هل ينقذ الحوار الوطني تونس؟
رغم إعلان المنظمات الوطنية الراعية للحوار الوطني انطلاق الحوار رسمياً يوم ٢٣ تشرين أول الجاري بعد موافقة كل الأحزاب المشاركة في الحوار على هذا الموعد، جددت الجبهة الوطنية للإنقاذ دعوتها لأنصارها الى التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة تحت شعار «إسقاط حكومة النهضة». دعوة الجبهة أتت في الذكرى الثانية لانتخابات ٢٣ تشرين أول، التي قادت حركة النهضة الاسلامية وحليفيها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات، الى الحكم.
وتتزامن هذه التظاهرة مع انهيار اقتصادي غير مسبوق، بعدما رفض البنك الدولي والبنك الأفريقي إقراض تونس، وهو ما سيتسبب في عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، وخصوصاً دفع أجور الموظفين بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من التأزيم للوضع الاجتماعي وشحن الشارع ضد الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي، الذي انتهت شرعيته منذ عام.
وتأتي دعوة جبهة الإنقاذ الى التظاهر في ظل احتقان كبير بين نقابات الأمن والحكومة، وصلت الى حد طرد الرؤساء الثلاثة من موكب تأبين رجلي أمن قتلا الأسبوع الماضي على اي جماعة مسلحة.
الوضع الذي انتهت اليه تونس اليوم بعد عامين من حكم الائتلاف الذي تقوده «النهضة»، يؤكد أن البلاد على حافة الانفجار، وأنّ كل السيناريوهات ممكنة.
ويبقى الأمل الوحيد في «الحوار الوطني» الذي لا يزال متعثراً رغم موافقة «النهضة» على خارطة الطريق التي تتضمن مجموعة من العناصر؛ من بينها استقالة الحكومة وإنهاء عمل المجلس التأسيسي في ظرف شهر، والاتفاق على قانون انتخابي وهيئة مستقلة للانتخابات، وحكومة كفاءات بصلاحيات واسعة ومحدودة العدد، على ألاّ يترشح أي من أعضائها في الانتخابات المقبلة.
لكن «النهضة» بدأت تتراجع رغم توقيع رئيسها راشد الغنوشي خارطة الطريق، مما أفقدها كل صدقية لها لدى المعارضة، التي بدأت تشكك في كل ما أعلنت الحركة الاسلامية الموافقة عليه.
فالمعارضة تتهم «النهضة» بالهروب الى الأمام، وبربح الوقت لمزيد من إحكام سيطرتها على مفاصل الدولة من خلال التعيينات في الإدارات المركزية والجهوية والمحلية، بما يضمن لها ربح الانتخابات المقبلة بنسبة مريحة.
في هذه الأثناء، تؤكد كل استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات متخصصة تونسية وفرنسية وأميركية تراجع «النهضة» في نوايا التصويت مقابل صعود واضح لحركة نداء تونس والجبهة الشعبية، كما خرج حزبا «المؤتمر» وزعيمه الرئيس المؤقت منصف المرزوقي، و«التكتل» وزعيمه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي، من أي منافسة انتخابية بعد عامين من الانتخابات التي حصدت فيها الأحزاب الثلاثة أعلى نسبة من الأصوات، مكنتهم من تأليف الحكومة والفوز بمنصبي رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي، وبالتالي اقتسام السلطة مع حركة النهضة.
لكن المناخ الذي قاد الأحزاب الثلاثة تغيّر كلياً، فبعدما صعدت هذه الأحزاب باسم «الثورة» الى الحكم، خفت حضورها في الشارع التونسي وتفرق أنصارها وتحولت في وجدان الناس البسطاء الى أحزاب مسؤولة عن حالة الانهيار التي انتهت اليها البلاد، وخاصة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، إذ إنه لأول مرة في تاريخ تونس يُحرَم ٦٠ في المئة من التونسيين اقتناء خروف في العيد.
في الوقت نفسه، أصبحت المواجهات المسلحة بين الإرهابيين وقوات الأمن خبراً يومياً لم يعد يثير الفضول في الشارع التونسي، فضلاً عن مواصلة قوى الأمن ضبط كميات من السلاح والمتفجرات واجهاض محاولات تفجير وتنفيذ اغتيالات.
وحسب بيانات وزارة الداخلية ثمة دليل جدي على مدى تغلغل الإرهاب في تونس بما يحرمها أي إمكانية للتنمية.
وكانت اخر حصيلة في مدينة قبلاط على مسافة ٦٠ كيلومتراً من العاصمة تونس، حيث أعلن الجيش صباح أمس، انتهاء العملية العسكرية، اذ جرى قتل تسعة إرهابيين والقبض على إرهابي آخر. كذلك، أُلقي القبض على قاتل رجل أمن عندما كان يحاول اجتياز الحدود الى ليبيا. فبعد عامين من حكم الترويكا يبدو الوضع في تونس أكثر إحباطاً ويأساً، فهل ينجح التونسيون في إنقاذ بلادهم في الربع ساعة الأخيرة؟
نور الدين بالطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد