واشنطن ترغب بتدمير جزئي لسورية مع إبقاء الحرب قائمة بين الطرفين
تتسارع وتيرة المواقف الأميركية التي تشير إلى قرب عملية عسكرية ضد سوريا. فبعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، أن قرار الرئيس السوري بشار الأسد بالسماح للمفتشين الدوليين الدخول إلى الغوطة لإجراء تحقيقات جاء متأخراً لأن «الأدلة قد تكون دمرت»، يبدو أن احتمال شن ضربة عسكرية، بات خيارا مطروحا بقوة اكبر.
وفي حديثه، قال باري بافل، نائب رئيس مؤسسة «اتلانتيك كاونسل» المدير السابق لسياسة الدفاع والإستراتيجية في مجلس الأمن القومي في إدارة كل من الرئيس جورج بوش والرئيس باراك أوباما، إن الأمور تتطور بسرعة، ذلك أن الإدارة تتشاور الآن مع الدول العربية والغربية بشكل مكثف «والخطوة التالية هي دعوة إلى عقد اجتماع لحلف الشمال الأطلسي (الناتو) لأخذ الشرعية، وقد يكون اجتماعاً طارئاً هذا الأسبوع».
وأضاف بافل أن الرئيس الأميركي لا يمكنه أن يتراجع الآن «بعد كل الإشارات التي تصدر عن البيت الأبيض». كما يرى أنّ واشنطن لن تذهب إلى الأمم المتحدة لأخذ موافقة مجلس الأمن، حيث ستعارض روسيا والصين أي عملية عسكرية.
إلى جانب هذه الاعتبارات، أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل، خلال زيارة إلى اندونيسيا أمس، أن الولايات المتحدة لن تتخذ أي تحرك إزاء سوريا إلا بالتنسيق مع المجتمع الدولي وفي إطار قانوني.
وأحجم هايغل، في جاكارتا، عن مناقشة الخيارات العسكرية التي يبحثها البيت الأبيض، أو الإفصاح عما إذا كان الرد العسكري مرجحاً. وقال «تبحث الولايات المتحدة كل الخيارات في ما يتعلق بالوضع في سوريا. نعمل مع حلفائنا والمجتمع الدولي. نحلل معلومات الاستخبارات، وسنحصل على الحقائق. وإذا اتخذ أي تحرك فسيكون بالتنسيق مع المجتمع الدولي وفي إطار تبرير قانوني»، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي «يدرس كل الخيارات».
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، إن هايغل يعتزم التحدث إلى نظيريه البريطاني والفرنسي لمناقشة الوضع في سوريا، مضيفاً أن توقيت هذه الاتصالات المقبلة لم يتضح، معتبراً أن «استخدام الحكومة السورية لأسلحة كيميائية ضد المدنيين في ضواحي دمشق الأسبوع الماضي، يتأكد بشكل متزايد».
من جانب آخر، بات هناك تأييد كبير في الكونغرس الأميركي لعملية عسكرية محدودة ضد سوريا لا تتضمن نشر جنود على الأرض أو إقامة منطقة حظر جوي. ولا يبدو أن أوباما سينتظر تفويضاً من الكونغرس الذي يعود من عطلته في التاسع من أيلول المقبل، ذلك أن بمقدوره اتخاذ «إجراء عاجل» وأخذ موافقة الكونغرس في وقت لاحق.
ويبدو أن أعضاء الكونغرس لا يمانعون في ذلك، إذ قال النائب اليوت أنغل في حديث إلى محطة «فوكس نيوز» الأميركية، إنه «علينا أن نتحرك وبسرعة»، مشيراً إلى أن «الكونغرس يجب أن يكون مشاركاً، لكن ربما ليس في البداية».
غير أن مكتب رئيس مجلس النواب الأميركي جون بونر، دعا البيت الأبيض أمس، إلى التشاور مع الكونغرس حول أي عملية ينوي اتخاذها بالنسبة إلى سوريا.
وكتب مساعد لبونر على الموقع الإلكتروني لرئيس المجلس أن «هذا التشاور لم يتم بعد لكنه جزء أساسي من المسار ويجب أن تحصل مشاورات قبل اتخاذ أي خطوة عسكرية»، طالباً من الرئيس الأميركي أن يوضح قراره «علناً وبوضوح وبحزم، إن قرر التصرف».
بدوره، اعتبر السناتور الجمهوري جون ماكين أن على بلاده التحرك بشكل «سريع وجدي جداً» للرد على الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري.
وقال ماكين، في مؤتمر صحافي في العاصمة الكورية الجنوبية سيول أمس، «نعرف يقيناً أنه (الأسد) استخدمها (الأسلحة الكيميائية) مرة واحدة على الأقل، والآن هذه هي (المرة) الثانية، وهي مروعة للغاية»، مضيفاً أنه «إذا وقفت الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي ولم تتخذ إجراء جدياً للغاية، وليس مجرد ضرب بعض صواريخ كروز، ستتضاءل قدراتنا في العالم بشكل أكبر، إذا كان قد تبقى شيء منها».
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أكثرية الأميركيين تعارض الدخول في حرب جديدة في الشرق الأوسط، إلا أن المحللين يعتبرون أن الأميركيين يميلون تاريخياً إلى دعم الرئيس في حال بدأ عملية عسكرية.
وفي حديثه ، يقول الباحث في «مشروع ترومان للأمن القومي» المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية آري راتنر، إن الرأي العام «سيؤيد الرئيس طالما أنّ التدخل محدود».
ويضيف أنه «لا يوجد رغبة في الإطاحة بالأسد لأن الولايات المتحدة تتخوف من الفوضى ومن سيطرة المجموعات المتطرفة»، لافتاً إلى أنه «إن أسقطنا الأسد سنبدو وكأننا امتلكنا سوريا، وهذا ما لا نريده، نريد سوريا للسوريين». ويوافقه بافل بالرأي، معتبراً أن العملية «لن تكون طموحة ولن تكون طويلة ومعقدة». وهذا ما يؤكده أيضا غالبية أعضاء الكونغرس من خلال إطلالاتهم التلفزيونية.
وفي هذا الصدد، أشار النائب آدام شيف، الذي كان يعارض التدخل في سوريا سابقاً، إلى أن العملية «ليست مصممة لإطاحة النظام»، لافتاً إلى أن «الكونغرس سيدعم فقط عملية محدودة».
رنا الفيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد