يانافخاً قلبي..
ألو:... متى ستحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي في سوريا برأيك؟
عندما تحل المشكلات الأخرى (بضم الهمزة).
ولكن للكهرباء أهمية قصوى بالنسبة للناس أليس كذلك؟
طبعاً، خاصة وأن الإنسان في القرن (الحادي والعشرين) أصبح يمتلك عدداً كبيراً من الأجهزة الكهربائية.
ولكن ما سبب المشكلة برأيك؟
هناك أسباب للمشكلة تتلخص بـ:
1 - أن هناك هدراً للتيار الكهربائي من قبل المواطنين في منازلهم ومكاتبهم.
2- وهناك لامبالاة بالكهرباء من قبل بعض القائمين على القطاع العام.
3- وهناك تزايد في عدد السكان لم يحسب الكهربائيون حاجاتهم المتصاعدة للكهرباء بدقة.
4- وهناك ارتفاع عالمي في أسعار المازوت الذي يولد الكهرباء.
5- إضافة إلى عدم البحث عن طرق جديدة لإنتاج الكهرباء بكلفة أقل.
بالنسبة للهدر من قبل المواطنين، كيف يمكن السيطرة عليه؟
بفرض عقوبات مالية على من يهدر الكهرباء.
وبالنسبة للقطاع العام؟
بفرض عقوبات إدارية ومالية أيضاً من قبل المديرين، على الموظفين الذين يتركون مكاتبهم منارة أو مكيفة، ويذهبون بعد انتهاء الدوام دون أن يأبهوا للهدر.
وبالنسبة لإيجاد طرق بديلة لإنتاج الكهرباء، كيف يمكن أن يتم ذلك؟
عن طريق الطاقات البديلة، كالشمس والرياح وغيرها.
بالمناسبة سمعت أن الإمارات العربية المتحدة تقدمت بطلب للمعنيين لتركيب مراوح هوائية مجاناً لتوليد الكهرباء في سوريا، لكن الجهات المعنية لم توافق على إعطائهم الأرض التي سيركبون عليها مراوحهم، فهل هذا صحيح؟
يقال بأنه صحيح.
إذاً لماذا لم تعط الأرض لهم؟
لأن المراوح تقدمة مجانية.
وما المشكلة في ذلك؟!
المشكلة في مجانيتها، فالبعض يريد شراءها على ما يبدو.
ولماذا يريدون شراءها إن كانت مجاناً؟
كي لا يخسر البعض.
وماذا سيخسر البعض من مجانيتها؟
عمولة الشراء.
ولكن هل تعمل المراوح في جو بلادنا؟
طبعاً فالهواء متوفر..
وإن تغير المناخ وخفت سرعة الهواء ماذا يمكن أن نفعل؟
نخرج غالبية موظفي القطاع العام (لينفخوا) عليها كي تدور، ونربح.
وماذا سنربح إن خرجوا ونفخوا؟
أولاً: سنولد الكهرباء نفخاً، ودون كلفة.
ثانيا:ً سنوفر ما يهدره النفّاخون من الطاقة الكهربائية بسبب خروجهم من مكاتبهم لممارسة النفخ.
ثالثاً: قد تحدث الحكومة وظيفة (نفّاخ) تستوعب من خلالها العاطلين عن العمل، ولكن بعد أن تتبعهم لدورة تخصصية يحاضر فيها (عدة منافيخ) ثم تؤسس لمتبعي الدورة إطاراً تنظيمياً يجمعهم كالـ (مديرية العامة للنفخ والطاقة) أو (الإدارة العامة للنفخ والإنتاج الكهربائي) وقد تحدث كليات تدرس النفخ في الجامعات يدخل المنتسبون إليها بالمفاضلة، ويسمى الدارسون فيها (سنة أولى أو ثانية نفخ) وبعد التخرج، ينضمون إلى الإطار التنظيمي المحدث، وبما أنهم جامعيون، قد يوظفون بدرجة (نفّاخ أول) يمضي (سنتين) ينفخ فيها في الريف، ثم يعود إلى مدينته، وقد تسمح الحكومة للنفاخين بتشكيل نقابة خاصة بهم، تسمى مثلاً: (نقابة النفّاخين) وبالطبع فإن (نقيب النفّاخين) سيكون مرشحاً بقائمة منفوخة، وستصدر قائمة أيضاًَ بـ(مجلس إدارة النفاخين) الذين سيقترحون النظام الداخلي لها، والذي سيسمح في إحدى مواده لأعضاء النقابة بالنفخ، ولمجلس إدارة النقابة بالانتفاخ، وسيعرضون النظام الداخلي على الهيئة العامة لتصوت عليه، وفور انتهاء اجتماع (الهيئة العامة للنفاخين) التي قد تنعقد تحت شعار (نحو نفخ أصيل ممنهج) يلقي النقيب المنتخب كلمة عصماء، (ينفخ بها قلوب الحاضرين) وسيجتمع مجلس الإدارة المنتخب، ويبدأ الصراع على حقيبة مدير العلاقات الخارجية في النقابة، والفائز بالحقيبة، سيسافر إلى الخارج (بصحبة النقيب حتماً، وعلى نفقة النقابة) وقد يعمل هناك على إنشاء (اتحاد النفّاخين العرب) الذي سيقوم بدوره بالاتصال بالهيئة العامة للأمم المتحدة، لإنشاء (الاتحاد الدولي لنفّاخي العالم) وستضيف الهيئة الاتحاد الجديد إلى منظماتها الدولية، وتشكل لجاناً لها في الدول (الصديقة والشقيقة) وستصدر هذه اللجان بيانات تشجب فيها تدخل هذه الدول في (الطاقة الكهربائية والذرية والبحرية والنهرية والهوائية والشمسية وتدافع عن حقوق المرأة والطفل والإنسان والحيوان وكل ماهو فلتان) وسيكون النقيب عضواً في في قيادة الاتحاد الدولي، لكونه عضواً مؤسساً فيها، وقد يصدر تقرير التنمية البشرية وتتصدر فيه الولايات المتحدة الأمريكية، طليعة الدول النافخة في العالم، وقد يقوم الرئيس (جورج بوش) بطرح برنامج جديد (للنفخ الأمريكي) على الكونغرس لإقراره، ومن ثم (فرضه على الاتحاد الدولي لنفّاخي العالم) وقد يلاقي البرنامج الجديد رفضاً من البعض، وقبولاً من البعض الآخر، مما يدفع الرئيس الأمريكي لشن حرب على الرافضين نفخه.
أما بقية أعضاء المكتب التنفيذي لنقابة النفّاخين، فسيتوازعون الحقائب المتبقية، و(سينتفخون أكثر من غيرهم) لأنهم سيمارسون (النفخ والانتفاخ، وبارك الله بمن نفّع واستنفع) وستنشئ النقابة صندوقاً للضمان الصحي، لأن النفاخين معرضون لأن ينتفخ قلبهم أكثر من غيرهم، وقد تتبنى النقابة القصيدة التي يغنيها عبد الحليم حافظ (يانافخاً قلبي – ياآسراً حبي) كخطة عمل لها، وقد يصبح المثل الشعبي المتداول في مسلسل باب الحارة: (لاتنفخلي بنفخلك) وفي مسلسل ليالي الحلمية: (بين النافخ والمنفوخ يفتح الله) وقد تغني أم كلثوم: (ياترى ياواحشني، بتنفَّخ بإيه؟) وقد يدرَّس الفرق بين الـ(النفخ والمنفاخ والنفّاخ والنافخ والمنفوخ) في مناهج اللغة العربية للحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، وقد لايحدث كل ذلك، ولاتحل مشكلة انقطاع الكهرباء، وقد..
(مقاطعاً) وهل تظن أن هناك من يوافق على العمل بوظيفة نفاخ؟
طبعاً، فالناس (ينفخون الآن مجاناً) ومن دون وظيفة، فكيف إن تقاضوا رواتباً على نفخهم، ودرسوا النفخ أكاديمياً، وأصبح لهم نقابة، وضماناً صحياً، ومنظمة دولية!!
ولماذا ينفخ الناس الآن؟
من فرط الرفاهية.
لنفترض أن جميع ما تقوله قد تحقق، هل تتصور أن مشكلة الطاقة الكهربائية ستحل؟
طبعاً، لكن على الأرجح (عندما تحل عندنا) سيكون العالم قد استغنى عن الكهرباء، بينما نحن ننفخ.
أيمن الدقر
إضافة تعليق جديد