيل تملك على الدوام الحق بأن تدافع عن نفسها، بقواها الذاتية، ضد أي تهديد». كما وصف في لقاء مع أعضاء كونغرس أميركيين الاتفاق المقترح بأنه «خطأ هائل».
وفي كل حال يرى الخبراء أن البيت الأبيض وإسرائيل على طرفي نقيض بشأن المشروع النووي الإيراني. فأميركا بقيادة أوباما على قناعة بأن الحل العسكري غير مجد وأن عليهم بذل كل جهد مستطاع للتوصل إلى تسوية سياسية. ولذلك لا ترى إسرائيل غرابة في ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» حول قنوات الاتصال الأولية بين أميركا ــ أوباما وإيران ــ حسن روحاني عبر وسطاء عرب وديبلوماسيين أميركيين سابقين. وبحسب الصحيفة، سمح أوباما لأرفع خبرائه بهذا الشأن بونيت تيلفر بإجراء لقاءات مباشرة واتصالات مع رجال وزارة الخارجية الإيرانية. وكانت الرسالة الأميركية واضحة: أميركا معنية بحل نزاع المشروع النووي الإيراني بطرق سلمية.
وبديهي أن هذه السياسة لا تروق لإسرائيل ــ نتنياهو، التي بذلت كل جهد مستطاع لإثبات أن لا حل للمشروع النووي الإيراني سوى ضربة عسكرية تبادر إليها أميركا ذاتها.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...