وبعران ربي في البلاد كثير
الميليشيات متعددة الجنسيات ترتكب في سوريا كل ما نهى عنه الرب وحرمته الشرائع والقوانين، والمعارضة متعددة الجنسيات تغمض عينها عن أفعال ميليشياتها الإجرامية اعتقاداً منها أن الفوضى التي تنشرها ستسقط النظام، دون إدراكها أن جدار النظام قد بني من حجارة المجتمع المبعثرة على امتداد زمن طويل إلى درجة أن أحداً لا يعرف أين حجر الأساس سوى بانيه حافظ الأسد، حتى لتبدو سوريا اليوم كجدران قلعة منقوبة أحدثها لصوص الآثار على عجل.. إنه نظام ليس كغيره، عصي على الفوضى كما هو عصي على إعادة تشكيله، ومهما تهدم من جدرانه فستبقى أبراجه قائمة ككل القلاع الأثرية في سوريا، ذلك أن نظام حافظ الأسد استخدم أدوات المجتمع المتوفرة في المكان، حيث قام كل معمرجي فيه ببناء جداره تحت إشراف المهندس السياسي الأكبر، وقد مات أغلبهم وصمت الباقي بعد استبعادهم من إدارة القلعة التي تسلق جدرانها التجار والمستثمرون خلال عقد من الزمان ثم انقلبوا ضدها بعدما افتتح لهم الخليج أسواقه، فصاحب المال وطنه في رصيده البنكي متعدد الفروع والجنسيات، ينقلب حيثما توفرت له أرباح جديدة..
أقول قولي هذا بعدما قضيت ربع قرن من العمل على فهم بنية هذا النظام وتفكيك أنساقه المؤسسية والاجتماعية بأسلوب ساخر ولغة متعددة الإيحاءات: خيط طويل من الحبر اليومي مازلت أجرّه على بياض الورق، أتلمسه ثم أهزه مع كل انطلاقة جديدة نحو غد لا يأخذنا إلى المستقبل لدرجة أنني مازلت أكرر سؤالي منذ ربع قرن: هل الأفق أمام أم خلف؟
***
«هو الذي رأى كل شيء»: كذلك ورد في مقدمة جلجامش، ونصوص الكتب السماوية فيما بعد، وبما أن كل معرفة نحصلها تصبح ماضياً فإن المستقبل الذي نمشي إليه بات خلفنا وغدا ماضٍ مكرر، وبتنا نسير خارج نهر الزمن الذي تتدفق فيه إنجازات الأمم المتحضرة، وفي كل يوم نبتعد أكثر عن مجرى العصر الذي نظن أننا نتدفق فيه، وقريباً نصل الصحارى التي آتينا منها مع جمالنا وتتحقق رؤيتي بتسمية هذا الموقع (الجمل) بغية التذكير أننا لم نتجاوز بعد عتبة ثقافة القوافل وانقسامات معركة الجمل، وإصراري على أن الحل مرهون بالتنوير بعد انقطاع الكهرباء العقلية عن الأحياء الشرقية لقرون مديدة.. الجمل الذي رسم بخفّه خريطة الإمبراطورية الإسلامية، وأنا ممسك بعقاله أستقرئ غد أمتي التي لم تعد أمة وشعبي الذي لم يعد شعباً.. أمسك عقال الكلمات وأجر جملي (بضم الجيم وفتحها) كبدوي يترحل باحثاً عن ماء السلام..
***
والمعارضة متعددة الجنسيات والولاءات، في حجّها المتواصل إلى كعبة البتروهابية في قطر بهدف إقامة خلافة جمهورية إسلامية أمريكية، اختارت لإمامتها خطيباً كان يدعو للأسد في خطبة الجمعة بالأموي، واليوم يدعو لحمد في خطبة الأربعاء، كما فعل من قبله خطيب وإمام جامع ابن الوليد بحمص قبل تسيير جيش حمص الأموي ليقتلوا (بضم الياء وفتحها) في حرب صفين ويقّسموا الإسلام إلى يوم الدين، و مازلنا نقتتل منذ أربعة عشر قرناً لأجل الخلافة وندون معاركنا على صفحات (الجمل) دون أن يتغير شيء سوى في صنوف الأسلحة المستخدمة بالقتل.. لهذا فإن حجاج المعارضة السورية إلى قطر خرجوا من المستقبل في أول خطوة وظفوا فيها خطيب جامع إماماً لهم لم يسبق له أن مارس السياسة أو الإدارة أو الاقتصاد، ولعله يقود سيارته بالطريقة نفسها التي كان يقود بها السلف الصالح ناقته، والأمر يتكرر بعد تجربة تونس وليبيا ومصر التي نجح إمامها في إثبات فشله بأقل من مئة يوم.. حقيقة أنا أحسد النظام على هيك معارضة تّم إعادة تجميعها بالصرماية الأمريكية والشيكات القطرية، فتجمعوا و(ائتلفو)بقوة الحقد ومرجعية العصبيات القاتلة، فأي دولة أو خلافة أو واحة أمان يوفرونها لعموم السوريين؟!
***
ومازلنا ندور في حلقة زمنية مفرغة كأفعى تبتلع ذيلها، وأنا أمسك رأسها متتبعاً مصير فلك نوح في لجة الخوف، بعدما ألغى المعارضون الحوار بين فريقي الأزمة المتقاتلين فوق سطح السفينة السورية التي تلاطم أمواج بحار العالم، وبات الجميع يغتسلون بماء الموت المقدس قبل صلواتهم، من قلعة حارم إلى الجامع الأموي ومن أرض صفين إلى أمارات إعزاز وعربين: قلعة وجامع وإمام وإمارة وبعير وسيوف وسواطير، إذاً هل غادر الثوار من متردم أم أدركت حرب الجمل بعد توهم.. ومازال الملك الضليل يفتش عن مملكته الضائعة عند روم واشنطن الذين ألبسوه ثوباً مسموماً ومات غريباً عند شعاب جبل عسيب حيث يتدفق نهر النفط القاتل نحو بالوعة العرب..
***
وهذي الثورة رجعية في عقلها وسلوكها، غدها أمسها، وبعيرها يعيدها إلى صحراء الربع الخالي من الحضارة والحياة، إنهم قادة الموت والخوف واليباس يجففون نسغ الحياة ويهددون حياة الناس الذين صار أغلبهم كالمستجير برمضاء الدولة من نار الفورة، حيث يتاجر قضاة وشرطة ومخبرون بصمودنا ويغسلون أيدي القتلة من دمنا بالمال ليعودوا إلى سابق سفكٍ وهتكٍ وخيانة، والحسين يقتل من جديد في كل ساعة ودقيقة، لأن السوريين مهتمون بحماية (الجمل) وليس بوحدة الإسلام..
(شرح): بعران جمع بعير وهو حيوان شرقي ورفيق للسلف الصالح يلقب بسفينة الصحراء والأنثى منه تسمى ناقة ولها أربعين اسما في الثقافة البدوية والخف هو قدم الجمل ومنها اشتق اسم الخفافة لحذاء الرياضة الليّن، وقد تم الإستغناء عن الجمل وثقافته السلفية بعد نشوء المدن الإسلامية ودخولها في حضارة الأمم ، غير أن ثقبا زمنياً قد افتتح في جدار الأمة وتدفقت منه جحافل (الإسلافيين الوهابيين المجاهدين) وهم يمتطون جمالهم و يدمرون كل ماله علاقة بالحداثة في حياتنا، فكان لزاما علينا أن نعمل على استعادة التنوير الذي بدأه شيوخ عصر النهضة السنة والموارنة قبل قرن من الزمان، لعل الأمة تتمكن من العودة إلى قطار الحداثة الذي ألغى قافلة الجمال، ولكن إلى حين ، إذ لم نكن نعتقد بوجود الثقب الزمني سوى في أفلام هوليود..
(شرح الشرح): القطار هو قافلة الجمال وأطلق مجمع اللغة العربية هذي التسمية على الترين بعد استيراد عرباته إلى الخط الحديدي الحجازي الذي كان يصل دمشق بالحجاز حيث استغني به عن محمل الحج الدمشقي الذي كان يهاجمه بدو الحجاز فينهبون الحجاج ويعتدون عليهم..
نبيل صالح
التعليقات
غطيني يا صفية مفيش فايدة
هل الأفق أمام أم خلف ؟نحن
.فقط هناك سؤال اشغلني هو :
كم استمتعت أثناء قراءتي للمقالة
أفكار بصوت عالي؟
حزورة
صياغة جديدة للتحالفات
الله يحمي سوريا تكالب
موضوع معاد... نظرا للأهمية
إلى الوراء در
الأسود تحدد مستقبل المنطقة
الله يرحم ترابك ياحافظ الاسد
أفق
أتمنى أن لا يطول الترحال
خربطة وتفشيش
كشف الأقنعة
خلطة حقارة
مريض ...
ساقول لك بصراحة رؤيتي
الولادة الساخنة لسوريا
وبعران ربي في البلاد كثير
وزع امير الؤمنين قسائم النصر كما قلنا
طعنات الغدر أصعب من المواجهة مع العدو الاسرائيلي
مشعل أكثر راقصات روتانا فجوراً
الخروج من الأمة
المشكلة أين
زواج سياسي تحت الطلب
سورية الأسد
أولاد الزّنا ..والحمل الحرام.
أردوغان في الحاوية
المقاومة الشعبية
الوطنيون والتقدميون العرب أين هم
اين دولتنا من عقاب صقر والحريري ولبنان
إضافة تعليق جديد